الفساد الجمعي

mainThumb

11-12-2022 11:58 PM

بداية لا نتكلم في هذا المقال، عن بلد معين، بقدر ما سنشخص حالة تعاني منها المجتمعات، خاصة العربية، وتنخر في مؤسساتها وتضعف تقدمها وتطورها.

من الصعب جداً أن نطلق كلمة فاسد على إنسان سواء كان موظفاً بسيطاً أو كبيراً، عاملاً أو تاجراً.. الخ، دون تحقيق الدليل، ووضوحه وضوح الشمس، فقذف الناس بالاتهامات الباطلة فيه مسؤولية قانونية قد تعرض مطلقها للمساءلة والمحاسبة أمام القضاء.

وكلمة فساد أو فاسد، لا تُحصر فقط بـ » المسؤول» أو الطبقة السياسية، فقد يكون الفاسد عاملاً بسيطاً أو موظفاً في أدنى السلم الوظيفي، وعندما ينتشر الفساد بين هذه الفئات، هنا تكون الخطورة لأننا نصبح أمام حالة «الفساد الجمعي» الذي سيغرق المجتمع.

فمثلاً، عندما تسافر إلى بعض الدول، وتريد أن تركب سيارة أجرة أو تزور منطقة سياحية أو تدخل مطعماً، فإنك تخشى أن تكون هدفاً للاستغلال ممن تتعامل معهم، وأنك ستنفق أموالاً على خدمات بأعلى من سعرها الحقيقي، وهذا حدث ويحدث مع الكثيرين، وهنا نكون أمام حالة الفساد الجمعي الذي ينهش بالمجتمع بشكل دائرة مكتملة ودون توقف.

فعندما تذهب الى السوق وتريد شراء سلعة ما، يتبين لك أن هناك فوارق سعرية بين محل وآخر، فتبقى تشعر بالخوف من أن تقع ضحية الغش، فدائماً أنت في حالة شك وعدم ثقة ممن تشتري منه، وهنا نكون أمام حالة بشعة من «الفساد الجمعي» الذي يبدأ من الإنسان البسيط الى الإنسان الكبير سواء كان اقتصادياً أو سياسياً أو اجتماعياً.. الخ، في عملية تطحن خلالها المجتمع وتضرب الثقة بكل شيء.

وفي حالة الفساد الجمعي، لا يعقل ان توجه الاتهامات الى الطبقة السياسية أو الحكومة بأنها «فاسدة»، فالفساد هنا مشترك ومنتشر بين فئات المجتمع، فمن يطالب بمحاسبة الحكومات او اسقاطها تجده فاسداً في الاساس، وجزء من السلسلة المتصلة أو كما قلنا » الدائرة المتصلة»، والتي تنخر بالمجتمع.

ونرى أن التخلص من حالة الفساد الجمعي، لا يكون إلا بطريقة واحدة، وهي احترام سيادة القانون، وأن الجميع تحت القانون، ومن يحاول التجاوز والتعدي على سيادة القانون، هو من يعتدي على الوطن ويضرب مبادئ الوطنية ويدمر مؤسسات الدولة، والأمثلة كثيرة على تعامل الدول الديمقراطية مع حالات التعدي على سيادة القانون بحزم، فنرى رؤساء دول وسياسيين كبارا قضوا سنوات خلف القضبان لمجرد أنهم تلقوا رشى أو هدية أو أقاموا وليمة على نفقة الدولة أثناء توليهم مناصبهم.

فعندما تصل الدول النامية الى هذا الاحترام والالتزام الكبير للقانون تصبح في مصاف الدول المتقدمة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإلا بقيت دولاً هشّة ينخرها الفساد الجمعي.

فاحترام القانون والالتزام به مسؤولية الجميع هنا، والأخطر أن يكون التعدي على التشريعات الوطنية من مؤسسات رسمية..!.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد