كان هذا مخاضي الأول

mainThumb

11-10-2025 12:02 AM

كان هذا مخاضي الأول، الديوان الذي خرج من صُلبي كجنين فارق لتوه سُرة أمه ...
والذي أطلقت عليه صمت العاشق ، ذلك الصمت المفضوح الذي لا ينفع صاحبه إلا بقليل كبرياء و كرامة!
ويدفع العيون لتبوح بسره في كل آن و وقت ، عربيٌ بحت ، يختبأ وراء ستار المنطق فلا يجد بالمنطق جوابا ، وينتظر من يصفعه بكلمات واضحة : حرر هواك من قيده و حرر نفسك من عذابه !
ثم تبدأ رحلة العاشق في اكتشاف الحُب روية ، فإذا به يرى اللقاء الأول مكافئة الأقدارِ ، كأن الجنة تنزلت في الدنيا متخذة شكل الحُب فتتحول أنامله قلما يخط القصائد و يجيد لغة المحبين و يجهزها لليلة الاعترافات الكبرى ، و تسري نشوة عظيمة في جسمه لتجعله يتساءل بغرابة أهكذا هو الحب أيها العشاق ؟ و تجعله يتذكر عيد ميلاد محبوبه ، هو الذي كانت تُعي ذهنه التفاصيل و لا يتذكر بالمقابل عيد ميلاده هو ، بل بعد ما وقر في صدره بات يعتقد أنه هو و الحبيب واحد ، حتى صار يناديه : "يا أنا "... فيقع جراء ذلك القلب و العقل في اشتباك حول نوع هذا الحب ، ولا يسلم له العقل حتى يزوره الشوق الذي لا حيلة معه ، إلا أن طيف الحبيب حاضر و إن غاب بالجسد ، فالأرواح تلتقي في ذلك الغيب الذي لا يسعه إدراك و يتغير حال العاشق و يسافر به من المنطق إلى الروح حيث لا افتراق بينهما إلا بمشيئة إلهية و إن كان الفؤاد لا يزال طامعا في نظرة من حبيبه تزيل سقامه ، فعيون الأحبة تداوي أفضل من ألف طبيب .... و يطول الشوق و يسأل الضمير من يهواه : أتهجرني ؟ أنا مازلت أسبح في معاني الغرام التي تذوقت حلاوتها معك، و يقول العذال لابد أنه نسيك فتلك عادة الإنسان، و يثور الفؤاد : لقد انتصر الحبيب و ضاعت عادة الإنسان هاهوا ذا حبيبك قادم ، يملأ وجهه النور و الجمال ؛ كأنه رجل من خيال و ها قد انجلت الأحزان ، فماذا قد يكون أمر من الشوق ؟ و بدأت لحظة العتاب لا عتاب رجلٍ بل عتاب امرأة يملأها الحنين و يغلبها العشق و يهزمها وجه الحبيب ، فتحتضنه كأنها تعيد نفسها إلى ضلعه أو تعيد احتواءه داخل رحم الأمومة الأولى ، لتمْتثل لشريعة المُحب العظمى ، فكل رجل طفل و كل امرأة أم بوسعها أن تحتضن العالم في رحمها لتزرع فيه الحياة من جديد ما أن ينكسر.
هذا هي قصة هذا الديوان الذي يمثل رحلة كل مُحب في اثنان و عشرين قصيدة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد