أثر الودائع بالدولار على ربحية البنوك التجارية الأردنية

mainThumb

06-05-2023 10:34 PM

يواجه القطاع المصرفي في العالم تحديات كبيرة نتيجة تشديد السياسة النقدية في معظم دول العالم، والهدف من تشديد السياسة النقديةهو لتقليل السيولة الموجودة في الأسواق، التي أدت الى زيادة معدلات التضخم، ونتيجة توجه الفيدرالي الأمريكي الى رفع معدلات الفائدة، ارتفع الطلب على الدولار الأمريكي، ما ساهم في زيادة قوته الشرائية، ولكن مع ظهور بعض البيانات التي تشير الى وجود ملامح ركود أمريكي، وخاصة في مؤشر مديري المشتريات الصناعي، وانخفاض أسعار الغاز في منطقة اليورو، وانفتاح الاقتصاد الصيني، ومطالبات بعض الدول بالتخلي عن هيمنة الدولار، أدى ذلك الى تراجع الدولار لحساب العملات الأخرى.
.
وفي سياق ما يحدث في العالم وزيادة الطلب على الدولار الأمريكي، يتجه بعض عملاء البنوك الى دولرة ودائعهم، بمعنى يميل بعض المودعين الى إيداع أموالهم بالدولار الأمريكي بدل العملة المحلية، بسبب ما يتمتع به الدولار الأمريكي من قوة نسبية مقارنة بالعملات الأخرى، بالإضافة الى سهولة التعامل به في العديد من الأسواق العالمية، ولكن توجيه الودائع بالدولار الأمريكي يحقق أسعار فائدة أقل مقارنة بودائع العملة المحلية، كما يمكن أن تؤثر التغيرات في سعر صرف الدولار على قيمة الوديع، وخاصة في ظل انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي في الفترة الأخيرة.
.
بالمقابل، توفر الودائع بالعملة المحلية أسعار فائدة أو مرابحة أعلى مقارنة بودائع الدولار الأمريكي، وتكون الودائع بالعملة المحلية أكثر استقرارًا في ظل تقلبات أسعار الصرف الدولار الأمريكي الحالية، كما أن وجود ودائع بالعملة المحلية يمكن أن تدعم الاقتصاد المحلي وتعزز الاستثمارات المحلية، ولكن لا نستطيع أن ننكر تأثر سعر صرف العملة المحلية بالتقلبات الاقتصادية والتضخم، وربما العملة المحلية لا تكون متاحة في بعض الأسواق الناشئة.
.
وبالرغم من تماسك القطاع المصرفي الأردني من حيث كفاية رأس المال، وانخفاض مخاطر الائتمان، الا أنه ليس بمعزل عما يحدث في العالم، نتيجة اتباعه السياسة النقدية التشددية المتمثل برفع معدلات الفائدة، حيث أن رفع معدلات الفائدة في الأردن أدى الى زيادة تكلفة الدين على المقترضين سواء الافراد أو التجار أو الشركات، وأدى الى سحب السيولة من الأسواق، وهذا بدورة عمق الركود وأدى الى انخفاض النشاط الاقتصادي في الأردن.
.
وبالنظر الى حجم الودائع المودعةبالدولار الأمريكي في البنوك التجارية الأردنية خلال السنوات الماضية، نجد أنها تساوي 15% بالمتوسط من مجمل الودائع، وحجم الودائع يختلف من بنك الى بنك آخر، حيث يمكن أن تصل الودائع بالدولار الأمريكي في بعض البنوك الأردنية الى 36%، ويمكن أن تنخفض في بنوك أخرى الى 5% في بعض السنوات، وزيادة الودائع بالدولار الأمريكي يعيق عملية تدفق الأموال والاقراض داخل الأردن.
.
وقد أظهرت الدراسات أن هناك تأثير سلبي للودائع بالدولار الأمريكي "للدولرة" على ربحية البنوك التجارية الأردنية، وذلك لأن الودائع بالدولار الأمريكي تعتبر مرتفعة نسبيا في البنوك التجارية الأردنية فهي بالمتوسط تشكل 15% من جموع الودائع، حيث أن العملاء يفضلون الاقتراض بالعملة المحلية"بالدينار الأردني" بدلا من الدولار الأمريكي، كما أن الدولرة عبء على البنوك التجارية الأردنية لان الاقراض بالدولار الأمريكي يمكن أن تكون بفائدة منخفضة نسبيا، بينما الإيداع بالدولار الأمريكي تكون بفائدة مرتفعة على عكس الإيداع والإقراض بالعملة المحلية.
.
بشكل عام، تميل هيمنة الدولار الأمريكي الى الانخفاض في الأشهر والسنوات القليلة القادمة، بسبب اقتراب الفيدرالي الأمريكي من نهاية تشديد السياسة النقدية، وزيادة استقرار اقتصاد منطقة اليورو نتيجة انخفاض أسعار الطاقة والغاز، وانفتاح اقتصاد الصين ودول البريكس على العالم،ومطالبات الدول المتزايدة بزيادة التخلي التدريجي عن الدولار الأمريكي. بالتالي، وبناء على المعطيات السابقة، يفضل أن يتوجه المودعين في الأردن نحو تحويل ودائعهم بالدينار الأردني لما له من أهمية كبيرة في حماية ودائعهم من الانخفاض، ودعم الاقتصاد الأردني، بزيادة السيولة من العملة المحلية، وزيادة قدرة الشركات والمشاريع على الاقتراض، وتعزيز الاستثمارات المحلية، ما ينعكس بتأثير إيجابي على المواطن والاقتصاد، وعلى ربحية البنوك التجارية الأردنية.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد