بين هبل واللا بوبو

mainThumb

12-10-2025 12:44 PM

لم يكن هبل إلها يعبد بالقدر الذي كان عادات وتقاليد موروثة من الأجداد والآباء التي يصعب التخلي عنها، "قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ" [الشعراء:74]. والتي تمثل مصالح خاصة لفئة قليلة من الناس على حساب الفئة الكثيرة.

واللا بوبو لعبة مسخ تجمع بين أشكال الجن والإنس والحيوان، لتصبح بالتقليد الأعمى ذات شهرة عالمية واسعة، يسعى فئة كبيرة من الشباب إلى اقتنائها والحديث عنها، وقد يصل ثمن بعضها إلى آلاف الدولارات، قال صلى الله عليه وسلم:" لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه".

وهكذا يعيش الناس اليوم بين الإفراط والتفريط، بين الالتزام بعادات وتقاليد موروثة، غالبها يخالف الشرع، إلى درجة إنزال القدسية عليها، ووصفها بأنها مبنية على الدين والشرع، وهما منها براء. وبين تقليد لعادات سخيفة وتافهة، وغريبة عن الدين والعرف حتى عن العقل.

فقد سادت في المجتمع عادات وتقاليد موروثة، فيها من الظلم، والحمل الثقيل على الضعيف والمسكين، والمباهاة وعصبية الجاهلية، وقد عمدت الحكومات المتعاقبة إلى الضبط والتخفيف من بعضها والآثار المترتبة عليها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ضبط الجلوة التي كانت على مبدأ الخمسة (حتى الجد الخامس)، لتصبح محصورة على دفتر العائلة، لأن الله عز وجل يقول: "وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى". [الأنعام:164]. ويقول عز من قائل: "قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ". [يوسف:79].

ثم نظمت الدولة قضية العطوة في حوادث السير لتجعلها في حالة التسبب في الوفاة فقط، أما الإصابات والأضرار المادية فلا عطوة فيها، وإنما يفصل فيها القضاء، وذلك تخفيفا عن تحمل الأعباء المادية والمعنوية بعدما توسع الناس في هذا الأمر بشكل مبالغ فيه.

واليوم تأتي مبادرة وزير الداخلية للتخفيف عن الناس في العزاء وجاهات الأعراس وغيرها، والتي أصبحت عبئا ماديا ومعنويا على الضعفاء والمساكين، ومباهاة للبعض، لتنظم هذه الأمور، وتقربها من شرع الله، فتجد البعض يقاوم هذه المبادرة وينتقدها وهي ما تزال مطروحة للنقاش، بحجج واهية، وذلك من باب التمسك بالتقليد الأعمى لتلك العادات الموروثة، والتي تشكل عبئا كبيرا على الناس.

لتجد من يستدين المال ليصنع الطعام في أول يوم من أيام العزاء، ويبدأ الكلام والنقد: هذا عمل مناسف لحمة، وهذا إخص دجاج، وهنا الأكل ما كفى، وهناك الأكل زاد وربما رمي في القمامة، وتجد أن أهل المتوفى الذين يجب أن يُصنع لهم الطعام شرعا، يخدّمون على الناس وربما لا يأكلون، ثم تمضي ثلاثة أيام العزاء أغلبها في قيل وقال، وربما غيبة ونميمة، وهذا قام بالواجب، وذاك لم يأتي.

أما الجاهات فحدث ولا حرج، هذه الجاهة حضرها الآلاف، وتلك تحدث فيها فلان (صاحب دولة أو سيادة أو سعادة أو عطوفة، الخ)، وكثير من هذه التصرفات البعيدة عن الدين والشرع والأقرب إلى فعل الجاهلية، بين إسراف وتبذير نهى عنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

وبين عادات دخيلة على مجتمعنا، تخالف الدين والشرع والعرف وربما تمس الأخلاق، تخترق مجتمعاتنا عبر النت ومواقع التواصل، يقلدها شبابنا تقليدا أعمى، وتنتشر كما النار في الهشيم، على الدولة والحكومات المتعاقبة كذلك الوقوف في وجه هذه العادات الدخيلة والحد من آثارها السلبية.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد