نظرة جديدة على المسألة السودانية
وكما هو واضح، فإن الموقف كان لحظة حاسمة في تاريخ السودان بين بقاء الدولة على حالها موحدة ومتماسكة، أو يكون هناك انقسام وانفصال، وفي الحالتين لم يكن معلوماً كيف سيكون الحال وكيف ستكون علاقات الطرفين مع بعضهما بعد أن يمض كلٌ منهما إلى حال سبيله. النتيجة الآن نعرفها، وهي أن أسوأ السيناريوهات جاءت إلى الحقيقة، ولم يحدث الانفصال فحسب وإنما تلاه عنف كثير، سواء في الدولة الجديدة لجنوب السودان أو دولة المنبع جمهورية السودان. لم يكن قد هلّ بعد «الربيع العربي» حتى ولو كان ما جرى في السودان تعبيراً عن نبوءة مروعة قد تحققت، أو كابوساً مزعجاً لا يقظة منه.
أو على الأقل، فإن ذلك هو ما نشاهده الآن في السودان، وساعة كتابة المقال قبل أيام عيد الفطر فإن ضحايا العنف تتزايد، بينما الصيحات الدولية والإقليمية كلها تدعو إلى وقف إطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إما مراعاة لأيام مفترجة في الشهر الكريم، أو بحثاً عن فجوة زمنية تسمح بالتفاوض والمساومة في أيام عيد الفطر، وكلتا الحالتين فيها نوع من التغاضي عن حقيقة مهمة، وهي أن كلا الطرفين لم يكن ليبدأ العمليات العسكرية إلا إذا كانت لديه الخطط والاستعدادات للتخلص من وجود الطرف الآخر. ما غاب أيضاً عن الفكر هو النموذج الذي على أساسه لا يكون حل المسألة السودانية، وإنما يدفعها إلى التقدم، والحفاظ على دولة موحدة على الأقل ضمن الحدود الراهنة للسودان. واضح أن الدبلوماسية تحاول كسب المزيد من الوقت والأرضية لتجنب أسوأ السيناريوهات وهي تعطي للطرفين في السودان غطاءً لإعلان النصر؛ ولكن كما يبدو لنا، وقد نكون من المخطئين، أن كلا الطرفين مهتم أكثر بإلحاق الهزيمة بالطرف الآخر بعد فترة من المعاناة والتوتر والإحباط والدماء التي سالت بينهما. ما يقلق هنا أن الصدام بين طرفين من «المكون العسكري» السوداني يكاد يغفل أن التفاعلات الجارية تتردد أصداؤها في الأقاليم السودانية المختلفة؛ كما تخلق حالة من البحث عن الفرص في دول قريبة؛ ولن نستبعد كثيراً أن انعكاسات الصراع الدولي الجاري حول أوكرانيا يمكن أن يكون له أصداؤه في السودان.
الزلزال السوداني الحالي ليس جديداً على المنطقة، وعندما جرى الزلزال الأعظم في مطلع العقد الماضي ونهايته فيما سُمي الربيع العربي نجم عنه نموذجان للدولة العربية. أولها لا يختلف كثيراً عن الحالة الراهنة في السودان، حيث تمتزج الصدامات المسلحة، مع التفكيك العرقي، والمراوحة بين العنف ووقف إطلاق النار، والوصول إلى اختلال مواتي لأطماع أجنبية لم تكن بالضرورة تخطط للواقع التي تراه، ولكنها تجد فرصاً لا بأس من انتهازها. ثانيها أفاقته الصدمة إلى ما كان في الماضي من أخطاء وطرق مسدودة؛ وإلى حقيقة أن المستقبل لا بد أن يكون مختلفاً عن كل ما سبق. ظهرت الدولة العربية الإصلاحية القائمة على «الدولة الوطنية» و«التنمية المستدامة» من خلال رؤية تضع الهدف وترصد الطريق، و«تجديد الفكر الديني والمدني» في اتجاهات المعاصرة والمنافسة والسباق السلمي مع العالم في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والإبداع والابتكار. والحقيقة، أنه لا يوجد خيار ثالث بين النموذجين، والفارق بينهما في النظر إلى الأزمة السودانية الراهنة هو أن النموذج الثاني الإصلاحي لديه المرجعية التي من خلالها يكون الاقتراب من حل المسألة السودانية وليس مجرد تضميد جراحها مؤقتاً ومنعها من نزيف آخر.
الحالة السودانية الراهنة نجمت عن حالة موجة جديدة من الربيع العربي ساد الظن أنها ربما تكون قد تعلمت من أخطاء ومآسي الموجة الأولى، ولكنها منذ اللحظة الأولى وبعد التخلص من نظام البشير قامت على فرضية التقسيم ما بين «المكون العسكري» و«المكون المدني» وليس الانتماء إلى دولة واحدة ووطن واحد. وبهذا المعنى، فإن كل مكون منهما كان مقسماً هو الآخر، وبينما كان العسكري مسلحاً بسلاحين، واحد منهما للقتال والآخر للردع، فإن المدني كان مسلحاً باستمرار الشارع في مظاهراته واعتصاماته التي لا تنقطع.
في الحالتين لم يكن هناك مشروع وطني لبناء السودان الجديد؛ وكأنه كان معروفاً أنه طالما كان ذلك كذلك فقد اتفق الجميع على فترة انتقالية قوامها ثلاث سنوات لم يكن بالضرورة مطلوباً منها التفكير في البناء، وإنما التفاوض والمساومة والمناطحة الكلامية والحوار «الساكت»، ونوبات الصدام وساعات التهدئة، ولكن لا شيء في الواقع السوداني يتغير اللهم إلا إذا كان الاتجاه إلى ما هو أسوأ. وهي حالة تسير في الاتجاه المعاكس لما تحاول دول الإصلاح العربية أن تبنيه في الإقليم من توسيع رقعة الإصلاح وتوسيع مساحة البناء وتقريب المستقبل إلى ساحة الحاضر. وفي إطارها، فإن السودان من الحجم والمكانة والتاريخ بحيث لا ينبغي لها أن تترك لحالها.
وإذا كان نظام الإصلاح العربي يقوم حالياً بمحاولة جذب سوريا إلى تجاوز مأساتها ورتق جراحها؛ فإنه لن يكون من الحكمة أن تحل السودان محل سوريا في ساحة الصدامات التي لا تنتهي.
الأمر يحتاج ليس فقط إلى عقد اجتماعات الجامعة العربية، أو إلى المناداة على الأطراف أن تتوقف عن العنف وتحترم وقف إطلاق النار؛ وإنما أن يكون هناك من الصراحة ما يكفي للقول إن الدولة الوطنية لا تعرف إلا احتكار القوة الشرعية لسلاح واحد؛ وأن الدولة السودانية لا بد أن تكون تعبيراً عن مشروع وطني واحد مصمم على تجاوز الواقع البائس إلى حقيقة مشرقة لكل السودانيين.
باستثناء رحمة .. إعادة التيار الكهربائي لمعظم مناطق العقبة
آلاف التونسيين يحتجون على توقيف معارضين
محافظ العقبة يقرر تعطيل المدارس الأحد
سقوط فتاة في حفرة مائية بعمان وإنقاذها بفضل تدخل شاب .. فيديو
صندوق المرأة ودعم مشاريع السيدات
275 طفلًا أسيرًا في سجون الاحتلال حتى سبتمبر الماضي
المنتخب الوطني يفتتح مشواره بمواجهة النمسا بكأس العالم 2026
ناصيف زيتون يكشف عن جنس مولوده المنتظر
حملة شيطنة الإسلام: حين يصبح المسلم ضحية في وطنه وفي منفى الغرب
تامر حسني يعود للظهور بعد وعكته
مجالس الأمناء في الجامعات… بين البيئة والمجتمع والحوكمة (ECG)
مهرجان الفحيص .. فن تاريخ وحضارة
تفويض مديري التربية باتخاذ القرار بشأن دوام المدارس خلال الحالة الجوية
وزارة البيئة تعلن عن حاجتها لتعيين موظفين .. التفاصيل
وزارة الخارجية تعلن عن وظائف شاغرة
مجلس الوزراء يوافق على تسوية غرامات المبتعثين وفق شروط
الحكومة تعتمد نظاما جديدا للمحكمة الدستورية 2025
مجلس الوزراء يوافق على تعديل رسوم هيئة الأوراق المالية 2025
وظائف حكومية شاغرة ودعوة آخرين للمقابلات الشخصية .. أسماء
ماهي شبكة الذكاء الاصطناعي اللامركزية الجديدة Cocoon
لأول مرة منذ 14 عاما .. "آيفون 17" يعيد آبل إلى الصدارة العالمية
الحكومة تقر نظام وحدة حماية البيانات الشخصية لعام 2025
مدرسة الروابي للبنات هل خدش الحياء أم لمس الجرح
الإنفلونزا تهديد صامت في الأردن بلا بيانات دقيقة
أوبن إيه آي تعتزم إدخال تحسينات على تشات جي بي تي

