حكاية الكلب الأسود

mainThumb

05-11-2022 09:18 PM

هذه الحكاية سمعتها من بطلها
حدثني فقال متنهدا كانه يجتر الأسى والحزن على ما مضى من أيام شبابه : أترى تلك المرجة التي تلوح من بعيد فقلت نعم : قال في ربيع عام 1930 كنت في السادسة عشرة من عمري إذ وقعت لي فيها حكاية غير معقولة. في ضحي يوم من أيام الربيع كانت امي ،عليها رحمة الله، تخبز على الصاج فخبزت اول رغيف ولما نضج وضعته على صينية قش قريبا منها ، فجاء كلبنا شديد السواد لا شية فيه وخطف الرغيف وولى هاربا ، كرر خطف ارغفة الخبز ثلاث مرات ، وفي المرة الرابعة كمنت له خلف زير الماء وعندما اقترب من الصينية ضربته ضربة قوية بعصا على ظهرة فولى يعوي... لم يعد الكلب في المساء الى البيت ... وفي اليوم الرابع من اختفاءه كنت سارحا مع بقراتنا في مساحة عشبية خضراء .كانت درجة الحراة معتدلة وغيوم بيضاء متفرقه في السماء : كان البقر يرعى العشب فتمددت على الربيع متكأ على ذراعي الايسر اخذت أتأمل الربيع امامي والاحظ الدود الربيعي يتحرك على أوراق العشب امامي ... فجأة تحرك العشب العالي كأن شيئا يشق طريقه في وسط الربيع . كان الربيع يميل نحو الارض في خط يتجه نحوي لم اشاهد شيئا ، امسكت العصا التي معي بحذر ظانا انها قد تكون هابشة تتحرك في العشب , لكن فجأة ظهر لي عند قدمي جنديان صغيران لا يزيد طولهما عن قدم . كانا يرتديان لباس فرسان ... حملقت بهاما بصمت أحاول تبديد الوهم لكنهما تقدما فوقفا امامي... كان حجم الواحد منهما صغير لا يزيد عن ملء كف اليد !
قال احدهما: انت رشيد فأجبت لااراديا : نعم انا! قالا بصوت واحد : هيا قم ! قلت الى اين ! قالا الى الحاكم! فركلتهما بقدمي استهتارا . فصدر منهما صوتا يجلجل كالرعد في السماء وانتفضا واخذا يكبران حتى اصبحا عملاقين ضخمين فشدني احدهما واشبعني ركلا قائلا هيا : تعال معنا وقاداني في نفق مظلم في آخره ضوء ضعيف. سرت معهما ولما وصلنا بعد ساعة الى آخر النفق حيث الضوء فإذا بنا ندخل سوق البلد الرئيس . كانت البلدة مدينة زاخرة بالحركة و رأيت أدوات منزلية وحوانيت أقمشة و سمعت حركة وضجيجا لكن المخلوقات فيها غريبة الاشكال فمنهم من يمشي على ثلاثة ارجل ومن يمشي على يديه بدل قدمية، ومررنا قريبا من مقبرة المدينة .. فذعرت ذعرا شديدا عندما شاهدت هياكل عظمية تطل جماجمها من فوق نصب القبور تناديني باسمي سمعت احدها يناديني باسمي قائلا : الويل لك الويل لك ,,, أغاني دلعونا لن تجديك شيئا .. بعد المقبرة قام بناء ضخم امامه ساحة عشبية ترعي فيها بغال شفافة ترى احشائها عبر جلدها الشفاف وتبدو عظامها شديدة البياض . لكن ما اضحكني هو مجموعة من العجائز يتلاعب الهواء بشعرهن المنفوش كبر سنام البعير يغنين : ويلي ما احلاها البنت النورية ويلي ما احلاها الهطرا على نبع الميه ... كن يشكلن حلقه حول خنفس مزابل ضخم يعزف الناي فيرقصن على انغامه . قالت جمجمة مثقبة : هذا غبي حرث عليه انتهازيون سينين طويلة يبحث عن نملة في بيدر قش تشتعل فيه النار لكنها لا تأكله .فجأة رأيتني ادخل قاعة بين صفين طويلين من حراس يحملون هراوات وخناجر بيد كل واحد منهم صينية هريسة وامامه قدر ملوخية يغلي فوق النار وارانب تهرب بعيدا. وانتهى بنا الصف الطويل الى قاعة محكمة فيها قضاة . وقفت متسمرا مذهولا بما رأيت.
سمعت صوتا جهوريا صارخا بي: أأنت رشيد راعي بقرات جفال بن مناحي!
فقلت نعم انا.

قال : لماذا ضربت هذا الرجل؟
فقلت : أي رجل؟
شعرت براسي ينحرف يمينا فشاهدت كلبنا الأسود وقد أشار اليه سهم نور احمر
فقلت هذا كلبنا !
فقال : لم ضربته وسببت له الألم؟
فقلت لأنه خطف ارغفة الخبز. فسال الكلب الا يطعمونك مما يأكلون كل وجبة طعام اجاب الكلب نعم
قال الحاكم : انت تستأهل ما جرى لك !
أعيدوا رشيدا الى اهله . وهنا انزلقت يدي اليسرى من تحت راسي فطاح فوق العشب فأفقت فإذا بي في مكاني فوق العشب والبقر ما زال امامي يرعى.
وأضاف انا لا انس َ ما جرى لي ذاك اليوم واتذكره كانه حدث الان. ثم قال:
زمان العز يشرح الخواطر
زمان الذل يغشاه السواد
كما الدولاب هذي الدنيا تراها
وحكم الله ع المخلوق بادي !


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد