نتذكّرهم بفرح ..
مرّت في الحادي عشر من كانون الأول/ ديسمبر الماضي (2024)، الذّكرى السابعة والأربعين لاستشهاد المناضلة المغربيّة سعيدة المنبهي، بالسّجن المدنيّ في الدار البيضاء بعد إضرابٍ عن الطّعام دامَ أربعةً وثلاثين يوماً، وكانت متزامنةً هذا العام مع انهيار نظامِ الأسد على الجهة الأخرى من المتوسّط، ودخولِ السّوريين سجن صيدنايا؛ حيثُ باتوا (طواعيةً هذه المرّة) داخلَ السّجن ومشرحته المليئة بالجثامين والبقايا البشريّة؛ بحثاً عن معتقلين أحياء، في أقبية السّجن الذي استقبل أكثرَ من ثلاثينَ ألف إنسانٍ أغلبهم سوريون منذ عامِ 2011.
يروي عبد القادر الشّاوي، في "كانَ وأخواتها" (التي كتبها داخل السّجن المركزيّ بالقنيطرة) أنّه تمّ اعتقالُ سعيدة المنبهي في مارس 1976، واحتجزت شهراً لدى الشّرطة (تروي مصادر أخرى أنّها احتجزت بمعتقل درب مولاي الشّريف السّري بالحيّ المحمّدي)، ثمّ قدّمت للمحاكمة، (رفقة نحو 138 آخرين) وأودعت بسجن الدّار البيضاء، قبل أنْ تنضمّ إلى الإضراب (للمطالبة بفكّ العزلة وتحسين ظروف الاعتقال والاعتراف بهم كمعتقلين سياسيين) الذي ابتدأ يوم 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 1977 في القنيطرة، وانتقل بعدَ أيّام ليشمل معتقلين بالدّار البيضاء، قبلَ أنْ تُنقل إلى مستشفى ابن رشد، حيثُ قضت، كأوّل مناضلةٍ في تاريخ الاحتجاج السّياسيّ بالمغرب تستشهدُ مضربةً عن الطّعام.
كتبت سعيدة بعضَ الأشعارِ بالفرنسيّة، التي ترجمها عبد اللطيف اللّعبي فيما بعد، إذْ كانت جدرانُ الزّنزانة بالنّسبة إليها مساحةً حرّة للتّدوين والتفكير والحفر؛ "كانت سعيدة تكتُبُ بأظافِرها في غبش الزنزانة، ولا تأبه بأمراض الإبداع. القصيدةُ رئتها الثالثة التي تستنشق بها رائحة غابات الحرية.. ولم تفكِّر بالمخبرين ولا جواسيس اللّغة" كتبَ عنها اللّعبي. والآن؛ في المشاهدِ المريعة التي كشفت عنها زنازينُ سجن صيدنايا كانَ (ما زالَ) الجدارُ مساحةً حرّة، للكتابة والعدِّ والتّذكر، أو حتّى مساحةً للاستيهام؛ ففي زنزانةٍ بصيدنايا رسمَ سجناءُ مروحة سقفٍ في الحائط، أو فضاءً للحلمِ في وجه استبداديّة "مكبسِ الأجساد" لا يستطيعُ الطاغية التّلذُّذ بمعاقبته، أو مساحة للشَّك والتّوجس وإعادة التفكير.
لا تنتهي، ولا حدَّ لها، هذه الممارساتُ التّوحشيّة داخل سجونِ الأنظمة والاحتلالات، وتتشابه بشكلٍ تفصيليّ بل وتتنافسُ السّلطاتُ في توليدِ نسخٍ أكثر توحشاً من العنف ضدّ الإنسان المسلّع والمُشيَّأ (بتعبير جورج لوكاتش) بُغية إخضاعه واسترقاقه. يعيدُني هذا إلى ميشيل فوكو، في كتابه "المراقبة والمعاقبة: ولادة السّجن"، وهو يفكّر بآليات السّلطة للسيطرة على الحياة من خلال الجسد كآلة، وتطوّرها من علنيّة التعذيب المادي إلى "ولادة اللّطف" والتّعذيب الموجّه إلى روح هذا الجسد داخلَ أسوار السّجن المراقب، بُغية توليد جسدٍ طيّع انضباطيّ تعمل فيه علاقات السّلطة بشكل مباشر؛ "فهي توظّفه وتطبّعه، وتقوّمه... وتضطره إلى احتفالات... وهي تسترقّه؛ إمّا بالعنف أو الأيدولوجيا"، لتعيد إنتاجه وفقَ شروطها وسياساتها للسّيطرة على الحياة.
أفكِّر بالسّلطاتِ العربيّة وهي تُزاوج بين العنف الموجّه إلى الجسد والرّوح في آنٍ معاً، وبينَ علانيّة البراميل المتفجِّرة والقمع، وسريّة السّجون والأقبية، وبينَ التّلذُّذ بالسيطرة على الحياة والموت، مقابل الفُرجة المريحة على "اللّحم الفلسطينيّ" في السّجنِ الكبير المفتوح؛ غزّة، والاستسلامِ (المريح أيضاً) للدّور الوظيفيّ ضمنَ سياقات الاختلال العالميّ، إذْ لم نبدِع إلّا في تطويرِ القتل والاقتتال والاسترقاق والاسترزاق وتقديم بعضنا البعض قرابينَ جاهِزة، وسيكونُ مخجلاً في زمنٍ قادِم أنّنا عشنا زمن الإبادة المباشِرة دونَ أنْ "يعضَّنا ضميرُنا"، ودونَ أنْ نقدّم استقالةً جماعيّة من دورنا الفرجويّ في زمن الاستعراضِ والرداءة. وأفكِّرُ بسلطاتِ الاحتلال الإسرائيليِّ وهي تسعى لتطويعِ وتدجينِ الفلسطينيّ وجسده وعقله، عبرَ السّجونِ والمعتقلاتِ والسّجونِ الكبيرة؛ فالقرى والتّجمعاتُ تحوّلت إلى سجونٍ داخلَ سجونٍ، في حياةٍ مراقبة ومنتهكة حتّى آخرها، يصلِّي فيها الفلسطينيُّ "خبزَنا كفافَنا أعطنا اليوم".
أجيالٌ متوالية من المعتقلين السّياسيين، في سجونٍ وأقبية تنتشرُ على طولِ المنطقةِ التي سمّتها أميركا "الشّرقَ الأوسط"، أجيالٌ كثيرة وأسماءُ أكثر تركوا أصواتهم شاهدةً على مراحلَ مظلمة من عُمرِ الإنسان "الذي خذلته إنسانيّته"، حيثُ أصبحت بطولةً، في هذه المرحلة، "ألّا يفقدَ عقلَه" (كما كتب عبد الرحمن منيف في رسالته السّادسة إلى فيصل درّاج) لفظاعةِ ما يرى ويسمع ويعيش ويشاهِد. أجيالٌ كثيرة قاوَمت التّغول السّلطويّ والاستعماريّ ووكلاءه، وأفرزت أشكالًا مختلفة من المُقاومات "الممكنة، الضرورية، العفوية، الوحشية، المنعزلة، المتفق عليها، الزاحفة، العنيفة، المتضاربة، السريعة في قبول التسوية، المهتمة أو المستعدة للتضحية" حسب فوكو في "إرادة المعرفة"، والتي نجحَ بعضُها، وفشلَ بعضٌ أكثر، لكنّنا نتذكَّرهم اليوم كلّهم بفَرَح، كما أوصَت سعيدة المنبهي.
الاحتلال ينسف مباني سكنية شمالي غزة
مفاوضات أمنية سورية إسرائيلية برعاية أمريكية في باكو
أمانة عمّان تواصل تعبيد شوارع رئيسية حيوية .. صور
قطر: خرق نتنياهو للقانون الدولي لن يستمر دون حساب
ريال مدريد يتلقى ضربة مبكرة أمام مارسيليا
الأردن يرحب بإعلان دوقية لوكسمبورغ عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية
الحسين إربد يفوز على سباهان الإيراني في دوري أبطال آسيا 2
جامعة الدول العربية ترحب بخارطة حل أزمة السويداء السورية
السعودية تشيد بجهود الأردن في توصل سوريا لخارطة طريق
انخفاض مؤشرات الأسهم الأميركية
إسرائيل تقترح اتفاقاً أمنياً جديداً لسوريا
صورة مؤلمة توثق احتجاز فلسطينيين بحاجز عورتا
وزارة الشباب تبحث تعزيز النزاهة والمشاركة السياسية للشباب
السعودية وقطر ترحبان بخارطة حل السويداء السورية
استشهاد حفيد عبد العزيز الرنتيسي في قصف للاحتلال على قطاع غزة
تعديل ساعات عمل جسر الملك حسين الشهر الحالي والقادم
سعر الذهب عيار 21 في الأردن اليوم
نصائح لقبول تأشيرة شنغن بدون عقبات
الصفدي يلتقي وزير خارجية كرواتيا في عمّان اليوم
مرحلة جديدة تدشّنها إسرائيل… عنوانها العربدة
العياصرة: التوسع الاستيطاني يعبر عن حالة التوحش في إسرائيل
صورة من مدرسة حكومية تكشف واقعاً مؤلماً .. شاهد
الصحة النيابية تطلع على الخدمات بمستشفيي الإيمان
اتفاقية بحثية بين البلقاء التطبيقية وماليزيا كلانتان .. صور
مشتركة في الأعيان تبحث تعزيز التنمية الثقافية
أنشطة وفعاليات متنوعة في الجامعات
اليرموك تعلن الدفعة الأولى لطلبة الدراسات العليا .. رابط
اختتام جلسة حوارية بشأن قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة