هل يمكن لواشنطن منفردة أن توقف حرب السودان
بدأنا في مقال سابق، استعراض ومناقشة بعض تقارير مراكز الدراسات وبنوك التفكير العالمية التي تتضمن تحليلات لدور كل من الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات وقطر والمملكة المتحدة، تجاه حرب السودان. وقلنا إننا نطرح استعراضنا ومناقشتنا لهذه التقارير لعناية القوى المدنية السودانية علها تساعدها في رسم خططها وتصوراتها حول كيفية وقف الحرب وكيفية التعامل مع القوى الدولية والإقليمية المعنية.
توقفنا عن المناقشة في مقالنا السابق لنتطرق إلى المأساة والكارثة المتفاقمة في مدينة الفاشر، ونواصل اليوم.
وفي لقاء تفاكري مع عدد من القيادات السودانية والأوروبية، ناقشنا تقارير مراكز الدراسات المشار إليها، وتوصل النقاش إلى أن أي اتفاقية لوقف الحرب، بداهة تبدأ بوقف إطلاق نار خاضع للمراقبة الدولية مع آليات رادعة للمخالفين، ولكنها يجب أن ترتكز على أربعة مبادئ أساسية، ضمن مبادئ أخرى، لتحقيق سلام عادل ومستدام: المبدأ الأول، أهمية التوازن بين العسكريين والمدنيين، فأي اتفاق حقيقي لا يمكن أن يعطي هيمنة مطلقة للعسكريين على حساب المدنيين. والحل لن يأتي من صفقات النخب العسكرية، بل من إرادة شعبية تُترجم عبر مفاوضات شاملة تضع مصلحة السودانيين فوق كل اعتبار. والتاريخ أثبت أن الاتفاقات الحصرية بين العسكريين فقط هي وصفة لفشل متكرر. وأن السلام الحقيقي إذ يتطلب ذلك التوازن بين العسكريين والمدنيين، فإنه يشترط الإقرار بأن استبعاد المدنيين أو تهميشهم لن يصنع سلاماً أو سيصنعه هشاً، وأن تُمنح القيادة المدنية دوراً رئيسياً في تنفيذ التحول الديمقراطي وإدارة الفترة الانتقالية.
المبدأ الثاني، شمولية التمثيل، بمعنى أي مفاوضات لوقف الحرب يجب أن تشمل كل الأطراف: القوى السياسية، والمجموعات المسلحة، والمجتمع المدني، والنساء، والشباب، وممثلي المناطق المهمشة..إلخ، وذلك عبر مؤتمر حوار سوداني شامل برعاية دولية محايدة.
المبدأ الثالث، نزع سلاح الميليشيات وإعادة هيكلة القطاع الأمني بإشراف السلطة المدنية.
المبدأ الرابع، العدالة الانتقالية وعدم الإفلات من العقاب على جرائم الحرب وغيرها.
وفي ذات اللقاء مع القيادات السودانية والأوروبية، ومن وحي اجتماعات سويسرا الأسبوع الماضي، برز السؤال: هل يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تقود منفردة عملية ناجحة لوقف الحرب في السودان؟ وما هي الإمكانيات والعقبات في هذه المهمة الشائكة؟ الإمكانيات والنقاط لصالح الولايات المتحدة كثيرة، منها:
*تمتعها بأكبر نفوذ دبلوماسي وسياسي على مستوى العالم، يمكنها من الحشد والدعم الدولي الواسع، وتأليب الرأي العام الدولي على أطراف الصراع، وفرض نوع من الشرعية الدولية على أي مبادرة سلام.
*خبرتها التاريخية والمكتسبة من دورها المحوري في اتفاقية السلام الشامل، 2005، وتفهمها لطبيعة الصراعات في السودان وعلاقاتها الشخصية مع بعض القيادات السودانية.
*امتلاكها لأدوات ضغط اقتصادية هائلة، وإمكانية فرضها لعقوبات مؤثرة، ويمكن تسخير ذلك لدفع الأطراف نحو طاولة المفاوضات.
*علاقاتها الوثيقة مع الأطراف الإقليمية الفاعلة في الملف السوداني، مصر والسعودية والإمارات وقطر.
*اهتمامها المتزايد بوضع السودان الجيوسياسي والجيواستراتيجي، حيث استمرار الحرب يزعزع استقرار منطقة القرن الأفريقي الحيوية استراتيجياً، مع تصاعد النفوذ الروسي، وتأثير الحرب على أمن البحر الأحمر وحركة الملاحة، وتنامي خطر الإرهاب في الفراغ الأمني،…الخ.
أما العقبات أمام أن تقود الولايات المتحدة الأمريكية منفردة عملية ناجحة لوقف الحرب في السودان، فتتضمن: *الانقسام الإقليمي العميق وتباين المصالح والتدخلات، خاصة بين مصر والإمارات والسعودية، وكذلك بين دول أخرى مثل إثيوبيا وإريتريا وليبيا وتشاد، بحيث يصعب على واشنطن التوفيق بين حلفاء متناقضين المصالح أو إجبارهم على وقف الدعم لهذا الطرف أو ذاك.
*فقدان المصداقية والثقة في الدور الأمريكي داخل السودان. فالبعض، بما في ذلك بعض القيادات في الجيش، يعتبر واشنطن متحيزة تاريخياً، أو لها أجندتها الخاصة. وآخرون يعتبرونها ساهمت في تمكين قوات الدعم السريع من خلال الاتفاق الإطاري قبل الحرب.
*ضعف الرغبة الحقيقية لدى الأطراف المتحاربة، فقيادات الطرفين تعتقد أنها قادرة على تحقيق نصر عسكري حاسم، أو على الأقل تحسين موقعها التفاوضي. كما أن الحرب أصبحت مصدراً للثروة والسلطة لقيادات وكيانات منخرطة في القتال.
*تعقيدات المشهد الداخلي حيث الصراع ليس ثنائياً بحتاً، إضافة إلى تشتت القوى السياسية المدنية.
*القيود الداخلية الأمريكية وأولويات السياسة الخارجية: أوكرانيا، غزة، إيران…الخ، وقد لا تمتلك الإدارة الأمريكية الإرادة السياسية أو الموارد البشرية والمالية اللازمة لخوض عملية وساطة طويلة ومعقدة ومكلفة في السودان تتطلب التزاماً عميقاً ومستمراً.
*وربما لا تملك واشنطن القدرة العسكرية الكافية لفرض السلام في السودان. كما أن الوساطة الناجحة تعتمد على توافق إرادات الأطراف السودانية نفسها واستعدادها للتضحية والتنازل، وهو ما يبدو مفقوداً حالياً.
لكن كل هذه العقبات والتحديات لن تنفي حقيقة أن واشنطن يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في دعم عملية سلام في السودان بقيادة أكثر توافقاً محلياً وإقليمياً، شريطة مضاعفة الجهود لتقريب وجهات نظر مصر والسعودية والإمارات وغيرها، ودعم الجهود الأفريقية والأممية وزيادة المساعدات الإنسانية بشكل كبير عبر قنوات محايدة، وحشد المجتمع الدولي لتطبيق رزمة متكاملة من الضغوط السياسية والاقتصادية والأمنية على المتحاربين، ودفع أي عملية سياسية لتناول الأسباب الجذرية للصراع، كالحكم المدني الديمقراطي، وإصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية، والعدالة الانتقالية.
ويظل الأمل الأكبر في إرادة السودانيين أنفسهم لإنهاء معاناتهم وبناء مستقبلهم، وفي قدرة القوى الإقليمية على وضع مصلحة استقرار المنطقة فوق حسابات المكاسب الضيقة. وسيكون دور واشنطن أكثر فاعلية إذا تمحور حول تسهيل هذه الإرادة ودعم هذا الاستقرار، وليس حول قيادة عملية مفروضة من الخارج. إن نجاح الجهود الأمريكية مرهون بمدى واقعيتها وشراكاتها وقدرتها على تغيير المعادلة الحالية التي تجعل الحرب خياراً ممكناً للقيادات المتحاربة. بخلاف ذلك، ستظل هذه الجهود مجرد إضافة إلى قائمة المحاولات الدولية الفاشلة لإنقاذ السودان من براثن حرب لا تبقي ولا تذر.
كاتب سوداني
عجلون تبحث حلولاً للحد من الازدحام المروري
معجون أسنان بيولوجي يوقف التسوس
تحديث مرتقب لأندرويد يعزز النسخ الاحتياطي
وسام قطب وسارة سامي يحتفلان بزفافهما .. فيديو
استراليا تمنع دخول كنيست متطرف يدعم الاحتلال
راغب علامة يرقص مع معجبة بعد أزمة مصر
دوري المحترفين: 3 مباريات حاسمة غداً
الشامي على كرسي ذا فويس كيدز للمرة الأولى .. صور
غوغل تُطلق ميزة الحذف للجميع في تطبيق الرسائل
الجمارك تحذر من روابط وهمية تدعي مزادات إلكترونية
كلفة خدمة العلم 20 مليون دينار عند الانطلاق
دير علا تسجل أعلى درجة حرارة بالمملكة الاثنين .. كم بلغت
وزارة التربية تؤكد مواعيد الدوام المدرسي .. تفاصيل
ما هو الحد الأدنى لمعدل القبول في الجامعات الرسمية
تعيين 450 معلمًا ومعلمة في مسار التعليم التقني المهني BTEC
مدعوون للإمتحان التنافسي .. أسماء
فرض عقوبات على من يعمل بالتطبيقات الذكية دون ترخيص
بيان من المحامية أسماء ابنه النائب صالح العرموطي
من هو عمر الكيكي خطيب هيا كرزون
عطل فني يتسبب بوقف ضخ المياه عن هذه المناطق
وزير الأشغال يتفقد طريق ستاد كرة القدم الجديد
استحداث 34 تخصصًا أكاديميًا جديدًا في مختلف الجامعات الرسمية
أسماء الدفعة الأولى من مرشحي دبلوم إعداد المعلمين المنتهي بالتعيين
المملكة تسجل ثلاثة أرقام قياسية بحرارة الطقس