سيناريو الحرب الإقليمية الشاملة المحتملة في الشرق الأوسط

mainThumb
مجازر مروعة في غزة ..

05-04-2024 05:47 PM

تشهد منطقة الشرق الأوسط صراعاً حاداً منذ عملية 7 أكتوبر التي قام بها الجناح العسكري لحماس ضد قوات الاحتلال الصهيوني في غلاف غزة. هذه الاحداث لم تكن عادية بكافة المستويات من حيث مستوى التخطيط أو الإمكانيات اللوجستية أوسرعة ودقة التنفيذ مع التركيز على عامل المفاجأة والمباغتة التي نجح فيها هؤلاء المقاومون قي تنفيذ هجماتهم ونجاحهم التام في تنفيذ خطتهم. أم نتائجها فكانت تفوق التوقعات أيضاً من حيث الصمود الأسطوري للشعب الغزاوي الذي يواجه حرب إبادة وتصفية بحقه من قِبل آلة القتل والدمار الصهيونية والتي تعدت كافة الخطوط الحمراء في قتل المدنيين العزل من نساء وأطفال وشيوخ مرتكبة أبشع الجرائم والفظائع التي فاقت كافة الحروب في التاريخ الإنساني.

لقد غيرت هذه الحرب الموازيين الدولية وأظهرت بجلاء سياسة إزدواجية المعايير للإعلام الغربي وحجم التعاطف الرسمي للدول الرأسمالية الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الغاصب، المتمثل في دولة الاحتلال الصهيوني التي تراهن على إبادة الشعب الفلسطيني بالكامل وعلى مرآى من العالم أجمع، منتهكة كافة المواثيق والشرائع الدولية، ضاربة بعرض الحائط قرارات الأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية تجاه جرائمها في الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، من أجل المحافظة على مصالح تلك الدول في المنطقة.

وهذا ليس بعيداً إلى الآن عن سياسات دولة الاحتلال التي عهدناها سابقاً منذ نشأتها. لكن الجديد في الأمر هو التوقيت في إعادة خلط الأوراق، والملفات الساخنة، وترتيب الأولويات والاصطفافات الدولية على الساحة الكونية.
فقد شهدت الأشهر القليلة الماضية عدداً من المآزق الاستراتيجية التي يواجهها الغرب والتي تعجز النخب الغربية عن إيجاد حل لها، ومنها الحرب في أوكرانيا والتي أثبتت الأيام فشل الدول الغربية في خططها للقضاء على روسيا، وفشلها في ضم أوكرانيا إلى حلف الناتو و فشل السياسات الغربية في تجنب الانهيار الاقتصادي العالمي الذي أصبح وشيكاً والتي تسعى إلى تأجيله قدر المستطاع. فلا يمكن قمع التضخم العالمي المستشري، والسيطرة على أسعار الفائدة المرتفعة، التي تدمر قطاعات الأعمال. في مقابل النمو الاقتصادي للعملاق الصيني وحليفه الروسي على الساحة الدولية. ولذلك فإن الفرصة باتت ملائمة الآن للولايات المتحدة وحليفها الأوروبي في العمل على استغلال هذا الوضع الملتهب في منطقة الشرق الوسط للخروج من المأزق التي زجت نفسها به بنقل دائرة الصراع العالمي إليه بعد الفشل الذريع التي منيت به هذه الدول في أوكرانيا وإقرارها ضمنياً بالهزيمة.
ففلسطين التاريخية تتمتع بموقع استراتيجي على البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، الأمر الذي يجعل منه محط أنظار الدول الغربية من حيث أهميته الجيوسياسية على الساحة الكونية في الصراع الدولي القائم على الممرات البحرية وطرق التجارة العالمية والتي تسيطر على معظمها الصين من خلال طريق الحرير. فالحرب القادمة بين الولايات المتحدة والصين وإن كانت مؤجلة فإن ملامحها بدأت تتبلور الآن في الشرق الأوسط. ولذلك فقد أمست الحرب على غزة أكبر من تدميرغزة وتهجير أهلها وإبادتهم بالكامل لأن مركز الصراع الدولي أنتقل إليها بطريقة أو بأخرى كنتاج طبيعي للصراع الدولي على مناطق النفوذ والتجارة. ولهذا يبدو منطقياً من وجهة النظر الغربية السكوت عن المجازر اليومية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة اليوم. وفي الوقت نفسه وجّهت الحرب في البحر الأحمر ضربة قوية للتجارة البحرية وشركات النقل العملاقة التي تسيطر عليها الدول الغربية والتي ستؤدي عواقبها إلى المزيد من التضخم والذي سيسهم في الانهيار الاقتصادي الوشيك لنظام الدولار.

وكنتيجة طبيعية فقد حددت الولايات المتحدة حربها مع الصين والفرصة الوحيدة بإجبارها على القتال هي حرمانها من الموارد وبالدرجة الأولى إمدادات النفط من الدول العربية، فقد اثبت التجارب بإن العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الدول الغربية غيرفعّالة بشكل جيد وروسيا أكبر مثال على ذلك، ولذلك فإن المخرج هو إشعال فتيل حرب شاملة إقليمية في المنطقة من شأنها أن تغلق المضائق وتقطع سلاسل الامداد للنفط العربي عن الأسواق الخارجية.
وهذا ما يفسر امتناع الولايات المتحدة عن اجبار إسرائيل على وقف الحرب على غزة، بل تشجعها على القيام بضربات استباقية استفزازية ضد حزب الله في لبنان وتتمادى في قصف مناطق مختلفة في سوريا وضرب بعض المنشأت الإيرانية والتي كان آخرها ضرب القنصلية الإيرانية في دمشق وغيرها، بغية جر تلك الدول للاشتباك في حرب إقليمية شاملة مع دولة إسرائيل في المنطقة.
وبالتالي تنال الولايات المتحدة مرادها في محاربة الصين والإضرار بمصالحها من دون أن يكون هناك شريك يحارب بالوكالة عنها وذلك بإن تجعل حلفاء الصين في المنطقة متورطين في حرب إقليمية شاملة تؤثر على اقتصاد المنطقة برمتها، بينما تخرج هي من أزمتها الخانقة بحيث تصبح هي ذاتها أكبر مورد للنفط والغاز لحليفها الأوروبي وبأسعار باهضة الثمن وتجني المليارات من بيع الأسلحة والذخيرة وقطع الغيار لدول المنطقة مع الإبقاء على إطالة أمد الحرب في أوكرانيا وتزويدها بالأسلحة في محاولة منها لاستنزاف روسيا قدر المستطاع.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد