البحثُ بين القيمة والكمّ
في لحظة صدق نادرة، قال وزير التعليم العالي شيئًا أوجع، وفتح جرحًا قديمًا: "كثير من الأبحاث لا تفيد المجتمع، وبعض الجامعات تشتري مكانتها في التصنيفات". ربما لم يكن موفقًا في أسلوب التعبير، لكنه أصاب لبّ المأساة التي يعيشها التعليم العالي، حيث تراكم الكمّ، وضاعت البوصلة.
هذا التصريح، على قسوته، يعيدنا إلى سؤال جوهري لطالما طُرح في كل بيئة فكرية صادقة: هل ننتج معرفةً وظيفية؟ أم نكتب من أجل الاستهلاك الذاتي؟ لقد تحوّل النشر الأكاديمي في كثير من مؤسساتنا إلى طقس بيروقراطي، غايته الترقيات، لا التغيير. نصوص تُكتب لتملأ فراغًا في ملف التقييم، لا لتُحدِث فرقًا في واقعٍ اجتماعي يئنّ من الأزمات.
لكن جوهر الأزمة لا يكمن في النشر ذاته، بل في بنية التفكير الأكاديمي، الذي فقد قدرته على مساءلة المسلّمات. نكتب كثيرًا، نعم، ولكن أي أفق نفتح؟ هل تُفضي أبحاثنا إلى تحرير أو معرفة أو نقد؟ أم أنها تكرار لما قاله الغير، بصياغة ملساء لا تنبض بالحياة؟
ثم إن بعض العقول لم تعد ترى في الجامعة مؤسسة للنهضة، بل منصة للمفاخرة بالأرقام. وهكذا يتحوّل البحث إلى أداة لإثبات ما هو سائد، لا لكشف ما هو غائب. جامعات تبحث عن رتبة لا عن رسالة، ونشرٌ يتكاثر كالأرقام في التقارير، بلا جذور تمتد في واقع الوطن أو أحلام الإنسان.
إن المعرفة التي لا تمسّ جوهر الإنسان، وتبقى في أبراجها العاجية، لا تُثمر حضارة. ما نحتاجه هو علم يُحاور الإنسان، لا يراكم أوراقًا باردة. علمٌ يحوّل الكلمة إلى نبض، والفكرة إلى فعل، والجامعة إلى شريك في التغيير، لا مجرد شاهد على التحولات.
وتزداد المأساة حين نرى ما يُسمى بالأبحاث المكررة، التي لا تُضيف علمًا ولا تُنتج معرفة، بل تعيد تدوير أفكار باهتة أو تُشتق بطرق شكلية. وكثير منها يُكتب على أكتاف الطلاب، يُسخّر جهدهم دون تقدير، وتُنشر نتائجهم بأسماء أكاديمية دون شراكة حقيقية أو اعتراف بالفضل. إنها صورة أخرى للاستغلال الصامت في بيئة يُفترض أن تكرّم المبدعين لا تستنزفهم.
ثم تبقى الأسئلة قائمة: أين تذهب موازنات البحث؟ من يقيّم أثر الأبحاث؟ من يحاسب من نشر عن “أثر الضوء على سلوك النمل” بينما وطنه يئن تحت أزمات بيئية وتعليمية وبطالة؟ العلم لا يكون علمًا ما لم يواجه الواقع ويغيّره، ولا يكون نافعًا ما لم يتّصل بحاجة الناس، لا برغبة الناشر.
ومع أن الوزير لم يُوفّق في انتقاء مفرداته، إلا أن الخلل في الجامعات حقيقي، وعميق. ولا يجوز أن يُحمّل الوزير وحده مسؤولية إثارة الغبار. بل ينبغي أن تكون هذه اللحظة مدخلًا لمراجعة وطنية شجاعة، نعيد فيها تعريف "ما هو بحث علمي"، و"من هو الباحث الحقيقي".
وفي هذا السياق، لا بد من التنويه الصريح: من يثبت عليه تورطٌ في شراء أبحاث، أو تحايل على التصنيفات، أو نشر مكرر لا يمت بصلة للواقع المحلي، أو استغلال جهود الطلاب دون وجه حق، يجب أن يُحال للمساءلة الأكاديمية والأخلاقية. البحث العلمي ليس سلعة، ولا ورقة ترقيات، بل ضمير أمة ومعيار صدقها.
إن إعادة بناء الثقة بين المجتمع والجامعة تبدأ من الاعتراف، لا الإنكار، ومن المراجعة، لا التبرير. لا يمكن إصلاح منظومة البحث العلمي بإجراءات إدارية فقط، بل برؤية تتبنى الحقيقة، وتزرع روح الرسالة من جديد في جسد الجامعة. يجب أن تتحول الجامعة إلى مختبر للنهضة، لا مصنعًا للأرقام، وأن يستعاد للبحث العلمي معناه كمشروع أخلاقي، لا مجرّد وسيلة للترقية أو التصنيف.
فلتكن هذه الأزمة جرس إنذار لا باب خصومة، ومناسبة ننتقل فيها من سياسة الأرقام إلى ثقافة الأثر، ومن ورق النشر إلى ضمير الباحث. لقد آن للجامعة أن تنظر في المرآة لا في المرصد، وتعيد السؤال الأول: لماذا نبحث؟ ولمن نكتب؟
سبوتيفاي تطور أدوات ذكاء اصطناعي تراعي الملكية الفكرية
مهم من حماس بشأن اتفاق غزة وانتشال جثث المحتجزين
تفاصيل الحالة الجوية في المملكة
القوات المسلحة تتسلم مساعدات طبية تشيكية لغزة
الأردنية: فصل نهائي بانتظار طلبة شاركوا في المشاجرة الجامعية
ولي العهد ورئيس الوزراء البريطاني يؤكدان عمق العلاقات بين البلدين
روسيا: ملتزمون بدعم القضية الفلسطينية لتنفيذ حل الدولتين
شهيدان برصاص الاحتلال في جنوب الخليل وبلدة قباطية
الأردن يشارك في احتفالية يوم الوثيقة العربية بالدوحة
غارات إسرائيلية عنيفة على جنوب لبنان
فرنسا وبريطانيا تنهيان خطط إرسال قوات إلى غزة
ترامب يعلن بأنه سيلتقي بوتين في بودابست
توقعات بإعادة فتح معبر رفح الأحد
تفسير حلم الامتحان للعزباء في المنام
عائلة الدميسي تستنكر تداول فيديو الجريمة المؤسفة
وظائف شاغرة ومدعوون للمقابلات الشخصية .. أسماء
قرار حكومي مهم بشأن الحجز على أموال المدين
دلالة رؤية ورق العنب للعزباء في المنام
اكتشاف جيني يمهد لعلاج جذري لمرض السكري
النقل البري تتعامل مع 17 ألف راكب يومياً في معان
وزارة الأوقاف تغلق مركز الإمام الألباني للدراسات والأبحاث
موعد عرض الموسم الجديد من ذا فويس على MBC
من هو رئيس مجلس النواب المقبل .. أسماء
41 دار نشر أردنية تشارك في معرض النيابة العامة الدولي للكتاب في ليبيا
دب يهاجم سيدة أثناء سيرها بالشارع .. فيديو
نموذجية اليرموك تحصد ميداليات بأولمبياد الأمن السيبراني للناشئين