العقل

mainThumb

27-08-2023 10:30 PM


يستخدم مصطلح العقل في اللغة في اماكن وظروف متعدده، ويستخدم المصطلح في عدّة معاني منها مثلا:
• العقل هو من كفّ صاحبه وشدّه عن المعاصي.
• والعقل هو التثبت في الأمور والامساك والامتناع والشدّ والحبس، فقال العرب عقلت الناقة إي ربطتها فمنعتها من السير.
• العقل هو الذي يجبر مالكه لان يحبس نفسه ويردّها عن هواها ، وهو الذي يحبس صاحبه عن التورّط في المهالك.
• العقل هو الذي يحول دون انطلاق الإنسان الى ما يشينه أو يضرّ به وما لا يليق به.
• العقل هو الذي يحاول منع النفس عن التصرّف العشوائي .
واما المعني الاصطلاحي للعقل فهو العنصر الاساسي في الفعل المعرفي ، ولذلك فمهما اختلفت وتضاربت أو تداخلت التعاريف حوله فإنّها تلتقي أمام نقطة مشتركة هي اعتباره القاعدة الأولي التي ينطلق منها الإنسان متأملا وناظراً ومستنبطاً ومدركاً لحقائق الأشياء، فهو الوسيلة للاهتداء الى الصواب اذا عمل بعيداً عن المؤثرات السلبية ً.
وقد اختار العلماء اسلوبا لتعريف العقل يمر من خلال تعريف وفهم مكونات الحياة والتعامل بين المخلوقات على اساسها.
تلك المكونات هي الغريزة والعلوم.
اما الغريزة هي الفِطرة التي فُطِر عليها الإنسان تجاهَ المواقف والاشياء أو الأحداث التي تمرّ به حيث من خلالها تظهر صفات ذاتية لكل إنسان تجعله يتملك ميزات وأنماط استجابة أو تفاعل خاصة يستخدمها في بيئات مختلفة من دون وجود تعليمات رسمية أو اي تأثيرات بيئية أخرى.
فالغريزة في الانسان تلقائية وبالتالي فهي اصل في وجود العقل ، ويمتاز الإنسان بها عن سائر الحيوانات ، وهي المكون الأول للمعرفة والفهم في الإنسان وان التعرف عليها ووضوحها يحدد ويعرف ما العقل.
وقد استخدم شيخ الإسلام قولا يؤكد بان الغريزة في الانسان هي مدخل للتعرف على العقل حيث وضح في بعض اقواله بان بالغريزة يعقل الإنسان، وكانه يريد ان يبين ما معناه بان العقل هو غريزة في النفس وقوة فيها بمنزلة قوة البصر التي في العين، وقد توافق ذلك مع ما قاله الإمام أحمد في مواضع مشابهه.
اما المكون الثاني لمعرفة وفهم العقل فهو العلوم الضروريه او البديهيات العقليه ، وهي العلوم أو البديهيات التي يتفق عليها جميع الناس ، فالعلم هو الذي يقول ويؤكد بأن الكل أكبر من الجزء وما شابه ذلك من البديهيات ، وهي معلومات لا تحتاج الى دليل لإقرارها ، او هي بديهية لا يلزم اثباتها ، اذ لو لزم اثباتها من خلال برهان لأفضى ذلك إلى التسلسل في المعرفة التي ترتبط بأين ومتى وكيف ولماذا التي يستخدمها الباحثون للتحقق من موضوع او قضيه ، وهذا محال.
يقول ابن تيمية في تعريفه للبديهيات بانها علوم ضرورية يفرق بها بين المجنون الذي رفع عنه القلم وبين العاقل الذي جرى عليه العقل، وهي مناط التكليف.
اما المكون المهم الذي يدل على العقل فهو العلوم النظرية وهي التي تحصل بالنظر والاستدلال، وقد يتفاوت الناس ويتفاضلون فيها وهذا أمر واضح واقع، لكنها في النهاية هي التي تدعو الإنسان إلى فعل ما ينفعه وترك ما يضره.
والمكون التالي الذي يفسر وجود العقل وضرورة وجوده فهو الأعمال التي يقوم بها الانسان بافتراض انه يعلم ماهيتها وتاثيرها اصلا ، وفي ذلك قال الأصمعي مثلا وجود العقل يدعوا للإمساك عن القبيح، وغيابه يؤدي الى قصر النفس وحبسها على الحسن . وفي قول اخر قال احد العارفين إنما العاقل هو من وجد الله وعمل بطاعته .
ويقول القران الكريم عن استعمال العقل بشكل غير صحيح عند البعض ﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾.
اذا ، فالعقل هو جوهر قائم بنفسه, وهو ليس صفة او تصرف يمتاز به البعض عن غيره. وبالتالي فيمكن الاتفاق على ان العقل هو الذي يفرض التعرف والتثبّت في الأمور، والإمساك، والامتناع عن إيقاع صاحبه في المهلكات.
وهو العنصر الأساسي في الفعل البشريّ المعرفيّ، إذ إنّه القاعدة الأولى في الإدراك، والتمييز، والقدرة على اتخاذ القرارات، وهو ما ميّز الله سبحانه وتعالى بها الإنسان عن غيره من المخلوقات .
وطالما هو كذلك فيمكن تصنيفه اذا الى اصناف او انواع بحسب اسلوب تعامله مع كل شيء في حياة الانسان ، وقد صنف العارفون لاصناف العقول بالتالي:
العقل المتحرر
وهوالعقل المتفتح، الذي من الممكن مناقشته والتفاعل معه، وهو يتقبّل الآراء المعارضة له برحابة صدر، وهو غير متعصب لفكره محدده، وإن كان على خطأ يعترف بذلك، وإن كان على صواب دافع عن رأيه دون أن يتعدّى على حق الطرف الآخر، ويحترم المختلف معه ويحتفظ بأسلوبه اللبق حتى نهاية الحديث.
العقل المتقلب
هو العقل الذي لا يثبت على رأي واحد، وإنما يتقلّب من رأي إلى آخر، لأنه لا يعتمد على مصدر ثابت أو معلومات محددة، وينتقل من فكرة لأخرى بشكلٍ غير منظّم، وهو دائم القلق وغير ثابت، الأمر الذي يجعل المناقشة معه صعبةً ولا فائدةَ منها.
العقل المتعصب
هو العقل الذي يصعب النقاش والحديث معه، لأنه لا يعترف بصحة آراء الطرف الآخر، ويعتقد بأنّ الآخر دائماً على خطأ، وأنّه هو الوحيد صاحب التفكير الصحيح، كما ويدخل النقاش بصوتٍ عالٍ ليضغط على الطرف الآخر ليثبت رأيه وإن كان خطأً، الأمر الذي يجعل النقاش معه مضيعةً للوقت.
العقل المتحجر
يتصف العقل المتحجر بأنّه توقّف في التفكير عند حدٍّ معيّن، لا يتجاوزه، ويظل متشبثاً به، ولا يحاول الخروج به إلى العالم المحيط، الأمر الذي يجعله صامتاً عند إجراء حوار مع الطرف الآخر.
العقل الجاهل
يظن العقل الجاهل أنه وصل إلى مراتب عليا في كل شيء، ويعتقد أنه ليس بحاجة إلى التزوّد من الآخرين، أو إلى التعلّم أو القراءة، ويرى أن ما لديه يكفيه للدخول في أي نقاش، وان ما لديه يكفيه لاستعلائه على الطرف الآخر، وهذا ما يظهر سطحيته وسذاجته وبساطة معلوماته خاصةً عند التّعمق معه في أي حديث.
العقل الجبان
عادة ما يكون العقل الجبان ممتلئاً بالمعلومات، إلا أنه لا يشارك الحديث مع الآخرين، ولا يناقشهم، ويخاف من مواجهتهم، إضافةً إلى أنه يتجنب الحديث في القضايا الكبيرة، مثل القضايا الدينية والسياسية، ولا يشارك إلا في الأحاديث التي يرى أنها بسيطة، ولا تلحق به أي ضرر، علماً أنه بينه وبين نفسه لا يكون راضياً عن هذه التصرفات.

العقل المزدوج
يعتبر العقل المزدوج من أخطر الأنواع، فهو يدعو إلى الحوار، ويناقش الآخرين بطريقة متحضرة ، وكونه قوي الحجة فانه يقف في وجه التطرف والتعصب، إلا أنّه في الواقع قد لا يكون مقتنعاً بما يقوله أو يفعله، ويظهر ذلك بشكلٍ واضح في طريقة تعامله مع الأشخاص المقرّبين إليه.
العقل الرجعي أو المتخلف
يعيش العقل الرجعي أو المتخلف على الخرافات، بالإضافة إلى أنّه لا يؤمن بالعلم، ويرى أن التطور شيء يخالف الدين، لذلك يحاربه، ويحاول إلغاءه ، ويصدق ما يصدر من أنصاف المتعلمين حتى في الدين ، فيرى أنّ أقوالهم حقيقة .
ويتبع اقوال وانظمة البعض في الغرب او في الشرق علماً أن اقوالهم وانظمتهم وقوانينهم تعمل بعكس الفطرة احيانا ، هي مثلا تلغي دورالمراة الطبيعي وأهميتها في بناء المجتمع وتحولها الى دمية مسليه من خلال تسخيرها لاداء اشياء لا تقوى على اداءها لان بنيتها الجسدية تمنع ذلك ، وقوانيته وانظمته تنعكس على انانيته في الاحتفاظ بالسيادة في وضع القوانين وفي الحكم والسياده اما هي فمطلوب منها التطبيق والالتزام والاتباع.
وبناء على ما سبق فان فالعاقل اذا .. هو الشخص الذي يوجد عنده العقل المناسب في اي زمان ومكان، والعاقل هو الذي يحبس نفسه عن هواها.
وأما العقل فهو وصف مجرد أو معنى مجرد يحمل صاحبه على المكارم ويحجزه عن كل ما يشينه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد