الصيت ولا الغِنى
في زاوية من هذا العالم المزدحم بالحظوظ والفرص والوجاهات، أعيش أنا… رجل يشبه ظلَّ الوقت. لا أملك من الدنيا إلا صوتي حين أقرأ، وقلمي حين أكتب، وحضوري وسيطرتي حين أتحدّى، وصبري حين يضيق صدري، وسريرًا أعود إليه آخر الليل، وحلمًا لا يفارقني.
لم أعرف من الحظ سوى اسمه، ولا من الناس إلا من مرّوا بي مرور المصلحة؛ إن أعطيتهم ابتسموا، وإن طلبت منهم شيئًا انسحبوا معتذرين.
لا ساعة في معصمي، ولا محفظة في جيبي، ولا خاتم في يدي. لا أعرف سعر الذهب، ولا أتابع البورصة، ولا يهمني صعود الدولار أو هبوطه. أعيش كما أتخيّل أنني أريد، لكن الحقيقة أنني أعيش بصمت، أُخبّئ في داخلي أمنيات صغيرة معلّقة بين الأرض والسماء.
طوال حياتي تمسّكت بقاعدة واحدة:
"من ملك قوت يومه فكأنما ملك الدنيا"
حديث نبوي كان سقف أمانيَّ، ووسادة قلبي، وبوابة نجاتي من زمن ينهش من كل جانب.
لم أطلب الكثير… فقط سلّة خالية من العنب، وراحة بال تكفيني لأعبر النهار بلا مذلّة أو حاجة.
سمعت كثيرًا من المنظّرين… أولئك الذين يتحدّثون عن الصبر والتحدّي والإرادة والعصامية والإيجابية، وبعضهم من أصحاب رؤوس الأموال الكسالى، ينعمون بحقوق غيرهم، لا يعرفون هموم القروض ولا طوابير البنوك، ولا ضيق الجمعيات في آخر الشهر. يتحدّثون وكأن الحياة تهطل عليهم فرصًا كالمطر… وأكتفي بالإنصات وأقول في داخلي:
"ما أسهل النصيحة على من لا يشعر بالجوع!"
قالوا: "لكل مجتهد نصيب"… فاجتهدت، ولم يأتِ النصيب.
قالوا: "ومن طلب العلا سهر الليالي"… فسَهرت واحترقت جفوني، ولم أبلغ العلا.
قالوا: "ومن جدّ وجد"… فوجدت التعب والسخرية وخذلان الأقربين، ولم أجد ما وُعدت به.
قالوا: "الصبر مفتاح الفرج"… فصبرت حتى نسيت شكل الفرج ومتى يُفتح بابه.
ومع ذلك، لم ألعن الأيام، ولم أتخلَّ عن إيماني بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا. كنت أُحدّث نفسي:
"إنما أشكو بثي وحزني إلى الله"
وأردفها دائمًا بعبارة:
"حاول مرة أخرى…"
لست ضعيفًا كما يظنّ البعض، بل أقوى مما يتصوّرون. أن تحاول رغم الخذلان، أن تبتسم رغم الانكسار، وأن تُحسن لمن لا يستحق… تلك بطولة لا يدركها إلا من عاشها.
أنا رجل نقيّ، لا أجرّ خلفي أطماعًا، ولا تُثقل ظهري رغبات لا تنتهي. تواضعي ليس عجزًا، وزهدي ليس يأسًا… بل قناعة وبصيرة.
أدرك أن ما في قلوب الناس يتغيّر، لكن ما عند الله باقٍ. لذا لا أنتظر شكرًا من غريب، ولا اهتمامًا من قريب. أتعامل مع الحياة كدار عبور، لا دار إقامة، وأقول كل صباح:
"رزقي على الله، والله لا ينسى."
وإذا سألني أحدهم: "ليش بعدك بتحاول؟"
أبتسم وأقول:
"لأن باب الله لا يُغلق، ولأن المحاولة عبادة إذا كانت النية صبرًا."
فلا تظنّوني منحوسًا…
أنا فقط مُبتلى، مأجور، أنتظر الفرج من الذي لا يُخطئ في التقدير.
أتذكر حين كنت في الخامسة من عمري، كانت هناك مسابقة على جبنة مثلثات، ومن بين الجوائز بسكليت. شهورًا وأنا أجمع أغطية العلب واحدًا واحدًا، أعدّها بعناية وأخبّئها كأنها كنز. حلمت به كما يحلم الكبار بحلم العمر… لكن الحظ أدار وجهه عني، ولم أربح شيئًا.
جرّبت أيضًا شراء أوراق اليانصيب، وجلست أتابع السحب على شاشة التلفاز وكأني أنتظر خبر نجاة، تمنيت حتى جائزة ترضية… لكن الحظ كان يغمض عينيه عني، أو يتجاهلني عمدًا.
وكأن الحياة كلّها تعتبرني ضيفًا زائدًا على اللائحة… بلا نصيب في المغانم، ولا حتى في الهامش.
هل جرّبت — أيها المنظّر المتفلسف — أن تُحبس في منزلك أيامًا، تحدّق في سيارتك غير المرخّصة ولا تستطيع تحريكها لأنك لا تملك ثمن البنزين؟
أو أن تعتذر عن حضور زفاف قريب لأنك لا تملك حتى عشرة دنانير "نقوط" للعريس؟
قهر الرجال ليس دمعة تُذرف ولا تنهيدة تُطلق، بل وجع صامت يأكل الروح، وجدار ثقيل يسقط على القلب فيخنق أنفاسه. هو أن تُكسر فيك العزّة التي قضيت عمرك تحرسها، وأن تمدّ يدك مكرهًا وأنت الذي كنت تعطي ولا تأخذ. هو أن ترى أبناءك بحاجة إلى رسوم المدرسة وأنت عاجز، وأن تعجز عن شحن هاتف زوجتك وأنت تعلم أن جيبك فارغ، وأن تنام وأنت تفكّر بأي وجه ستواجه الغد.
إنه مرارة الفقد بلا موت، وعتمة الطريق بلا نهاية، وجرح لا يراه أحد لكنه يظل ينزف حتى يشيخ القلب قبل الجسد.
أظن أن لا كلام أصعب من هذا…
على فكرة، أنا مضروب بحجر كبير، وكما يقولون: الصيت ولا الغِنى.
أقسم بالله، تردني اتصالات ورسائل من معارف وأشخاص لا أعرفهم؛ منهم من يطلب المساعدة المادية، ومنهم من يرجوني أن أجد له وظيفة، أو أكلم له مسؤولًا. يستنجدون بي وهم لا يعلمون أن باب النجار مخلّع، وأنني أنتظر من يأخذ بيدي إلى مكان أجد فيه نفسي وسط زحام الدخلاء على الفن والإعلام… وللحديث بقية.
الصليب الأحمر يستغني عن 2,900 موظف
ترامب يحدد الخميس موعداً نهائياً لسلام أوكرانيا
الأردن بدأ تزويد سوريا بخدمات الإنترنت عالية السعة
اتحاد الجمعيات الخيرية يؤكد التزامه الراسخ بحماية حقوق الأطفال
الحسين يتخطى الجزيرة بهدفين لهدف في بطولة الدرع
مبابي يعود لتدريبات ريال مدريد بعد جدل إصابته وإجازته
البترا تستقبل 81 ألف زائر بزيادة 71% عن العام الماضي
الزوار العرب يتصدرون الإنفاق السياحي في الأردن
البرلمان العربي يرحب بقرارات أممية داعمة لفلسطين بأغلبية ساحقة
العيسوي يشارك بتشييع الوزير الأسبق جمال الخريشا مندوباً عن الملك
زيلينسكي يتعهد بخطة سلام مع واشنطن دون المساس بالمصالح
لوحة فريدا كاهلو تسجل رقماً قياسياً بـ54.66 مليون دولار
ما حقيقة طلاق عمرو أديب ولميس الحديدي
جامعة الحسين تفجع بوفاة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الطواها
توضيح آلية اختيار المكلَّفين لأداء خدمة العلم
تصاعد الجدل حول تصريحات غير مؤكدة لزياد المناصير .. التفاصيل
الأمطار الغزيرة تعيد الحياة لسد الوالة بعد جفافه .. صور
التمديد في الوظيفة العامة .. يعزّز نمو الطحالب
وظائف شاغرة في الحكومة .. التفاصيل
متى يتحول كوب القهوة اليومي إلى خطر صحي
زيت الزيتون المستورد يطرق أبواب السوق الأردنية قريباً .. تفاصيل
تسوية 719 قضية بين مكلفين ودائرة الضريبة
انتحار أشهر توأمتين في ألمانيا بعد مسيرة فنية حافلة
أبرز المؤثرين العرب يتصدرون منصات 2025 .. صور




