الموروثات المتباينة لهنري ميلر وأناييس نن
في الزوايا الغامضة للمقاهي الباريسية في ثلاثينيات القرن العشرين، حدث ذلك اللقاء الفريد الذي من شأنه أن يعيد تعريف فن الكشف عن الذات في الأدب الغربي. التقى هنري ميلر أناييس نن – وهما كاتبان من خلفيات مختلفة إلى حد كبير، لا يمكن وصفه إلا بأنه التصادم الإبداعي. لم تنتج روابطهما، وهي تشابك نادر من العاطفة والفكر والتجريب الأدبي، قصة حب واضطراب نرجسي عابرة، بل ولدت قصة ربما هي الأشهر في عالم الأدب.
وصل هنري ميلر إلى باريس في عام 1930 تاركاً وراءه زواجاً فاشلاً، ووظيفة غير ملهمة، وبلداً لا يقدر موهبته الخام. عرضت عليه باريس الحرية، أناييس نن، وهي امرأة كان عالمها الداخلي غامضاً مثل تمردها الخارجي. في ذلك الوقت، كانت متزوجة، وتقف مترددة بين عالمي التحليل النفسي والطموح الأدبي.
التقيا 1931 في لقاء بدا عابراً للوهلة الأولى، لكنه كتب قصة دامت عقداً من الزمن. وصف ميلر ذات مرة نن بأنها «الشخص الذي جعلني أكتب بالدم»، وفي الواقع، ساعد تشجيعها ومدخلاتها التحريرية في بلورة المسودة الأولى لما سيصبح مدار السرطان، وهي رواية تم حظرها لاحقاً في الولايات المتحدة، بسبب محتواها الصريح، وتم الاحتفال بها في أوروبا لجرأتها الأسلوبية.
وجدت نن، بدورها، في ميلر مرآة لرغباتها ومخاوفها. لقد كان بالنسبة لها محرضاً خطيراً وضرورياً. تكشف رسائلهما المبكرة، التي ترجمتها دار المدى قبل سنوات، عن شهادة على هذا التقارب الملتبس: نن فيلسوفة الذات، وميلر ملهم كل ما هو حسي.
حتى في ذروة ذلك التقارب الجنوني، سعى ميلر إلى التعالي من خلال المواجهة؛ مع الفقر والشعور بالعار وعبثية الحياة التي لم يأتلف معها. سعت نن بدورها إلى التعالي من خلال التأمل الذاتي، من خلال كشف الرموز الغامضة للطفولة والأنوثة. بقدر ما كانا متعاونين، كانا أيضاً غير متوافقين على نحو غريب. بعد انفصالهما الأولي في عام 1934، انتهت بينهما فترة مضطربة تميزت بالغيرة والخلاف الفني وتعقيدات نن العاطفية. واستمرا في المراسلة، لكن طبيعة روابطهما لم تعد كما كانت.
عاد ميلر إلى أمريكا، فقد تم الاعتراف به في النهاية. لم تعد ثلاثيته – مدار السرطان، والربيع الأسود، ومدار الجدي – من الممنوعات، بل أضحت ممارسة أدبية تأسيسية. بالنسبة لكثيرين، وقف ميلر كمتمرد ضد القمع، ورائد أسلوبي كان ابتذاله شاعرياً وكان صدقه شكلاً من أشكال المقاومة. انطلقت شهرته، ومعها أسطورة الفنان الانفرادي غير الخاضع للرقابة.
على النقيض من ذلك، ظلت أناييس نن شخصية أكثر غموضاً حتى الستينيات، وعندما بدأت في نشر مذكراتها اندهش العالم الأدبي، وخاصة النساء؛ حين كشفت تلك المذكرات عن امرأة أرخت حياتها الداخلية بكثافة ودقة وغنائية، لدرجة أن اليوميات نفسها أصبحت شكلاً من أشكال الفن. تحولت علاقاتها إلى مادة للمعالجين النفسيين والفنانين. رفضها البعض باعتبارها نرجسية. وعدها آخرون رائدة لفن جديد: امرأة أخذت مهمة وصف ذاتها على محمل الجد، وجعلت الحياة الداخلية جوهر الأدب. كما اكتسبت روايتها الجريئة، بما في ذلك «دلتا فينوس» و»طيور صغيرة» التي كتبتها قبل عقود ولكنها حجبتها بسبب الخوف من توقعات المجتمع. تحدت هذه الأعمال الأدب المثير الذي يركز على الرجال من خلال وضع الرغبة الأنثوية في المركز، والتي تمت تصفيتها من خلال الذكاء العاطفي بدلاً من الاستفزاز المطلق.
ومع ذلك، دفع كل من ميلر ونن ثمن صراحتهما؛ فقد تم استبعاد ميلر لفترة طويلة من قائمة الشرف الأدبي بسبب تهوره، وغالباً ما تم تهميش نن باعتبارها كاتبة يوميات بدلاً من الاعتراف به كروائية أو منظرة للذات. بمرور الوقت، بدأت عمليات إعادة التقييم النقدية في الاعتراف بأهميتها الحقيقية، ليس فقط ككاتبين ولكن كشخصيتين ساعدتا في توسيع ما يمكن أن يعد مؤثراً في عالم الأدب.
لا تزال علاقتهما واحدة من أكثر الفصول روعة في التاريخ الأدبي، ليس لأنها كانت شاعرية أو مثالية، ولكن لأنها كانت حقيقية، محفوفة بالمخاطر، وخلاقة، وضارة، علاقة تحدت كل ما هو قار. لم يكونا عاشقين مثاليين ولا كتابين مثاليين، لكنهما كانا ضروريين لتطور بعضهما. كتبت نن ذات مرة أن ميلر «يكتب للمستقبل»، وكانت على حق. لقد توقعت عالماً يتسامح مع الصدق «غير المفلتر». من جانبه، أدرك ميلر أن مساهمة نن الحقيقية لا تكمن فقط في نثرها الدقيق، ولكن في شجاعتها لتوثيق الطيف الكامل للوجود: تناقضاته، وأشواقه، وغموضه الأخلاقي.
بينما نقرأ أعمالهما اليوم: مذكرات نن المضيئة، وروايات ميلر الجريئة – نشعر بأهميتها المستمرة. في عصر مهووس بالأصالة والسرد الذاتي والشفافية العاطفية، تبدو مساهماتهما أكثر حداثة من أي وقت مضى. الحدود التي عبراها بين الخاص والعام، تقف الآن على تخوم الكتابة المعاصرة.
لم يكتبا ليصبحا قديسين أو حكمين، بل ليكونا بشراً. وبذلك، لم يتركا وراءهما كومة من الكتب، بل مخططات جريئة للعيش والحب والكتابة من قلب الوجود.
اعتداء جنـ.سي على جثة بمترو مانهاتن
شركة لرعاية الحيوانات تطلب متدربًا لشم أنفاس الكلاب
انخفاض الجرائم الجنائية بالأردن بنسبة 2.81% في 2024
غياب تاريخي لجنوب الأردن عن دوري المحترفين الأردني
الحكومة تطفئ ديونًا بقيمة بـ 750 مليون دينار خلال شهرين فقط
الاحتلال يعتزم استدعاء عشرات آلاف جنود الاحتياط لتوسيع الحرب على غزة
الاتحاد الإسباني يوقف روديغر 6 مباريات
إسرائيل تنفذ ضربة تحذيرية لحماية دروز سوريا
مصر تتأهب لعاصفة شديدة وسط تعطيل الدراسة وتحذيرات الأرصاد
جلسة تشريعية لمجلس النواب الأربعاء
جليلة: علاقتي بتامر حسني انتهت ولن تعود: فيديو
فرصة للمقبلين على الزواج .. انخفاض أسعار الذهب 30 قرشا
عشرات المستوطنين المتطرفين يقتحمون الأقصى بحراسة شرطة الاحتلال
التوثيق الملكي يعرض وثيقة حول نشأة أول نقابة عمالية في الأردن
جلسة حاسمة قريباً قد تطيح بــ 4 رؤساء جامعات
خبر سار لأصحاب المركبات الكهربائية في الأردن
الأردن .. حالة الطقس من الخميس إلى الأحد
مسلسل تحت سابع أرض يتسبّب بإقالة 3 مسؤولين سوريين .. ما القصة
توضيح مهم بشأن تطبيق العقوبات البديلة للمحكومين
رسائل احتيالية .. تحذير هام للأردنيين من أمانة عمان
الخط الحجازي الأردني يطلق أولى رحلاته السياحية إلى رحاب
تصريح مهم حول إسطوانة الغاز البلاستيكية
مصدر أمني:ما يتم تداوله غير صحيح
أول رد من حماس على الشتائم التي وجهها عباس للحركة
أمطار غزيرة مصحوبة بالبرق والرعد في هذه المناطق .. فيديو
أسعار غرام الذهب في الأردن الخميس
رفع إنتاجية غاز الريشة إلى 418 مليون قدم يوميا