الحج والأضحى واستقبال الجديد
أما محمد أسد، وقد كان اسمه قبل إسلامه بيتر فايس، فسحره وأذهله الجمع الحاشد الذي تحمّل كلّ المشاقّ ليشارك في هتاف الجماعة العظمى يوم الحجّ الأكبر. ويومَ عرفة أذهلته الخطبة التي كانت مزيجاً من «خطبة الوداع» والدعوة لسلام الإنسانية وتضامنها. محمد أسد صار مفكراً إسلامياً، وكتب عدة مؤلفات في موضوعاتٍ شتى؛ لكنه ما كتب مثل: «الطريق إلى مكة». وقد طُبع كتابه بالإنجليزية عدة مرات وكذلك بالعربية. لكنه لا يعرف إذا كانت الحشود من وراء الدعوات جذابة للنُخب، أما هو الذي يعد نفسه من النخب، فقد أذهله الجمع، وأذهلته خطبة جبل عرفات والاقتباسات من خطبة الوداع للنبي، صلى الله عليه سلم، (وما كان يعرفها من قبل). وقد حجّ مراراً بعد ذلك، لكن ما خالجته تلك الأحاسيس العميقة!
وبالطبع ما كانت زيارة مكة للحج أو للاستطلاع تثير نفس الانطباعات لدى سائر الغرباء. فسنوك هورغرونيه، المستشرق الهولندي، الذي تسلّل إلى مكة وكتب عنها مجلّدين، كان يريد استكشاف أسرار قوة الإسلام، من خلال مراقبة سلوك جماهير الحجيج. وهورغرونيه الذي صار مستشاراً للإدارة الاستعمارية الهولندية في إندونيسيا، ظلّ يقول إنّ مَنْ لم يزر مكة والمدينة، لا يستطيع أن يعرف مكامن قوة هذا الدين. هورغرونيه، وهو أستاذ فنسنك صاحب فهرس مجاميع الحديث النبوي المشهور، ما كان يصحّح سند «خطبة الوداع»، ويرى أنّ هذه «الإنسانويات» في خطبة الوداع هي صناعة لاحقة، فتلك القيم الواردة في الخطبة أشبه بقيم عصر التنوير! أما كارل هاينرش بيكر، المستشرق الألماني الذي كان يتجادل مع الشيخ هورغرونيه خلال الحرب العالمية الأولى بسبب تحالف ألمانيا مع الدولة العثمانية، فقد ردَّ عليه بأنّ الخطبة أصيلة، وإذا كانت موضوعة من بعد، فواضعها مسلم على كلّ حال!
ما خطبة الوداع التي فتنت جلال آل أحمد ومحمد أسد ومالكولم إكس وأزعجت هورغرونيه؟
- أيها الناس، لا فضل لعربيّ على أعجميّ، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح.
- أيها الناس، إنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم.
- من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها. وإنّ كل ربا موضوع، ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون.
- إنّ كل دمٍ كان في الجاهلية موضوع... وكل ربا كان في الجاهلية موضوع.
- إنّ لكم على نسائكم حقاً ولهنّ عليكم حقاً... فاستوصوا بالنساء خيراً فإنهنّ عوان عندكم.
- إنّ كل مسلمٍ أخٌ للمسلم، وإنّ المسلمين إخوة، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده.
عندما كان الفيلسوف الأميركي وليم جيمس يُلقي محاضراته في «التجربة الدينية» في زمان الصراع بين الدين والعلم في أوروبا وأميركا؛ كان متحمساً للتدليل عليها رغم عدم خضوعها للاستقراء التجريبي بوصفها تجربة فردية، وكل اعتقاد فردي هو حق وحقيقة عند المؤمن يعيش بها وعليها. لكنّ بعض تلامذته ذكّروه بأنّ الحج فريضة في سائر الأديان، وهو جماعي وليس فردياً. فذكّرهم بأنّ طقس الرحلة تجاه الداخل أو الخارج سواء أكان رمزياً أم فعلياً هو مثال تحوُّلٍ وتغيير، ونقلة من حالٍ إلى حال، وهو مزيجٌ من الفردية والجماعية.
هناك بالطبع كثيرٌ من المسلمين يحجّون مراراً وليس من أجل التحول. لكنْ، هناك كثيرون أيضاً من المسلمين ومتديني الديانات الأخرى يتقصدون الحجّ من أجل التحول الداخلي أو أنّ التحول الداخلي هو الذي يدفع للحج. وهذا شأن جماهير عظيمة من المتدينين القدامى والجدد. إذ هم -وسط المتغيرات العاصفة- يبحثون عن الأمن والأمان والإيمان المُطمئن في الحج. وهكذا ينقسم الحُجّاج إلى ثلاثة أصنافٍ متواصلة: الصنف الذي يلتمس رضا الله بأداء الفريضة، والصنف الذي يلتمس التوبة بالاستغاثة في المواطن المقدسة. وأخيراً هناك الصنف الذي يلتمس بالترحل إلى الله من طريق الحج استقبالَ الجديد. ومعظم الذين كتبوا عن تجربتهم الشخصية في الحج ومعه هم من الصنفين الأخيرين، بل من الصنف الثالث بالذات. والثلاثة الذين ذكرناهم في مطلع هذه المداخلة هم من هذا النوع من دون أن تنتفي الدوافع الأخرى تماماً.
يسمي القرآن الكريم الكعبة المشرَّفة: البيت العتيق. وهو عتيقٌ وعريقٌ لأنه بناء إبراهيم وإسماعيل، عليهما السلام، ودعا إبراهيم ربَّه أن يجعله مثابة للناس وأمناً بوصفه مصلى للمتعبدين، والذين يبحثون عن السلام النفسي والعامّ. وإحقاقاً لذلك كانت الأشهر الحُرُم الأربعة التي لا اقتتال فيها ولا خوف.
جديد المسلم هو جديد الناس جميعاً: البحث عن الأمن والسلام، يسعى إليهما في صلاته وصومه وزكاته وحجه. ذلك أن السلام المنشود ليس خروجاً من الحروب فقط؛ بل هو أيضاً الإطعام من الجوع، والعمل من أجل الحرية الإنسانية والمساواة والكرامة، وإمكانيات المشاركة في إحقاق الجديد والمتقدم، من شروط العيش الإنساني.
فيبقى الحج والترحل إليه من كل «فج عميق»، رمزاً للبحث عن الجديد واستقباله.
حسّان: الحكومة ملتزمة بتوجيهات الملك في خطاب العرش
بورصة عمان تغلق تداولاتها على ارتفاع
مجلس الأعيان يختار أعضاء لجنة الرد على خطاب العرش .. أسماء
الملك: لا أخاف إلا الله وخلفي الأردنيون
المومني: خطاب العرش أكد استمرار التحديث الاقتصادي
المتقاعدين العسكريين تسير بعثة العمرة الخامسة تكريماً لذوي الشهداء
حقوق الأردنية تحصد المركز الأول في المحاكمة الصورية
الملك يؤكد على ضرورة الاستمرار في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
محاولة هروب من المطار تكشف أحد لصوص اللوفر
الملك يفتتح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة العشرين .. خطاب العرش
منتخب الناشين لكرة القدم يلتقي نظيره الفلسطيني الاثنين
الملك يصل مجلس الأمة متوسطا الموكب الأحمر
الملك يلقي خطاب العرش في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة
اتحاد المزارعين يعلن الحد الأعلى لسعر تنكة الزيت
إحالة موظف في أمانة عمان للمدعي العام .. تفاصيل
انخفاض أسعار الذهب في السوق المحلية
تذبذب أسعار زيت الزيتون رغم التحديد .. تفاصيل
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي .. تفاصيل
هذا ما سيحدث بقطاع السيارات بعد 1-11-2025
مدعوون للامتحان التنافسي والمقابلات الشخصية .. أسماء
بعد وفاته المفاجئة .. من هو نصير العمري
دمج العمل والسفر: نصائح للإنتاجية والاكتشاف
مدعوون للامتحان التنافسي والمقابلات الشخصية .. أسماء
الأردن .. مملكة الصمود وضمير الإغاثة
لرحلة مثالية: دليل ذهبي قبل السفر وأثناءه وبعده
ما هي الألوان التي تناسب بشرتي


