مَن التالي ؟

mainThumb

31-05-2025 01:55 AM

ثمّة حقيقة (مُطلقة) لا يُمكن تجاهلها، هي أنّ رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، لا يُريدُ لهذه الحرب أن تنتهي، ومن جهةٍ أخرى، فإنّ هذه الحرب برمّتها كانت فرصة مواتية جداً لتغييرات عميقة في الشرق الأوسط. وكنتُ قلتُ في وقتٍ مبكّر من اندلاع الحرب إنّ عدم دخول حزب الله اللبنانيّ بكامل ثقله سيكلّفه كثيراً بعد القضاء على غزّة وتسويتها بالتّراب، وهذا ما حصل؛ إذ اغتيلت قياداتُ الحزب واحداً تلو الآخر وعلى رأسهم الأمين العام الأسبق حسن نصر الله، وضُربت مقدّرات الحزب العسكرية، ما انعكس عليه سياسياً؛ إذ هو الآن يفاوض على نزع سلاحه.
هذا التّوحش الإسرائيليّ والرغبة المسعورة بالتّمدد طاولت سوريّة أيضاً، إذ يزحفُ جيشها إلى ما شاء في البلادِ التي خلّفها الأسدان، الأب والابن، مقبرةً كبيرة، فيما حُكامها الجدد يرتبكون بينَ ماضٍ أصوليّ ومستقبلٍ تحفّه "عناية" أميركا. أمّا الضفة الغربية، فلا حاجة لتفسير المفسَّر فيها، إذ هي رسمياً وعلى أرضِ الواقع ضمن الخطواتِ الأخيرة لضمّ ما تبقّى منها، وتدجين ما لم يتدجَّن بعد.
هذا كلّه حصل، وغزّة سوّيت بالتراب، وآخر اهتمامات "عصابة" الموت التي تحكم تل أبيب هم الأسرى المتبقون لدى الفصائل الفلسطينيّة في غزّة، ولا فرقَ بين الأحياء منهم والأموات. وعليه؛ فإنّ دولة الاحتلال "تتفلَّت" لتنفيذ هجماتٍ على إيران، وتقول تقارير إخباريّة (الجمعة) إنّها تعدّ خطة طويلة الأمد لمواجهة هجومٍ إيرانيّ مضاد قد يستمرّ أياماً عدّة، في ظلّ الخلاف الذي يبدو مفتعلاً بين ترامب ونتنياهو، والحديث الأخير بينهما بخصوص ضربة إسرائيليّة تستهدف منشآت إيران النوويّة، مستبقةً اتفاقاً طالت جولات التفاوض حوله بوساطةٍ عُمانية.
يستطيع المتابع لسيرورة الأحداث منذُ اندلاع طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر (2023)، إلى اليوم، الترجيح بنسبة عالية أن تقوم إسرائيل بمناورة جديدة في إيران، إذ لا شيء سيطيل أمد الحرب إلّا مثل هذه المناورة، كما أنّ التوحش الإسرائيليّ وجنون التفوق على العالم برمّته، وما يظهر من خطاب سياسيّ إسرائيليّ موجّه لدول داعمة له بالأساس كبريطانيا وفرنسا، دليل أنّ موجة التطرّف العاصفة التي تحكم إسرائيل ستقودها إلى افتعال مواجهة جديدة، أغلبُ الظنّ أنّها مع إيران، إذ لم يبقَ سواها إذا استثنينا الحوثيين الذين فقدوا كثيراً جداً من مقدّراتهم جراء الضربات الإسرائيليّة وقبلها الأميركية.
ربما؛ ستكونُ إيران (مرة عاشرة) أمام امتحان التصريحات العنترية، التي ما فتئت تُدلي بها، وقد لا يكونُ بعيداً عن مصير بشّار الأسد مصيرُ نظام "الجمهوريّة الإسلاميّة"، لا شيء مستبعد في المستقبل القريب، فها هو نتنياهو يقفُ أمام الخراب حيناً وتحت المسجد الأقصى حيناً، ويسأل: مَن التالي؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد