تقنية كريسبر جديدة تعيد الأمل لعلاج فقر الدم المنجلي

mainThumb

20-08-2025 02:09 PM

السوسنة - في تطور علمي واعد، أعلن باحثون من جامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية بالتعاون مع مستشفى سانت جود لأبحاث الأطفال في الولايات المتحدة، عن تطوير جيل جديد من تقنية كريسبر لتحرير الجينات، يمنح مسارًا أكثر أمانًا لعلاج الأمراض الوراثية، وعلى رأسها فقر الدم المنجلي، الذي يُعد من أكثر الأمراض الوراثية انتشارًا وتعقيدًا.

وتعتمد تقنية كريسبر في جوهرها على آلية طبيعية لوحظت أول مرة في البكتيريا، حيث تقوم بقص خيوط الحمض النووي للفيروسات الغازية.

وقد شكّلت هذه الآلية أساسًا لتقنيات تحرير الجينات، التي تمكّن العلماء من تحديد الأجزاء المعيبة في الحمض النووي واستبدالها بأخرى سليمة.

الجيل الأول من أدوات كريسبر كان يعمل على تعطيل الجينات المعيبة عبر قطع تسلسلات الحمض النووي، بينما سمح الجيل الثاني بتعديل الأحرف الفردية في الشفرة الوراثية.

لكن كلا النهجين تضمّنا قطعًا مباشرًا للحمض النووي، ما يفتح الباب أمام تغييرات غير مرغوب فيها قد تؤدي إلى مشاكل صحية، منها خطر الإصابة بالسرطان.

أما الجيل الثالث، الذي يُعرف باسم "التحرير فوق الجيني"، فيُعد نقلة نوعية في هذا المجال، إذ يتعامل مع سطح الجينات داخل نواة الخلية دون المساس بتسلسل الحمض النووي.

وتقوم هذه التقنية بإزالة مجموعات الميثيل المرتبطة بالجينات الصامتة، ما يسمح بإعادة تنشيطها دون الحاجة إلى القطع أو التعديل المباشر.

ويقول البروفيسور ميرلين كروسلي، نائب رئيس جامعة نيو ساوث ويلز، إن كل عملية قطع للحمض النووي تحمل خطرًا كبيرًا، خاصة في العلاجات الجينية للأمراض المزمنة، مضيفًا أن القدرة على تقديم علاج جيني دون قطع الحمض النووي تمثل إنجازًا كبيرًا في تقليل المخاطر المحتملة.

ويُعد مرض فقر الدم المنجلي من أبرز الحالات التي يمكن أن تستفيد من هذه التقنية، إذ تؤدي الطفرات الجينية فيه إلى تشوه شكل خلايا الدم الحمراء، ما يسبب آلامًا مزمنة وتلفًا في الأعضاء وانخفاضًا في متوسط العمر المتوقع.

ويأمل الباحثون في إعادة تشغيل جين الغلوبين الجنيني، الذي يلعب دورًا حاسمًا في نقل الأكسجين خلال فترة الحمل، ليحل محل الجين البالغ المعيب بعد الولادة.

وقد أظهرت التجارب المخبرية على خلايا بشرية أن إزالة مجموعات الميثيل يمكن أن تعيد تشغيل الجينات المعطلة، ما يفتح الباب أمام علاج فعال لا يتطلب تعديل تسلسل الحمض النووي.

وتقول البروفيسورة كيت كوينلان، المشاركة في الدراسة، إن هذا الاكتشاف لا يقتصر على فقر الدم المنجلي، بل يمتد ليشمل أمراضًا وراثية أخرى، حيث يمكن التحكم في التعبير الجيني دون المساس بالبنية الوراثية الأصلية.

ومن المتوقع أن تبدأ التجارب السريرية خلال السنوات المقبلة، حيث سيقوم الأطباء بجمع خلايا الدم الجذعية من المرضى، ثم تعديلها في المختبر عبر إزالة العلامات الكيميائية الميثيلية، قبل إعادة زرعها في نخاع العظم، لتبدأ في إنتاج خلايا دم أكثر كفاءة.

هذا التقدم العلمي يفتح آفاقًا جديدة في مجال العلاج الجيني، ويعزز الأمل في تطوير علاجات دقيقة وآمنة لأمراض وراثية طالما عجز الطب التقليدي عن علاجها بشكل جذري.

اقرأ ايضاً:



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد