القصة وما فيها بكل اختصار

mainThumb

10-12-2023 11:18 PM

مئة وخمسة أعوام مضت على بداية العمل الصهيوني الفعلي على ترويض العقل العربي وتطويع سواعد المقاومة المشروعة لتحويل المجهود الحربي الى مشروع دبلوماسي ، مئة وخمسة أعوام من الاجرام المادي و الفكري تمارسه العصابة المجرمة ، فقد تزامن عملها الاجرامي المادي على أرض فلسطين مع العمل الدبلوماسي منذ ان كانت دولة عصابة الاحتلال مجرد فكرة وتمثل بداية عمل الإرهاب الدبلوماسي في توقيع اتفاقية فيصل وايزمان عام 1918 ، تتالت المحاولات الدبلوماسية تحت إرهاب الحديد و النار للوصول الى ما انبثق عن المؤتمر الصهيوني الأول والذي عقد في مدينة بازل السويسرية عام 1897، وكان في عقلية المجرم هرتزل أن أحد الامرين يجب أن ينجح بإقامة دولة تجمع تحت رايتها عصابات الاجرام المتبعثرة في دول العالم ولم يكن يسعى لإقامتها في فلسطين على وجه التحديد فقد كان مطروحا آنذاك اقامتها في الأرجنتين أو أوغندا ، ولكن تلاقي المصالح الغربية مع الترهات العقائدية اليهودية هو ما رجح كفة إقامة دولة للعصابات في فلسطين .
كان اتفاق فيصل وايزمن أول الأوراق الذي اضفت "شرعية " على هجرة العصابات الى فلسطين بشكل "رسمي" والذي بكل أسف وقع عليه فيصل دون أن يقرأه حيث تم توقيعه في غرفته في فندق كارلتون ، لم يقرأه لان النص كان مكتوبا بالإنجليزية التي لا يجيدها ولم يجد الوقت ليترجمه له مستشاروه في الغرفة المجاورة مما اضطره للتوقيع عليه واضافة سطر باللغة العربية يتعارض تماما مع نص الاتفاقية حيث كتب :(بشرط أن تكون فلسطين ضمن مساحة العرب ) وبرأي فان الأمير وقع الاتفاقية تحت تهديد السلاح وهذا ما يفسره الواقع فكيف للأمير ومستشارية أن يتعنوا مشقة السفر في ذلك الوقت للاضطلاع ومناقشة اتفاقية "دولية" ولم تتح لهم الفرصة في قراءتها او ترجمتها وابداء الرأي في بنودها ،و ما الذي دفع الأمير لإضافة جملة قصيرة باللغة العربية بجانب توقيعه اذا لم يكن قد وقع تحت تهديد السلاح؟ إضافة الجملة باللغة العربية بخط صغير بجانب التوقيع لا يمكن تفسيرها الا لإثبات براءته مما جاء في نص "الاتفاق" والذي لا يعلم عنه شيء فقد رفض (اللقيط) تي أي لورنس (لورنس العرب) ان يحدث الأمير مع مستشارية واصراره على ان يقوم هو بالترجمة والشرح لا يعني بحال من الأحوال الا انه تم اجبار الأمير على التوقيع تحت التهديد.
ولكن على ما يبدو عزة نفس الأمير منعته من الإفصاح فيما بعد عن الإرهاب الذي تعرض له في ذلك اليوم الأسود واكتفى بالتقليل من شأن الاتفاقية وعدم جدواها بغض النظر عن بنودها ومحتوياتها ولا يستغرب ما أتصوره على ما أظن فجميعنا يعرف بأنهم إرهابيون مجرمون منذ العهود الغابرة. وما ان حصلوا على توقيع الأمير حتى زورت رسالة كتبها لورنس نفسه باسم الأمير وقدمهما (الرسالة والاتفاقية) لمؤتمر باريس بأنهم حصلوا على الموافقة المسبقة من العرب على أقامه دولة إرهاب.
ومع علم المؤتمرون في باريس حينذاك بكل التفاصيل الا انهم كانوا سيعطونهم العون المادي والدبلوماسي والعسكري لكل جرائمهم سوآء بغطاء قانوني أو بدونه، وبدأ الترويج للهجرة الصهيونية لفلسطين على نطاق واسع وضخت الأموال وأحلام تجميع الإرهاب تحت راية دولة تغزو كل أوروبا غربا وشرقا
واستيقظ العرب متأخرون ليجدوا أن العصابات الصهيونية قد فتكت بأهل فلسطين وأقامت قرى ومدن على أنقاض بيوتهم وجثثهم، وقرر العرب استرداد الأرض وحماية المقدسات هذه الصحوة التي أسس لأجلها جيش الإنقاذ الذي خسر المعركة عام 1948 الأمر الذي استغلته العصابة المجرمة مرة أخرى ودفعت بالجهد الدبلوماسي مرة أخرى وبإرهاب مارسته الولايات المتحدة وبريطانيا المجرمتين تم توقيع ما سمي باتفاق الهدنة الاتفاق الذي رسم حدودا لمجموعة العصابات التي أصبحت دولة لها حدود بعده،
لم تكتفي دولة العصابات الوليدة بالمساحة التي رسمها اتفاق الهدنة فما لبثت أن احتلت كل فلسطين مع أجزاء من سوريا والأردن (شرق النهر) ومصر ولبنان فقرر العرب متأخرين كذلك عام 1967 بترك المجهود الدبلوماسي والتحرك عسكريا تحت شعار ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وخسروا المعركة مجددا لان من يصنع السلاح لن يعطيك السلاح لتقتله به فدوما سيضمن تفوقه عليك، يعطيك مالا ينفعك ويأخذ منك ما ينفعك،
مجددا تحركت القوات المصرية و السورية في عام 1973 لاسترداد الجولان وسيناء ، واجتازت القوات المصرية القناة وتراجع الجيش السوري منهزما عن أرض الجولان ، اعتبر المصريون ما حدث في 73 نصرا مؤزرا ، فقررت مصر سرا الانصياع لإرهاب كارتر وكيسنجر ودخلت في مفاوضات عام 78 ما افضى الى توقيع "اتفاق سلام " بين مصر ودولة العصابات ووضعت مصر خلال الاتفاق نيابة عن الفلسطينيين الأطر العامة "لاتفاق سلام " يعترف بدولة العصابات لاحقا، غضب العرب واعتبروا أن ما حدث في كامب ديفيد خيانة عظمى وقاطعوا مصر رسميا لمدة عشر سنوات بتعليق عضويتها في جامعة الدول العربية ، وما ان انطلقت الانتفاضة المباركة في فلسطين عام 1987 حتى تحرك الإرهاب الدبلوماسي مرة أخرى مدعوما بالإرهاب العسكري الأمريكي الذي وضع قواعده في المنطقة العربية عام 91 ابان حرب الخليج ، ونجحت الدبلوماسية الإرهابية بالاستفراد بالقرار الفلسطيني في ما سمي بمؤتمر مدريد للسلام والذي افضى أيضا الى اعتراف فلسطيني وتوقع معاهد سلام بين منظمة التحرير و دولة العصابات عام 1993 الذي تبعه توقيع المعاهدة مع الأردن عام 1994 كنتيجة طبيعية للاتفاق الفلسطيني حيث كان الوفد الذي شارك في مؤتمر مدريد وفدا اردنيا فلسطينيا مشتركا. كرس الاتفاق مبدأ حل الدولتين ومبدأ الأرض مقابل السلام، وعلى اثر ذلك أيضا عقد مؤتمر كامب دبفيد الثاني عام 2000 لإنهاء القضية الفلسطينية الى الابد، ولكن صحوة عرفات للحظة وتعنت المجرم باراك حال دون ذلك،
رأى العرب بأن أصحاب القضية الأساسيين (الأردن وفلسطين) باعتبار أن فلسطين كانت جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية حتى 1988 قبل قرار فك الارتباط و الفلسطينيين الممثلين في منظمة التحرير والتي اعتبرتها قمة الرباط عام 1974 الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني ، ومصر منبع القومية العربية وقائدة حروب العرب ضد الاحتلال رأى العرب أنهم وقعوا اتفاقيات "سلام " واعترفوا بدولة العصابات فلا داعي لان يكونوا ملكيين أكثر من الملك كما يقال وان يغردوا خارج السرب فتقرر في قمة بيروت عام 2002 اطلاق ما سمي مبادرة السلام العربية و الذي بموجبها تعترف الدول العربية بدولة العصابات و تتطبع علاقتها معها مقابل انسحاب العصابات الى حدود الهدنة "تمت الإشارة لاتفاق الهدنه في المقدمة " ومن الطبيعي أن لا تقبل العصابة بالمبادرة حيث أنها كمجموعة عصابات متمرسة في الاجرام تعرف متى تجنح للسلم ومتى تنقض العهود ، فالإشارة الى استعداد الدول العربية كافة بتطبيع علاقاتها معها كانت بمثابة الضوء الأخضر لترسم حدود هدنة جديدة تتحول الى حدود جغرافية فيما بعد وهذا بنظرها لم يحن وقته بعد ، فبدأت بزيادة مساحة المستوطنات على ما سمي أرضي السلطة الفلسطينية الى يومنا هذا ، وخلال تلك المدة التي تزيد عن مائة عام لم تتوقف عن الإرهاب الفكري جنبا الى جنب مع الإرهاب الدموي من ارتكاب المجازر واعتقال الفلسطينيين والتنكيل بهم ومصادرة المزيد و المزيد من الأراضي و الاعتداء اليومي على الأقصى الذي "كان" يمثل قدسية لدى العرب و المسلمين .
وكما قلنا بأن الإرهاب الدبلوماسي لعصابة الاحتلال لم يتوقف يوما واحدا بالتزامن مع الإرهاب المادي ما أسس عقيدة جديدة لدى العرب والمسلمين بأن خيار السلام هو الخيار الوحيد وحل الدولتين هو الحل الوحيد، ونتيجة لذلك بدأ الاجماع العربي بالتفكك حتى داخل اخر معاقل التكتل العربي فذهبت الامارات و البحرين وعمان الى التطبيع مغردة خارج سرب مجلس التعاون الخليجي ، بالتزامن مع ما أطلق عليه المجنون ترامب بصفقة القرن ،
وما أن شعرت المقاومة الفلسطينية بالخطر من اضمام ما تبقى من دول مجلس دول التعاون الخليجي لسرب المغردين الخليجيين حتى فجرت أكبر مفاجئة للعرب و العالم وقامت بعمل بطولي فريد في السابع من أكتوبر 2023 هذا اليوم الذي بدد كل مشاعر التفاؤل التي كانت تسود دولة العصابات وإعادة القضية الفلسطينية لواجهة الاعلام العالمي من جديد ، صحيح أن الثمن الذي يدفعه نتيجة لذلك الشعب الفلسطيني اليوم باهظ وباهظ جدا ولكنه يمثل الحد الأدنى من الخسارة التي كانت ستحدث لو تم تطبيع العلاقات مع كل العرب ، ذلك كان سيشكل التصديق على ورقة اعدام الشعب الفلسطيني وقضيته الى الابد ،
ان ما يزيد عن مئة عام من الشد و الجذب السياسي وتوقيع الاتفاقيات وتطبيع العلاقات لم يستشر فيه الشعب الفلسطيني مرة واحدة اختزلته المقاومة البطلة يوم السابع من أكتوبر فقد مارست البطولة العسكرية ذلك اليوم وما بعده فكان ما فعلته إضافة للنصر العسكري المبهر الذي حطمت خلاله اسطورة الجيش الذي لا يقهر كان ذلك أيضا نصرا سياسياً مدهشاً نزعت خلاله اللقب الذي منح لمنظمة التحرير في قمة الرباط كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني ووضعت العالم كله أمام استحقاق حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وحدة وأجرت استفتاءا لم يجر مثيل له على مر التاريخ فكان الاستفتاء الذي يستفتى فيه الشعب ولأول مرة في بث حي ومباشر وتحت إرهاب القنابل و الفسفور ويختار الشعب وطنة ومقاومته ويرفض كل مشاريع التطبيع و الاتفاقيات المشبوهة ،
استفتاء شمل كل أطياف الشعب الفلسطيني وشرائحه وكانت النتيجة التي أرعبت داعمي العصابة المجرمة فهي قد سوقت لهم على مدى ما يزيد عن خمسة وسبعون عاما بأنها أرهبت الشعب الفلسطيني بما يكفي لترويضه وقبوله بكل مشاريعهم الخسيسة ولكن جاءت نتيجة الاستفتاء بأن أسود فلسطين لم ولن يتنازلوا عن حقهم الأصيل في كل فلسطين وعاصمتها القدس كل القدس لا شرقية و لا غربية ، وستنعكس نتيجة هذا الاستفتاء العظيم ونتيجة السابع من أكتوبر المجيد على كل المنطقة وعلى العالم الذي أمضى سنوات يحضر ليوم النصر الذي حلم به ، اليوم الذي يضع يده على الأرض المباركة التي كان يأمل أنها ستبارك له أيضا نفوذه الجديد على العالم من خلال السيطرة على معظم سواحل البحر الأبيض المتوسط و على البوابة البرية الوحيدة بين أفريقيا و اسيا ليطبق الخناق على معسكر الشرق ف الهة الغرب كما قال كفار قريش عن الهة الكعبة عبادة وتجارة.

هذه النتيجة التي صدمت عصابة الاحتلال وداعموها ورعاة الإرهاب في العالم "المتحضر" أفقدتهم توازنهم ودبلوماسيتهم الزائفة وجعلت الولايات المتحدة وبريطانيا أمام خيار وحيد أملاه عليهم المجرمون في عصابة الاحتلال وهو اعدام الشعب الفلسطيني أجمع ولهذا ترفع الولايات المجرمة الفيتو بوجه أي دعوة لوقف إطلاق النار،
وبهذا سقطت ورقة التوت عن الجميع ونحن اليوم أمام الحقيقة، الحقيقة التي تقول بأن قرار اعدام شعب قد وقع وبدأ التنفيذ في غزة وتلاه التنفيذ الممنهج في "الضفة" على أن يأتي دور البقية لاحقا ، في السابع من أكتوبر سقطت أيضا كل "اتفاقيات" السلام شاء من شاء وابى من أبى واستيقظ الحالمون بمشاريع التطبيع كافة، وازيلت حدود اتفاق الهدنة ومسحت خطوط التقسيم التي انشأتها اتفاقيات السلام الزائف، واظن ان الإعلان عن ذلك رسميا ليس ببعيد ، ان تشبث العرب و العالم للان بخيار السلام و حل الدولتين ما هو الا وهم استفقنا منه بفضل السابع من أكتوبر هذا اليوم المجيد الذي يشكل الخطوة الأولى الجادة على طريق التحرير لكل فلسطين ولكل القدس .






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد