الأردن والاستدامة المالية

mainThumb

30-12-2022 11:52 AM

تزايد الاهتمام بالاستدامة المالية في السنوات الأخيرة، وقد انعكس ذلك على السياسات الوطنية سواء في الدول المتقدمة أوالنامية، وتزايد توجه واهتمام الشركات في القطاع الخاص نحو تبني سياسات الاستدامة المالية،لما لها من دور مهم في التنمية على المستوى المالي والاقتصادي، في تحسين ميزان المدفوعات، وتنويع الاقتصاد، وزيادة نمو الناتج المحلي، وخلق فرص عمل للمواطنين، وامتصاص الصدمات الخارجية، بالإضافة الى أن الاستدامة المالية لها دور مهم على المستوى الاجتماعي والبيئي.
.
ويشير مفهوم الاستدامة المالية على مستوى الدولةالىإيجاد تخطيط مالي وتطوير المالية العامة لتحقيق ميزانية متوازنة، وتأسيس منظومة قادرة على التأثير والتفاعل الإيجابي مع التحولات المالية والاقتصادية، من أجل تحقيق إصلاحات هيكلية تواكب متطلبات مرحلة التحول، ويشير مفهوم الاستدامة المالية على مدى قدرة القطاع العام والجمعياتوالمنظمات والشركات والبنوك في الحفاظ على التوازن والاستقرار المالي، ضمن سياق يعتمد فيه بشكل رئيسي على ثلاث محاور أساسية:وهي الاقتصاد والمجتمع والبيئة، وقد أظهرت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 في أمريكا والناتجة عن أزمة الرهن العقاري، أن الشركات ذات الاستدامة المالية الأكبر كانت أقل تأثرا بالأزمة المالية وتداعياتها.
.
وفي ظل ما يمر به الأردن من تحولات اقتصادية واجتماعية وبيئة، تعتبر الاستدامة المالية ضرورة لا ترف، وذات أهمية كبيرة في هذه الفترة الحرجة من التحولات المحلية والإقليمية والعالمية، لأنها تساعدنا على فهم ومعالجة المخاطر التي تؤثر على التوازن والاستقرار المالي، حيث أنها تساعد على تحقيق التوازن بين القيمة المالية من جهة، والقيمة الاجتماعية من الجهة الأخرى، وتساهم في استعادة الموارد الطبيعية بدلا من استغلالها ونفادها، كما تساهم في الحد من التلوث والمحافظة على البيئة، وقد شقت الدول المتقدمة طريقها في هذا المجال بوقت مبكر وأدركت حجم المنفعة العائدة على الاقتصاد والمجتمع والبيئة.
.
وتقع مسؤولية التوجه نحو الاستدامة المالية في الأردن على صناع السياسات ومتخذي القرارات، لتوجيه القطاع العام أو الخاص نحو تحقيق أهداف الاستدامة المالية، وهناك نقاط متفق عليها عالميا في تصنيف الجمعيات والشركات والمؤسسات المالية بناء على المسؤولية الاجتماعية، حيث يتم تصنيفها بناء على مدى تواصل الشركة وارتباطها مع المجتمع، ومدى التنوع فيها بالاهتمام في الأقليات والمرأة، وعلاقات الموظفين، والعلاقات النقابية، والأمان الوظيفي، العناية في البيئة بتقليل الانبعاثات والسموم، وجودة المنتج على المدى الطويل.
.
وبتفصيل أكثر، على مستوى التواصل الاجتماعي، تعطى الأفضلية للشركات التي تساهم في التبرعات الخيرية بنسبة لا تقل عن 1.5% من أرباحها ما قبل الضريبة، ومشاركتها مع القطاع العام بدعمها لمبادرات الإسكان والتعليم للفقراء والمحتاجين على المدى الطويل، ومشاركتها في برنامج التدريب الوظيفي.
.
أما على مستوى التنوع، فيمكن أن يكون المدير التنفيذي امرأة أو من الأقليات والتركز على تعزيز المرأة والأقليات وترقيتهم في العمل، ومحاولة وجود تنوع في مجلس الإدارة، وفتح مبادرات في توظيف ذوي الحاجات الخاصة. وعلى مستوى علاقات الموظفين، فوجود علاقات نقابية قوية نسبيا، ومشاركة العاملين في نسبة من الأرباح، وتبادل المعلومات المالية والمشاركة في صنع القرار، ورواتب تقاعدية كافية جميعها تساهم في توطيد علاقة الموظفين مع بعضهم البعض ومع المجتمع.
.
أما على مستوى البيئة، محاولة تعزيز العائدات المالية من المنتجات العلاجية، والحد من الانبعاثات والسموم، وإعادة تدوير المواد في التصنيع. وأخيرا على مستوى المنتج، حث المؤسسات المالية والشركات الأردنية بأن تضع برامج جودة طويلة الأمد، لتقييمها بشكل دوري بين الصناعة، وأن تكون رائدة في مجال البحث والتطوير، وأن تقدم منتجات أو خدمات تعود بالنفع على المحرومين اقتصاديا.
.
وبالمقابل، وضع غرامات على الشركات التي يحدث فيها خلافات مع أفراد المجتمع، أو التي تميز بين العمال، والشركات التي لا يوجد فيها تنوع في مجالس الادارة، أو الشركات التي تتعرض الى خلافات استثمارية، أو الشركات التي تقوم بتسريح العمال بنسب مرتفعة، أو تقدم رواتب تقاعدية قليلة،ووضع غرامات على الشركات التي لا يوجد فيها برنامج للسلامة العامة أو لسلامة المنتج، أو الشركات التي تزيد من الانبعاثات الكربونية وتلوث البيئة.
.
يجب على صناع السياسات في الأردن التوجه السريع نحو الاستدامة المالية، على مستوى الدولة والقطاع العام، وعلى مستوى الشركات والقطاع الخاص، ومحاولة زيادة تشاركية القطاع العام مع القطاع الخاص، وتقديم الدعم لهم، لينعكس ذلك بشكل إيجابي على الاقتصاد والمجتمع البيئة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد