الدكتور موفق خزنة كاتبي نستذكر في حضرة غيابه المعرفة والانسانية

mainThumb

13-07-2025 11:21 PM

السوسنة - الدكتور نصر الشقيرات

اعتادت أقلام المحبين والمترحمين على من نفقدهم من الأعزاء، أن تجتهد في استحضار مناقبهم ومآثرهم معاً، وربما يرتبط ذلك بحجم الحزن الشديد على رحيلهم، وأحياناً أخرى يتعلق الأمر بخسارة الفرد وكذلك حال المجتمع لنماذج اجتماعية وثقافية ومهنية ارتبطت بمقدار ما نشطوا به بين الناس من العطاء والبذل وما تميزوا به من اخلاق حميدة وآداب جمّة، وبالمحصلة يكون على كل من عرفهم وتعامل معهم ونال قسطاً من نصحهم وحديثهم الثري المُفعم بالعلم والأمل والمحبة ، أن يذكرهم للأجيال فما أحوجنا لمثلهم النادرة قدوة لنا على الدوام.
الدكتور موفق خزنة كاتبي، هو واحد من أبرز أعمدة الطب والثقافة والأدب والحكمة في عمّان بل والأردن، ولن أبالغ إذا قلت وبكل بموضوعية أن المرء يكفيه بأن يستمع لأحاديث الناس عنه، ليعلم ويُدرك حجم هذه القامة العلمية المعرفية، بوصفه طبيباً بارعاً ، والانسانية كمعالج للفقراء، والأدبية والفكرية الفذة ، حيث لمس بمؤلفاته الموسوعية عقول وأذهان وحتى مشاعر الجميع ممن حظي بفرصة الاطلاع عليها، والتي جاءت راصدة وفاحصة بإتقان وتميز لموضوعات متنوعة شملت تاريخ المدن وتحديداً مدينة عمّان، وأبحاث في الطب ومقالات وكتابات وازنة في الشعر وعلوم الحديث الشريف والقرآن الكريم، وحتى في القصة والرواية، رجل نبيل تحسبه ممن تعلم وسار على أثر طبقة مفكري حضارتنا العريقة الاوائل من أمثال الطبري والمقريزي وغيرهم.
كان رحمه الله رجل متواضع له طبعه وخصاله وميزاته التي يُمكن لك الشعور ببعضها إن لم يكن معظمها بعد مدة قصيرة من الجلوس معه، لا يرهق ذهنك ابداً بتعدد الموضوعات التي يطرحها ولا يشتت فهمك للاشياء بالاستطراد، بالرغم من سعة اطلاعه وثراء أفكاره وغزارة معلوماته، تجده ابن عصره باهتمامه بكل القضايا المعاصرة له، كما أنه صاحب نصيحة موفقة كأسمه، وله رأي سديد لا يغيب عنه جانب الا وقد عالجه بحثاً وارشاداً .
عرفت الدكتور موفق خزنة كاتبي رحمه الله، من خلال قراءة مؤلفاته وأبرزها كتاب " محطة عمّان في الاربعينيات من القرن العشرين كما عشتها وعرفتها"، كما أني كنت محظوظاً بأن تتلمذت في كل مراحل دراستي الجامعية على يد شقيقته الاستاذة الدكتورة غيداء خزنة كاتبي استاذة الفكر والتاريخ الاقتصادي في قسم التاريخ في الجامعة الاردنية، وجمعت من نعم الله علي، أن كانت الدكتورة غيداء حفظها الله الاستاذة المشرفة عليّ في الماجستير والدكتوراة ، فتعلمت منها الكثير وسنحت لي الفرصة أن أجالس الدكتور موفق في أكثر من مناسبة، استمع له بشغف ووعي ، مستفيداً من علمه وتجاربه ومسترشداً بنصحه ومستمعاً لجميل أحاديثه .
رحم الله الفقيد الدكتور موفق خزنة كاتبي ونسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يسكنه تعالى جنات النعيم ، فكم ترك في قلوب عارفيه ومحبيه من حزن، ولكن العزاء بما ترك لنا وللاجيال من مؤلفات وذكرى طيبة، وحفظ الله شقيقته الاستاذة الدكتورة غيداء خزنة كاتبي من كانت وما زالت وستبقى بعون الله للوفاء وللمعرفة والعلم نبراساً نهتدي به دائماً.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد