مخاطر الحياد في حرب السودان
قوات الدعم السريع في المقابل هي ميليشيا قيادتها أسرية، وتكوينها عشائري في المقام الأول، وتخضع لنفوذ ومصالح وطموحات قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) ونائبه وشقيقه عبد الرحيم. والذين يقولون إنهم يراهنون على حميدتي كمدافع عن الديمقراطية والحكم المدني ودولة القانون واهمون، ويغضون الطرف عمداً عن ماضيه الملطخ بالدماء من دارفور، حتى أحداث فض الاعتصام في الخرطوم. الرجل ليست لديه مؤهلات ديمقراطية ولا عسكرية، كل همه هو حماية مصالحه التي توسعت من نهب موارد البلاد، ونفوذه القائم كلياً على ميليشياته التي نمت حتى أصبحت قوة موازية للجيش، وطموحاته التي تضخمت حتى بات يطمح لأن يكون الرجل الأول في البلاد والحاكم الفعلي.
والحقيقة أنه كان يناور ويحاول الركوب على ورقة التحالف مع قوى مدنية لتحقيق أهدافه وطموحاته الخاصة بعدما تباينت المصالح بينه وبين الجيش ووصلت العلاقة إلى طريق مسدودة. فالرجل عندما كانت مصالحه مضمونة بالتحالف مع قيادة الجيش، كان معها على طول الخط، بما في ذلك مشاركته في انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، الذي أطاح الحكومة المدنية. لكن عندما تباينت المصالح والحسابات، بدأ يبحث عن تحالفات لإضعاف الجيش، وللالتفاف على مسألة دمج قواته في القوات المسلحة التي لم يكن يريدها، وإن صرح بغير ذلك إعلامياً، لأنها إن تمت فستعني نهاية نفوذه وطموحاته.
ما حدث يوم السبت الماضي كان بوضوح محاولة انقلابية نفذتها قيادة قوات الدعم السريع وخططت لها جيداً، فجلبت مزيداً من قواتها ونشرتها في الخرطوم وحولها، واستأجرت منازل في مناطق متفرقة من العاصمة كمقار سرية لتحركات قياداتها أو لإخفاء مؤن وذخائر، ثم بإرسال أرتال من السيارات والقوات للتمركز في منطقة المطار العسكري في مروي انتظاراً لساعة الصفر للانقضاض والسيطرة عليه.
والطريقة التي وقعت بها الأحداث في اليوم الأول توحي بأن الجيش بوغت بالهجمات، وإلا كيف نفسر فقدانه لعدد من المواقع المهمة والمراكز العسكرية الحساسة في العاصمة وخارجها، بما فيها مقار وحدات عسكرية ومطار مروي ومقر الإذاعة والتلفزيون وغيرها، بل اقتحام منزل القائد العام الفريق عبد الفتاح البرهان؟ لو كان الجيش هو المبادر لكان قد استعد بقواته، وأمّن كل المواقع الاستراتيجية، بل لسعى لاعتقال قيادات الدعم السريع.
سيتضح مع الوقت حجم التآمر الذي حدث في هذه الحرب والتخطيط المسبق لها، وأي جهات كانت ضالعة فيها سواء داخلية أو خارجية. فالجيش في بياناته قبل يومين أشار إلى أن قوات الدعم السريع كانت تحشد في مطار مروي لتأمين هبوط طائرة مساعدات عسكرية من «جهات إقليمية». وعلى الرغم من نفي قيادة الدعم السريع لهذا الأمر، فإن هناك مؤشرات توحي بغير ذلك.
بعض الناس يروجون لنظرية «طرف ثالث» ويقولون إن عناصر من فلول النظام السابق ومن ضباط الحركة الإسلامية في الجيش هم الذين أطلقوا الرصاصة الأولى للتخلص من «الدعم السريع» الذي يرونه اليوم عدواً بعدما كان بالأمس حليفاً، ولتوجيه ضربة قاتلة للاتفاق الإطاري لإعادة المسار المدني الديمقراطي الذي يبعد آمالهم ومخططاتهم للعودة إلى السلطة. الإشكالية في هذه الفرضية أن استعدادات وتحركات قوات الدعم السريع قبل اندلاع المعارك توحي بأنها كانت المبادرة بالتحرك وإطلاق الرصاصة الأولى. لكن الإسلاميين كعادتهم سارعوا إلى استغلال الوضع وركوب الموجة وكأنهم الجهة الوحيدة الداعمة للجيش، علماً بأن غالبية السودانيين تقف خلف الجيش في هذه المعركة، وهذه الغالبية ذاتها ترفض عودة النظام السابق، الذي عانت الويلات من حكمه.
كثير من الأمور سوف تتضح لاحقاً، لكن المهم الآن أن ينتصر الجيش في هذه المعركة، لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال قبول أن تحكم السودان ميليشيا، أو أن تكسر قواته المسلحة. فالوضع الآن لا يحتمل وقوفاً على الحياد، والانحياز إلى جانب القوات المسلحة هو الوقوف إلى جانب حماية الوطن، وضد وجود أي سلاح منفلت خارج سيطرة مؤسسات الدولة. فلا يمكن لأي دولة عاقلة قبول وجود ميليشيات على أراضيها تريد السيطرة على الموارد وبناء شبكة خاصة من النفوذ والعلاقات الخارجية، وتتحرك كلاعب يسعي للتأثير في خريطتها الأمنية والسياسية.
أبعد من ذلك، فإن سقوط السودان في أي فوضى سيقود حتماً إلى انتقال بؤر «الإرهاب الهائم» إليه، بكل ما يعنيه ذلك من مخاطر على البلد ومحيطه. فالإرهاب يبحث دائماً عن بؤر الحروب والفوضى، وخلاياه الناشطة في دول عربية وفي المحيط الأفريقي ستعتبر السودان المترامي الأطراف صيداً جديداً وبيئة خصبة لنشاطها المدمر، ولا سيما أنه بحدوده المترامية متصل بـ7 دول، وليس بعيداً من دول أخرى أصبحت مرتعاً لتنظيماته.
هذه الحرب أفرزت بالتأكيد واقعاً جديداً بعد أن دفنت الثقة تماماً بين قيادتي الجيش والدعم السريع، ما يجعل موضوع مفاوضات بين الطرفين لإعادة الأمور إلى نصابها، واستئناف محادثات الدمج، أمراً صعباً للغاية. فكل طرف يبدو عازماً على الاستمرار في المعارك حتى يقضي على الآخر، والكفة ترجح الغلبة للجيش. في هذه الحالة، يبقى السؤال هو؛ ما مصير حميدتي ونائبه؟ هل يتمكنان من النجاة من رصاص المعارك، والهروب من ملاحقة الجيش؟ وإذا نجحا في ذلك، هل يكون بمقدورهما تجميع ما تبقى من قواتهما والحصول على موارد ودعم خارجي بالضرورة لبدء حرب تمرد جديدة؟
مثل هذا السيناريو إن حدث سيقود إلى وضع خطير يطول معه أمد الحرب، وتفتح معه احتمالات أن تتحول إلى حروب داخلية متعددة الجبهات، ما يعنى فوضى خطيرة وتطورات قد تجر إليها أطرافاً خارجياً في ظل مصالح وحسابات متضاربة، وهو ما لا يتمناه عاقل، ومن المصلحة أن تعمل كل الأطراف لمنعه.
هذا الأمر لا يتوقف فقط على نتيجة المعارك الدائرة حالياً، بل أيضاً على ما سيحدث بعد توقفها، وما إذا كانت القيادة العسكرية ستواصل التزاماتها بتوقيع اتفاق مع القوى المدنية لنقل السلطة، أم أنها ستمضي في طريق جديدة، وتنفذ رؤية خاصة بها للبقاء في السلطة بشكل صريح، أو من خلال «فترة انتقالية» باتفاقات جديدة وشروط مختلفة تثير مزيداً من الخلافات والتوترات. الكثير سيعتمد على موقف القوى المدنية ومدى قدرتها على رص صفوفها والتوافق للضغط على المكون العسكري لاحترام التزاماته، وأيضاً على مدى استمرار الضغوط الدولية لتحقيق انتقال سريع للسلطة.
المهم في هذا الإطار أنه إذا كان الناس يطلبون عودة الجيش إلى الثكنات، وينادون بجيش مهني قومي يبتعد عن السياسة، فإن القوى السياسية عليها أيضاً الابتعاد عن الجيش وعدم الزج به في صراعاتها وخصوماتها أو طموحاتها. فهذه المسألة كلفت السودان سنوات طويلة من استقراره، الذي يتعرض اليوم لهزة أخطر عندما هيأت الصراعات والمناورات لقيادة ميليشيا الدعم السريع تجريب طريق الانقلابات.
ارتفاع سعر أونصة الفضة يتجاوز 100% منذ مطلع 2025
التنمية تعلن حل 66 جمعية .. أسماء
مصر تهزم زيمبابوي في افتتاح مشوارها بكأس أمم أفريقيا 2025
الداخلية السورية: قسد نفذت اعتداءات ممنهجة على أحياء حلب ومشفى الرازي
وزيرة الأمن الداخلي الأميركية: على مادورو الرحيل
تراجع مبيعات العقار 13% .. ومطالب بتخفيض فوائد القروض السكنية
بحبح: حماس مستعدة للتفاوض حول نزع السلاح
نواب: قانون المعاملات الإلكترونية الجديد يلغي الاستثناءات
ممداني يشجّع أسود الأطلس وسط الجالية المغربية
قصي خولي ينهمر في البكاء .. ما السبب
إيمي سمير غانم تثير الجدل: لو حسن الرداد تزوج غيري من حقه
قيادة أركان الجيش السوري تأمر بوقف استهداف مصادر نيران قوات "قسد"
مهاجم زامبيا يسقط على رقبته بعد هدف قاتل في كأس أمم افريقيا
الحسين إربد يتعاقد مع البرازيلي ني فرانكو مديرا فنيا للفريق الأول
نتنياهو: إسرائيل تعلم أن إيران تجري "تدريبات" في الآونة الأخيرة
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي والبحرية الأردنية .. تفاصيل
طريقة لزيادة عمر بطاريات الهواتف الذكية
أبرز مواصفات الهاتف المنتظر من Realme
تجارة عمان تدعو لإنشاء مجلس أعمال أردني -أذري
وظائف شاغرة بدائرة العطاءات الحكومية
الأردن يوقع اتفاقيتي توسعة السمرا وتعزيز مياه وادي الأردن
المملكة على موعد مع منخفض جوي جديد .. أمطار وزخات ثلجية وصقيع واسع ليلاً
الصناعة توافق على استحواذين في قطاعي الطاقة والإسمنت
الأردن يشارك في البازار الدبلوماسي السنوي للأمم المتحدة
جماهير الأرجنتين تنحني للنشامى بعد نهائي كأس العرب
بحث التعاون بين البلقاء التطبيقية والكهرباء الأردنية

