وهم البطولة
يسكن في خلد كل منا حلم البطولة والقيادة يحدث به نفسه ليل نهار وفي السر و العلن، ويعتقد بأن في قلبه تكمن أسرار القوة التي تمده بالعزيمة لتحقيق ذاك الحلم الجميل، ويخيل له بأنه أمر سهل المنال. ولكن أكثر الناس يقع في فخ وهم البطولة، حيث ينسج في خيالاته وأحلامه بطولات وهمية بأنه الفارس المغوار الذي لا يشق له غبار ، وأنه ذاك البطل الذي يمتطي جواده ويستل سيفه ليحارب به أعداء الوطن. وفي الحقيقة نجده يحارب فزاعة الحقول بسيف خشبي اعتقاداً منه بأنه يدافع عن الوطن وينشر الفضيلة، ويساعد الفقراء والمهمشين، وأنه سيصلح البلاد ويغني العباد ويحقق العدل بين الناس، ونجده نهاية الأمر يصارع الفراغ كما فعل دين كيشوت الذي حارب طواحين الهواء معتقداً بأنها شياطين، فيقع فريسة أوهامه وخداع نفسه.
فالوهم كما عرفه علماء النفس بأنه ما يقع في الذهن من الخاطر، وفي علم النفس هو كّوسواس، اعتقاد خاطئ يؤمن به المرء بقوّة بالرَّغم من عدم وجود أدلَّة عليه، ويدلّ على مرض عقليّ، والوهم يعرف الوهم على أنه شكل من أشكال التشوّه الحسيّ، ويدلّ على سوء تفسير الإحساس الحقيقي.
وهم البطولة هو المؤرق لكثير من الناس ناجم عن حب الظهور، أو أنه يريد استعادة أمجاده الوهمية بعدما استبعد من مواقع الصف الأول وعاد إلى صفوف الجماهير ، أو أنه يعيش في عوالم الوهم، وهناك أيضاً من يعاني من بعض الأمراض النفسية ويحاول بوهم البطولة ان يغطي بها ضعفه، ومنهم من يعيش حالة من الخيال متصوراً أحلاماً كان يتمنى تحقيقها وإنجازها ولكنه للأسف لم يستطع ذلك، فأصبح ينسج روايات وقصص غريبة عن بطولات وهميةيقصها على ندمائه وجلسائه يصدع بها رؤوسهم.
وأحياناً تجد حالة الفراغ أو العزلة بعد التقاعد والابتعاد عن الموقع الوظيفي سياسياً أو إدارياً تجتاح بعض الأشخاص المهزومين داخلياً تجعله يسبر أغوار هذا العالم الوهمي وتسبب له حالة من الرغبة الجامحة في الطفو إلى السطح مرة أخرى، فتنشأ فقاعات اجتماعية مختلفة، كل فقاعة منها همها الوحيد أن تطفو في عالمها الخاص. وهذه الفقاعات عادة ما تكون ممتلئة بأوهام البطولة الزائفة. و لاتستغرب من ذلك فقد أكون أنا أو أنت من هؤلاء الأبطال الزائفين الذين تمتلئ عقولهم بتلك الأوهام، خاصة وبعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي اصبحت فضاءاً رحباً لا رقيب عليه، ويقوم كل من يعتقد نفسه بطل قومه فيمليء به أوهامه، ويتحفنا بصوره ولقاءته، ويكتب ما يحلو له اعتقاداً منه بأنه فيلسوف عصره، وأنه العارف بكل شيء.
ولا شك بأنه قد اتيحيت لكل منا له فرصة الاستماع لبطولات وهمية لأشخاص يحدثون بها جلسائهم في المجالس العامة أو الخاصة، أو شاهد ذلك على شاشات الفضائيات أو عبر أثير الأذاعات الزاخرة بالبرامج الحوارية التي تسمى برامج التوك شو مع شخصيات مختلفة سياسية واقتصادية واجتماعية وفنية ورياضية، أو اللقاءات الإعلامية التي يدهشنا فيها المتحدثون عن بطولاتهم الوهمية، لنجد أنفسنا في بعض الآحيان نقول لولا هذا الشخص لكانت البلد قد دمرت، أو أن تلك المؤسسة التي كان يوماً ما على قمة إداراتها قد تلاشت لولا بطولاته بأنقاذها.
وترى بعض المستمعين يشنف أذانه شغفاً للاستماع لتلك الروايات، وترى بعضهم مشدوهاً من تلك الأحاديث التي في أغلبها مجرد أحاديث مجالس أو سيناريوهات ينسجها هؤلاء الأشخاص في خيالهم ممن يجيدون هذا النوع من السرديات، لتجد كثيراً منهم قد ذهب بعيداً عن الواقع في سرد قصص وروايات عن بطولاته وبطولات أباءه وأجداده، يزهو بها فخراً وعزاً بأمجاد الانتصار، وفي الحقيقة ليس له منها سوى الأسم أو سيرة من قاموا بها. وأخرون يصورون بطولاتهم كأنه أعاد الأندلس أو فتح القسطنطينية، وتعتقد للوهلة الأولى وانت تستمع لتلك البطولات بأنك أمام صلاح الدين أو سيف الدين قطز، وبأن هذا الشخص بطل مغوار لا يشق له غبار، وفي الحقيقة تجده يخشى نباح الكلب أو يفر من رؤية الحشرات. وتكتشف من خلال تلك الأحاديث الحقيقة المؤلمة بأن ما قام به هولاء من انجازات بسيطة قد يحققها أي شخص لو وضع في نفس الظروف أو تبوء ذلك الموقع، لا بل قد يحقق أكثر من ذلك، وأن ما يتحدث به هؤلاء ما هو إلا أوهام البطولة. وفي الحقيقة فإن الخيال مطلوب في حدود معينة، فالخيال هو جوهر الإبداع.
وكم تسببت أوهام البطولة في دمار لأجزاء من العالم ولبعض الدول، فيذكر لنا التاريخ الكثير من السياسين والعسكريين الذين حلموا في السيطرة على العالم وتسببوا بحروب طاحنة راح ضحيتها ملايين البشر من أجل أن يحقق وهم شخص ما. فالوهم ليس مقصوراً على هؤلاء البسطاء بل يتركز في اغلب الأحيان وهم البطولة عند هؤلاء الذين يملكون القوة والسلطة، والأدهى من ذلك بأن ينسب هؤلاء تلك البطولات لأنفسهم وحدهم، ولا يذكرون من ساعدهم وكانهم على لوحة الشطرنج لا دور لهم سوى العمل حتى الموت من أجلهم.
كثيراً من السياسين ومرشحي الانتخابات في جميع القطاعات يشبعوننا ببطولاتهم الوهمية. وما هي إلا انجازات واهية يستطيع أيا كان تحقيقها. وأخرون يتصرفون بشكل متهور دون حساب لعواقب الأمور وذلك حتى يقول عنه الناس بأنه بطل مغوار وهو بالحقيقة وهم البطولة. وهؤلاء حتماً سيجدون مناصرين لهم من يوهمهم بالبطولة لتحقيق مأرب خاصة لهم.
صحيح بأن وهم البطولة حلم يراود كلا منا، ولكنه قد يتعدى عند البعض حدود المنطق والمعقول، فتجد هناك من يدعي البطولة ويرسم سيناريوهات استهدافه أو اغتياله دونما وجود اثبات على ذلك من أجل أن يتصف بالبطولة أمام الناس أو أن يعكس صورة غير التي هو عليها. وهناك من يدعي البطولة خلال الحروب التي خاضتها بلاده أو الثورات التي قامت في بلاده، لنجد الكثير من يدعي بأنه أنقذ البلاد من العدو، وبعضهم يصف نفسه بأنه مفجر الثورة ومفكرها كأنه كاسترو أو نيلسون مانديلا والذي أعطى الفكرة للاخرين وأنه مرشد الثورة وسبب نجاحها، وفي الحقيقة كان قابعاً في منزله ولم يشارك الا بعدما انتهت الثورة وحققت مرادها على أيدي أناس وأبطال حقيقين ضحوا فعلا بانفسهم من أجل بلادهم. وتجد تلك الفئة منهم يمارسون جنون العظمة ووهم البطولة من أجل ابتزاز الوطن والدولة والناس من خلال اختلاق المؤامرات والأفكار الهدامة من أجل أنفسهم لا من أجل الأوطان والشعوب.
وكثيراً من تلك الفئات من مدعي البطولة أو من يتفاخر ببطولات وهمية وخاصة من اغترب منهم أو من كبار السن الذين نادراً ما تجد من أقرانه لا زال على قيد الحياة فتراه يقول كنت كذا وكذا وعملت كذا .... وما إلى ذلك، وهؤلاء ينطبق عليهم المثل الشعبي القائل يكفيك شر ختيار ماتت أجياله أو شاب تغرب، وذلك لأنه لا يوجد من يصدقه أو يكذبه.
وفي الحقيقة لا ننكر على بعض الأبطال بطولاتهم في الدفاع عن الوطن و الدفاع عن الشعوب، أو الأنجازات التي قام بها البعض، ولكننا يجب أن نمييز بين من هو البطل ومن هو الواهم. ولكن يجب أن نميز بين انجازات العمل وبين البطولة التي قد يدفع صاحبها حياته وماله وأبنائه ثمناً لها، وبين انجازات يحققها في عمله بصفته مسؤولاً في إحدى وزارات ودوائر الدولة، أو بصفته مؤسساً أو مالكاً لشركة أو مؤسسة حققت نجاحاً خلال إدارته لها.
وللبطولة رموزاً خالدة وسيراً نحتفي بها عبر الزمن وتبقى مثالاً للأجيال ندرسها ونقتدي بها، لا إنجازات قد تتلاشى من الزمن ......
مستشار وخبير التنمية والتطوير الإداري
تهنئة لــ العقيد احمد محمد السكارنه
تهنئة بالترفيع للملازم معاذ فيصل محمد
تهنئة للملازم عبدالله العموش بالترفيع
ولي العهد يتصل هاتفياً بلاعبي النشامى قبيل مواجهة عُمان .. فيديو
مطلوب مساعدة طبيبة أسنان .. تفاصيل وشروط
الحجاج يستعدون لأداء ركن الحج الأعظم
مكتب نتنياهو: نشكر أمريكا لأنها أظهرت لأعدائنا أنه لا فرق بيننا
رونالدو يقود البرتغال إلى نهائي دوري الأمم الأوروبية
توجيه من ولي العهد بشأن بث مباراة الأردن وعُمان
عُمان تطلب توضيحاً رسمياً بشأن ما حدث بتدريبات النشامى
مجموعة من النساء يهاجمن مشهورة التواصل أم نمر .. فما القصة
امتحان تنافسي حكومي محوسب الأربعاء المقبل .. أسماء
التلفزيون الأردني يحذر المواطنين
جمعية مكافحة المخدرات توضح حقيقة سحب حلوى الكولا من الأسواق
فتح باب التجنيد في القوات المسلحة الأردنية اليوم
إلغاء وظيفة الكنترول بشكل كامل في الأردن
أموال هؤلاء ستؤول إلى الخزينة العامة .. أسماء
كم يبلغ سعر كيلو الأضاحي البلدي والروماني في الأردن
وفاة مستشارة رئيس مجلس النواب سناء العجارمة
في الأردن : اشترِ سيارة .. وخذ الثانية مجّانًا
بعد عطلة عيد الأضحى .. هذه العطل الرسمية المتبقية للأردنيين في 2025