مرصد أكيد : 1234 إشاعة بالأردن خلال عام

mainThumb
مرصد أكيد

03-05-2025 06:39 PM

عمان - السوسنة

في زمن تتسارع فيه الأخبار وتتمدد فيه الفضاءات الرقمية، يصبح الخيط الفاصل بين حرية الصحافة وخطر التضليل أكثر هشاشة، ما يفرض على الصحفيين والدول مسؤولية مضاعفة في حماية الكلمة من الانزلاق إلى مربعات التلاعب والتزييف. فالسبق الصحفي لم يعد للأصدق، بل للأسرع، وفقًا لما ترصده أرقام مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد"، الذي وثّق تسلل 1234 إشاعة إلى وعي الجمهور خلال عام واحد، شكّلت منصات التواصل العلنية مصدر 90 بالمئة منها.

وكشفت متابعة وكالة الأنباء الأردنية (بترا) للفترة الممتدة من 3 أيار 2024 حتى 3 أيار 2025، ارتفاعًا كبيرًا في حجم الأخبار الكاذبة، بما يزيد من اضطراب الوعي العام ويعزز خطاب الكراهية والصورة السلبية في المجتمع. وسجّل "أكيد" قفزات شهرية لافتة، تراوحت بين 57 إشاعة في أيار إلى نحو 200 إشاعة في كل من شهري تشرين الأول والثاني.

زيد المومني، مراقب المحتوى الإعلامي في "أكيد"، حذر من أن المسافة بين حرية التعبير ونشر المعلومات المضللة أقصر مما يُتصوَّر، معتبرًا أن حرية الصحافة، رغم كونها حقًا أصيلًا، لا تكتمل دون مسؤولية مهنية صارمة، وإلا فقدت جوهرها وتحولت إلى أداة تضليل.

وأشار المومني إلى أن وسائل التواصل، التي وُلدت كمنابر للتعبير، أصبحت مساحات خصبة لتناقل معلومات دون تحقق، وأسهمت بنسبة 87 بالمئة من الشائعات المنتشرة العام الماضي. وأكد أن في عصر الإعلام الرقمي، لم تعد الحقيقة هي ما يصل أولًا، بل ما يُنشر ويُشارك أكثر، لافتًا إلى أن كثيرًا ممن يمتلكون منابر نشر احتموا بمصطلح "حرية التعبير" لتبرير غياب الدقة وغموض المصادر.

وفي هذا السياق، شددت محكمة صلح جزاء عمّان، في تفسيرها للمادة 15 من قانون الجرائم الإلكترونية، على أن تجريم الأخبار الكاذبة يستند إلى عنصرين: الأثر السلبي على الأمن الوطني والسلم المجتمعي، وتجاوز حدود الحق في التعبير. كما استعرضت المحكمة تعريفات قانونية دولية ووطنية للمصطلح، وأبرزها تعريف اليونسكو: "المحاولات المتعمدة لإرباك أو التلاعب بمعلومات تمس سمعة ومصالح الأفراد".

من جانبها، أظهرت التشريعات الأردنية موقفًا حازمًا من التضليل الإعلامي، فنصّت المادة 132 من قانون العقوبات على تجريم بث أنباء كاذبة تمس هيبة الدولة، فيما حظرت المادة 106 من قانون الأوراق المالية والمادة 38 من قانون المطبوعات والنشر بث أو ترويج الشائعات أو الإساءة إلى الأفراد بمعلومات غير صحيحة.

وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، شدد مجلس نقابة الصحفيين على خطورة التحديات التي تفرضها البيئة الرقمية والذكاء الاصطناعي على العمل الصحفي، مشيرًا إلى استفحال ظاهرة التضليل الإعلامي، وتصاعد تقنيات التزوير، والرقابة الخوارزمية، التي تهدد سلامة الصحفيين وتهز ثقة الجمهور.

وأكد المجلس أن مواجهة هذه التحديات تتطلب دعم المؤسسات الإعلامية وتعزيز بنيتها الاقتصادية، بما يضمن استدامتها واستقلالها المهني، ويوفر بيئة داعمة للصحفيين تمكّنهم من إنتاج محتوى موثوق، ومقاومة الموجات المتنامية من التضليل.

وإزاء كل هذا، تبدو المسؤولية مشتركة: على الصحفيين التمسك بأخلاقيات المهنة والدقة، وعلى الدول إرساء تشريعات ضابطة تحمي الحق في التعبير دون السماح بانزلاقه إلى فوضى الكذب والتضليل، ليبقى الحرف منارة للمعرفة، لا وسيلة لتعتيم الحقيقة.








تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد