السودانيون والبحث عن مخرج
ما أن يلتقي السودانيون في أي مناسبة سياسية أو اجتماعية إلا وكان الهم المسيطر في اللقاء هو كيفية وقف الحرب المدمرة، وكيفية خروج الوطن منها آمنا سالما وموحدا. في هذه اللقاءات يتساءل السودانيون إن كان في الأفق بارقة حوار أو تفاوض يسكت البنادق ويحقق وقفا دائما لإطلاق النار، فهم لا يرون غير الحوار والتفاوض كآلية لوقف الحرب.
وكأساس لهذا الحوار وهذا التفاوض، هم يجتهدون ويتفاكرون حول القضايا السياسية والفكرية والاجتماعية التي يرونها من ضمن الأسباب الجذرية للحرب ويسعون لمعالجات توافقية بشأن كل تفاصيلها حتى يبطل مفعولها. صحيح أن القوى المدنية السودانية لا تملك التقنيات والآليات الضرورية لفض الاشتباك والعراك بين المتقاتلين، لكنها تملك كل القدرة لاجتراح الرؤية الضرورية والمحتوى السياسي الضروري أيضا، كوقود حيوي بدونه تصبح تلك التقنيات والآليات غير ذات جدوى. بعض قطاعات القوى المدنية السودانية، كالشباب والنساء والخبراء والقوى السياسية متحالفة أو منفردة، تقدمت خلال الفترة الماضية بمساهمات قيمة تصب في مجرى صياغة الرؤية لوقف الحرب. لكن ما يضعف من أثرها، أنها أتت في جزر منعزلة، كل قطاع على حدة، في حين المفترض أن تتكامل مع بعضها البعض حتى تتولد رؤية موحدة، ليس بالضرورة في كيان تنظيمي واحد، لتكون بوصلة هادية وقوة دافعة ومحفزة لأي تفاوض أو حوار أو عملية سياسية لوقف الحرب. ولقد استعرضنا هذه المساهمات بالتفصيل في عدد من مقالاتنا السابقة. وخلال الفترة من 15 إلى 17 يونيو/حزيران الجاري، شهدت العاصمة اليوغندية، كمبالا، لقاء تفاكريا لمجموعة من السودانيين الباحثين عن رؤية موحدة لوقف الحرب، ضمت محتلف التيارات السياسية والفكرية، بما في ذلك التيارات الإسلامية الرافضة للحرب، كما ضمن مجموعة من الكتاب والأكاديميين والناشطين في المجتمع المدني، واتسمت بالتنوع من حيث العمر والنوع، ومن حيث الحضور من الأطراف ومركز البلاد.
وحسب بعض المشاركين أن لقاء كمبالا ما كان من الممكن أن ينتظم وينجح لولا توافق كل المشاركين وإجماعهم على أن تكون نقطة الانطلاق هي وقف الحرب كأولوية القصوى، والتحدى الأساسي، الذى يدعو للتضامن السوداني الشامل من أجل محاصرة أطراف الحرب ودفعها لوقف القتال وإسكات البنادق، ومن أجل إعادة بناء السودان مؤسساً على الديمقراطية والحرية والسلام والعدالةً، ومستنداً الى هويةً سودانوية تساهم فيها كل عناصر البلاد، ومنفتحةً على العالم. وإذ عزى المشاركون في اللقاء أزمة السودان ضمن جذور وأسباب أخرى الى الفشل فى إداراة التعدد والتنوع، فإنهم عبروا عن أملهم أن يمثل اجتماعهم أنموذجاً لقدرة السودانيين على الحوار وإدارة الاختلاف، سلماً وتراضيا، ثم التوافق على حدود عليا ودنيا، تجعل السودان وطناً قابلاللحياة والنماء.
أطلق اللقاء تحذيرا من أن التناسل الحالي للميليشيات المسلحة وتكاثرها فى كل مناطق السودان، لا يهدد بقاء السودان كدولة فحسب، بل وفناء الأمة السودانية بكل شعوبها، مما يدعو هذه الشعوب مجتمعة للتأكيد على الإصلاح الأمني والعسكري نحو قوات مسلحة سودانية مهنية، تعكس في تكوينها كافة قوميات السودان، مستقلة عن أي ولاء إيديولوجي وعن أي انتماء حزبي أو إثني أو جهوي، وتعمل في إطار ديمقراطية ومدنية الدولة وسيادة حكم القانون، بعيداً عن التدخل في الشأن الاقتصادي والسياسي. مع ضرورة إجراء إصلاح جذري في مؤسسات القضاء والخدمة المدنية. كما اتفق المشاركون على أن يكون السودان دولة مدنية ديمقراطية تتأسس على المواطنة، وكفالة الحقوق الأساسية، وتساوي بين جميع المواطنين بمختلف انتماءاتهم الدينية والثقافية والجهوية، وتقف على مسافة واحدة منها جميعا، وتمنع استغلال الدين للكسب السياسي أو لإنشاء مؤسسات سياسية، أو لتبني قوانين تتنافى مع المبادئ المتفق عليها للدولة المدنية الديمقراطية، أو مع العهود والمواثيق الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان.
ونوه اللقاء إلى أن التعليم والإعلام والثقافة تأثرت جميعها سلبا بالحرب، وأن النساء من الفئات الأشد تضررا بويلات الحرب، وطالب أن يحشد السودانيون الطاقات القصوى للتصدي لوقف العنف تجاههم، ودعمهم ماديا ونفسيا واجتماعيا عبر منظومات المجتمع المحلي والمجتمع الدولي الطوعي والرسمى، ولكن أيضاً بالمساواة النوعية وضمان حقوق المرأة كاملة في الدولة المدنية الديمقراطية. كما أشار اللقاء إلى المجتمعات الأخرى الأشد تضرراً بظروف الحرب والاشد تأثراً بالبنية غير العادلة للدولة السودانية منذ تأسيسها، وضحايا اختلال قسمة السلطة والثروة والهوية في المناطق المهمشة، ومجتمعات الريف عامة، بمن في ذلك المنتسبون للقطاع التقليدي المطري الزراعي والرعوي، ونساء الريف، ومجتمعات الكنابى والعمال الزراعيين..، مؤكدا على أن هذه المجتمعات ليست مستحقة للإنصاف والتعامل التفضيلي فحسب، بل هم شركاء أصيلون في بناء دولة السودان الجديدة.
أكد اللقاء على اعتماد الفيدرالية بوصفها النظام الأمثل لتلبية مطالب السودانيين وتحقيق التنمية العادلة، التي تحرر السودان من نمط الدولة الاستعمارية المؤسسة على الفساد وقهر المواطنين وتشويه إنتاجهم الزراعي والصناعي، نحو دولة وطنية ديمقراطية حديثة مؤسسة على المواطنة المتساوية والعدل الاقتصادي والتنمية المتوازنة، بمثلما هي قائمة على العدالة في قسمة السلطة والفيدرالية المالية. كما دعا الى تبني عقد اجتماعي جديد عبر حوار سوداني شامل يتبنى صيغة للعدالة الانتقالية سودانية تنطلق من ثقافة وموروثات شعب السودان وتستصحب المبادئ الواردة أعلاه، ويحض على التعافي لاستئناف الحياة الطبيعية، ويرسخ أسس عدم الإفلات من العقاب كما وردت فى المواثيق الدولية والتجارب السابقة في المصالحة الوطنية، ويمكن من إنتاج مشروع دستور دائم. ونوه اللقاء إلى أن التدخل الأجنبي بلغ في الحرب الحالية حداً حولنا كسودانيين إلى متفرجين على صراع إقليمي يدور على أرضنا وباسمنا دون أن يكون خيارنا. لكن، لا أحد غيرنا كسودانيين يمكن أن يقوم بحل مشاكلنا نيابة عنا، ولا يمكن دفع أطراف الحرب لوقفها وضمان عدم انفجارها مرة أخرى إلا عبر السودانيين أنفسهم.
كاتب سوداني
هجوم صهيوني ليلي على مواقع عسكرية إيرانية
صفقة أم حرب : ترمب يخطط ويقصف بنفسه
مطلوبون لتسليم أنفسهم أو وضع أموالهم تحت إدارة الحكومة .. أسماء
ترمب خطط للهجوم على إيران شخصيًا
خطة لتوزيع يوديد البوتاسيوم على الأردنيين .. ما هو وما علاقته بالتسرب الإشعاعي
نيويورك تايمز: جماعات تستعد لمهاجمة قواعد أمريكية بالعراق أو سوريا
نتنياهو يقود المنطقة نحو الهاوية
جعفر بناهي .. لم يكن أبداً حادثاً بسيطاً
نظام جديد يمنع إغلاق الأجواء الأردنية .. تعّرف
إذا ضُرب ديمونا .. كيف سيتأثر الأردن
الليمون يسجل أعلى سعر في السوق المركزي الإثنين
أردنيون يتلقون رسائل تحذيرية على هواتفهم من الجبهة الإسرائيلية
المجالي إلى التقاعد والخصاونة أميناً عاماً للدستورية
انخفاض أسعار الذهب في السوق المحلي الأردني
ساكب تُفجَع بوفاة الشاب محمد أبو ستة في أميركا .. تفاصيل
وظائف شاغرة ومقابلات شخصية .. أسماء وتفاصيل
ليلى عبد اللطيف: اختفاء منطقة عن الخارطة ومشاهد مفزعة
الأمن يكشف تفاصيل جديدة حول حادثة الشاب الطعمات
تفاوتت آراء طلبة التوجيهي حول امتحان اللغة العربية
انخفاض طفيف بأسعار الذهب في الأردن اليوم