نَص: أستلّ نصلًا غير شعريّ .. من حلقي

mainThumb
اللوحة للفنان الفلسطينيّ حسان مناصرة HASSAN MANASRAH

19-01-2024 09:53 PM

 

للتّوابيتِ التي تمشي في جسدي كُلّما حلّ المساء،
للجنازاتِ التي تصعَدُ عبرَ عينيَّ إلى ما فوقَ استطاعتي،.. بكثير،
للبشَريِّ الذي افتتح مواسِم القَتل والبَربرة، وأورثنا.. "سقوطَ الوجه وصراخَ الدّم"
أحاوِلُ.. أنْ أقدِّمُ استقالتي «الجماعيّة» من الأرضِ
التي تستمرُّ بالدوارنِ والغثيانِ و.. المَسْرَحة/
من الأرضِ المَشرَحة.

كانَ يمكِنُ أن أكتُبَ نصًا شعريًا، لكنّني.. أستلَّ نصلًا غير شعريّ إطلاقًا عالقٍ في حَلْقي. كانَ يمكنُ أن يتخيّل الطفلُ أنّ الأرضَ كلّها ستقِف تمامًا، دفعةً واحدةً. وأنّ الخِيامِ التي صبغَتْ تاريخنا بالجوعِ والشّتات والطين ستصبِحُ كتبًا مقدّسة لا عُلبَ صفيح. وأنّها لن تُعيدَ إنتاجَ نفسها، وإنتاجنا. رماديّةٌ الوجوهُ الواضِحة أصبحت، ومالحٌ طعمُ التّراب والدم.. والكلامُ مسامير في التوابيتِ نفسها التي تمشي في جسدي. ننبشُ جرحنا الشّخصيِّ، نتقاسَمُ الحزن مثل الخُبز. جافٌ ويجرحُ و"حافٍ".. وضروريّ.
لديَّ أشياءُ مكسَّرة في الداخِل؛ ألواحُ زجاج، كؤوس، أصوات حادّة ذات أنصالٍ، صُور مثل مسامير دقيقة، حجارة مبعثرة. أشياء مُكسّرة وتُصدِرُ أصواتًا، وتجرحُ قلبي.. حينَ أفكِّر.
مثلَ دميةِ طفلة صغيرة، داسها والدها؛ فتكسَّر جهازُ الصوتِ داخِلها إلى قطع صغيرة، وأصبحت دُميةً و«خشخيشةً» في آنٍ واحد. هكذا أحسُّ جسدي، وأحسُّ بأثر القدمِ التي «هرّسته».. وأحسُّ بصوتِ الخشخشة مبحوحًا وغيرَ مُسلٍ.. بل مخيفٌ أحيانًا. ولا سبيلَ إلى النّجاة منه.. أنا حينَ أخافُ مِنّي إلى أينَ يمكنُ أن أذهب؟ أو إلى.. مَن؟

مبلّلًا كانَ وجهُكَ وقَدَماي ارتجِفتا
(مثلَ أعوادِ أيِّ خيمة ماتَ سُكّانها)
الطريقُ بينَ السّجنِ ويافا هل كانت تُقطعُ مشيًا؟
ضروريًا يأتي الحُزنُ، وقبْلُ هل كانَ ضروريًا؟
لا بُدَّ.. (يقولُ)
تَنتهي المواسِم،
لا بُدَّ تمشي الأشجارُ الواقفةُ في «النّقب»
لا بُدّ تصبحُ الخيمةُ بَلَدًا
فقط.. حينَ.. لا يعودُ للسَّجْانِ، ما يفعله…

 

 

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد