في ذكرى النكبة

mainThumb

18-05-2023 02:53 PM

نتحدث دائما في هذا التاريخ من كل عام عما سميناه او سموه لنا بالقضية الفلسطينية، اذ صحيح اننا فقدنا بلادنا وقرانا وهاجرنا منها للبلاد المجاورة في ذلك التاريخ قبل خمس وسبعين عام، وكنا منذ ذلك التاريخ نخرج في كل عام بمظاهرة طويلة عريضة نطالب فيها بأمور كثيرة منها على الاقل اعادتنا للبلاد التي أرغمونا على تركها، ومع الزمن تبدلت مطالبنا وتحولت الى تثبيت حقوقنا في فلسطين ولا ندري من الذي يثبت وكيف وماذا يثبت.
وعلمت من الذين عاشوا او درسوا في بلاد أوروبا عموما وفي بلاد الانجليز لسنين عديدة - وانا منهم - ان الطلاب العرب خصوصا ذوي الاصول الفلسطينية يقوموا كل عام وفي نفس الموعد بالتظاهر في لندن مثلا لإعلان ان للفلسطينيين في فلسطين حق وارض اغتصبت منهم وانها يجب ان تعود لهم. ولما كان مكان التظاهر هو لندن، اي عاصمة البلاد التي صنعت من اهل فلسطين لاجئين وهي المسؤول الاول عن نكبتهم، فقد كان المتظاهرون يقولون ويكررون ذلك كثيرا في هتافاتهم وصرخاتهم ولا يكن هناك من يجيب او حتى يستمع لتلك الهتافات.
ولفت نظري ان هناك اجانب عديدين يشاركوا المتظاهرين مسيراتهم، وعلمت ان كثير منهم ليسوا عرب ولا مسلمين اذن من هؤلاء؟
علمت بعد البحث ان منهم يهود يتظاهرون ضد الكيان السياسي في فلسطين، او ضد الكيان المسمى محليا وعربيا وعلميا بإسرائيل، فقلت في نفسي من هؤلاء ، ولما بحثت عرفت انهم هناك منقسمون الى اقسام عديدة ولكن الاهم في تلك الاقسام اربعه .. الصهاينة والاسرائيليين واليهود ومن اختلط عنده الامر ويعمل لصالح صانع ذلك الخلط ويسير حيثما يوجهه ذلك الصانع.. فما أصل كل منهم ولماذا هو هناك اي في فلسطين
فالصهاينة.. هم حزب سياسي تأسس في اوروبا حديثا اي في نهايات القرن السابع عشر تقريبا، وقد سمى نفسه بالحركة الصهيونية نسبة الى جبل صهيون الذي يقع في منطقة القدس ، ولان الاعراف تقول ان التسمية تبغي تحديد الانتماء ، مثل كل الاحزاب السياسية في العالم، وانه على كل حزب ان يطرح فكرا ومشاريع تجذب الناس اليه ، فطرح المؤسسون فكرة ارض اسرائيل التي تمتد من النيل للفرات، ونسبوا ذلك لعقيدة يراها البعض على هذا الشكل ، وتم اعتماد الفكرة في مؤتمر عقده بعض الاعضاء المهمين في الحزب ، كما جرى تأكيد تلك الفكرة برسم علم بخطين ازرقين يمثلان نهري النيل والفرات وبينهما نجمة سداسية لتعني ارض بني اسرائيل بين النيل والفرات ، وحول هذا الشكل السداسي للنجمة احاديث مختلفة
اذ يقول البعض بانها رسم خطفوه من المغرب عندما طردوا من اسبانيا الاسلامية اي من دولة الاندلس مع من طرد من المسلمين بعد سقوط الاندلس بيد الاسبان وكانت المغرب هي احدى نقاط الاستقرار لأولئك المطرودين، وكان ذلك الطرد هو مدخل تواجدهم في المغرب الى الان.
ولان الصهيونية حزب سياسي فلا بد لان يكون له قاعدتين الاولى شعبية او انسانية والثانية فكرية ، ومن المعتقد عند الكثيرين من المفكرين في العالم ان ذلك الحزب العالمي الامتداد ، والذي يجب ان تكون قاعدته البشرية ممتدة شرقا وغربا قد يكون من اعضائه افراد لا يحملون معتقدا فكريا او عقائديا مثل عقائد المؤسسين ، خصوصا انه تشكل ونما في فترة الحرب شبه الناجحة ضد الدولة العثمانية ، التي مثلت كثير من الناس وفي مواقع متعددة على الارض بفكرها الاسلامي وتمثيلها للفكر والعقيدة الاسلامية الممتدة لأكثر من الف سنة للخلف تلك الايام والتي حوربت كفكرة وكعقيدة منذ نزول الوحي بها على محمد صل الله عليه وسلم.
واما الجزء العقائدي في الحزب فهو ان يمهد لإقامة دولة حديثة تهدم دولة العثمانيين او على الاقل تساهم في هدمها ، فكر مبني على فكر عقائدي وهو ما يستطيع ان يقف شامخا في عالم العقائد الذي سيطرت فيه العقيدة الاسلامية والدين الاسلامي على كل الافكار العقائدية لمدة طويلة وانتصرت في مواقع كثيرة فساعدها ذلك في الامتداد الشامخ شرقا وعربا ، وكان لا بد من استعمال الذكاء الانساني حينها في تمهيد طريق الفعالية والانتصار على المسلمين خصوصا ممن يروا من الصهاينة الذين تلبسوا العقيدة اليهودية انهم ايضا لهم دين قادم من السماء بل لعل فكرهم كان اعمق من وجهة نظرهم من خلال مفهوم الربط بين عيسى عليه السلام ووالدته التي اختارتها السماء للعمل على نشر الفكر النصراني في الدنيا شرقا وغربا.
وخصوصا ان موضوع تبنيهم لفكرة عقائدية نشأت قبل بداية انتشار العقيدة الاسلامية بستة قرون تقريبا، وبالتالي فان اصحاب وأنصار ومؤيدي هذا الفكر قاموا بدعم ومساعدة امتداد الفكر الصهيوني الذي سيحارب وسيحاربه العثمانيون قطعا.
ومن اجل ان يتوحد الصهاينة على الارض لا بد ان يكون لهم موقع انطلاق، فتحاور المفكرين في ذلك وخلصوا لفكرة ان تقوم للصهيونية دولة ، ووجدوا ان المكان النسب على الارض هو فلسطين ، لأنها ستحقق لهم الكثير من المنجزات ، فسقوط فلسطين في ايديهم هي ضربة موجعة للعثمانيين، وهي قريبة من اوروبا التي سيقف خلفها دون ان تكون جزء منها ، وانهم سيقومون بحشد القاعدة الانسانية للدولة من خلال طرد اليهود من كل البلاد الاوروبية وتجميعهم هناك وبالتالي يتخلصوا من عدو عقائدي وذو فكر سيادي من خلال سيطرته على الاقتصاد ، وبالتالي فانهم بذلك يحققوا عددا لا يستهان به من الانتصارات من خلال دعمهم لإقامة دولة للصهاينة في فلسطين.
ومن الافكار الغريبة ايضا في دعم الوجود الصهيوني في فلسطين ان تجمعهم في مكان واحد سيكون مسهلا للفتك بهم عندما ينزل عيسى عليه السلام من السماء ليقيم دولته وحكمه ، اليسوا هم المتهمين بصلبه وقتله ؟
اما بني اسرائيل فهم ابناء يعقوب ابن اسحاق ابن ابراهيم عليهم السلام، وذلك لان اسرائيل هو اسم من اسماء سيدنا يعقوب، وهنا يجب ان نتذكر قصة يوسف عيه السلام الذي كان من ابناء اسرائيل وان من تأمر عليه هم اخوته ابناء اسرائيل والذين كان منهم يهوذا الذي نسب اليهود نفسهم له ومن نسله جاء هارون وموسى الذين هما في النهاية من نسل اسرائيل او يعقوب ، وعلى الناس بالتالي التفرقة بين بني اسرائيل وبين اليهود ، اذ ليس كل بني اسرائيل هم من نسل يعقوب او اسرائيل .
وعاش بني اسرائيل في مصر وتكاثروا هناك وبقوا فيها يقارعوا الفراعنة لعهود طوال، الى ان جاء اليهم موسى برسالة من السماء وهو ايضا قارع وعانى من الفراعنة الامرين كما يقال.
واليهود ايضا هم من بني اسرائيل، ولكن من هادوا وأصبحوا يهودا هم اتباع أحد ابناء يعقوب ولم تظهر لهم اية صفة خاصة ولا تنظيم فكري خاص الا بعد ان اتبعوا رسول الله موسى عليه السلام، ولإنهم منتشرون كثيرا ولكن في اوروبا عموما، أصبح التفاهم بينهم ممكنا جدا وتأثيرهم في الاخرين متحد وواضح خصوصا في الاقتصاد الذي أصبح إله غير المسلمين في الدولة الاسلامية المحيطة بأوروبا ان ذاك..
إذا فعلينا ان نعرف ما هي فلسطين وما الذي حصل في فلسطين وما هي النكبة ومن المنكوب فيها.
اما مصطلح فلسطين فقد نشأ واستعمل منذ الاف السنين ، وقد استعمل العثمانيون المصطلح في تسمية لواء او جند فلسطين ، وكان هذا اللواء او هذا الجند من الوية الدولة الثمانية ولا يشمل بيت المقدس كما يظهر في خارطة الجند قبل الاحتلال البريطاني للمنطقة ، ويبدو ان التوسعة المؤقتة لرسم خارطة فلسطين الحديثة جاءت كمدخل لبداية الدولة الممتدة من النيل الى الفرات ولان بين أجزاء الأرض في القدس ونابلس وبغداد وقاهرة المعز وبلاد أخرى وللتاريخ وللواقع روابط متعددة ، فقد علمونا وعلموا أبنائهم ان بداية دولتهم تبدأ من هناك وستمتد الى الفرات والنيل في ايامهم القادمة من التاريخ ولعلهم بدأوا في العمل فعليا لتحقيق ذلك.
ومن تطبيق فقه الواقع على الذي حصل في الربع الاول من القرن العشرين سيجد الناس انه في ذلك الربع حصل أشياء واسعة الانتشار وكثيرة التأثير في مجرى الاحداث، منه منها مثلا سقوط الدولة العثمانية، ومنها طرد اليهود من معظم اوروبا وإقامة دولة إسرائيل بأولئك المطرودين، ومنها بداية تفتت الإمبراطورية البريطانية وبداية ظهور أمريكا في الغرب والاتحاد السوفييتي في الشرق وإقامة هيئة الأمم واشياء اخري متعددة.
ويبدو ان ما يحكم العلاقات والإجراءات والتصرفات في العالم هو العقيدة ليس عند المسمين فقط، فقد سأل أحد الناس الرئيس الأمريكي الذي ألقى عليه الحذاء في العراق قبل ان يغادر حكم أمريكا (لماذا تساعدون اليهود الى هذا الكم من المساعدة؟) فجاوبه جوابا عقائديا ومن وجهة نظر نصرانية وليس وجهة نظر سياسية اذ قال له (لان اجدادهم اليهود هم الذين صلبوا عيسى عليه السلام، وانه سينزل للأرض بعدما تقوى شوكتهم وتقوى دولتهم ويخلص عليهم وعلى دولتهم في معركة مجدُوا التي سيكونون فيها دولة قوية، فهل بقي في الموضوع سؤال..)
اما بالنسبة لهم فقد دعموا الها جديدا على الأرض وهو الاقتصاد، فهم من أنشأ البنوك مثلا لحماية الربا، ففي أوروبا كان المرابي اليهودي يجلس باب الكنيسة على مقعد ينتظر خروج المدينين من الصلاة ليأخذ أجرته من الدين الذي هو الربا، وكان المدينون يبلغون بعضهم بقدومه فيقولون جاء البنك وذهب البنك اذ هي إشارة لمحصل الربا من المدينين، وأصبح ذلك المصطلح هو السائد على الناس كلهم في معظم بلاد العالم بما فيها بالطبع بلاد العرب.
وفي النهاية تحللت دولة الاتحاد السوفييتي، وانكسرت الدولة العثمانية، وتصارع الأوربيين واصدقائهم في حربين عالمتين كبيرتين، وتقسم العالم العربي الى قطع متناثرة ومتباعدة، وتحارب الشرق مع الغرب، واقتربت الحرب بين روسيا وأوكرانيا لتصبح حرب معلنة بين أمريكا واوروبا، وبدأت كثير من الاسرار تظهر، ومنه من قتل الرئيس الأمريكي كندي؟
إذا من هو المنكوب الان، واي النكبات هي التي ستنتهي وايها سيكبر.. فلتجيب علينا هيئة الأمم قبل لن تنهار هي الاخرى؟!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد