العنف الجامعي في الميزان .. ومن المسؤول
ما حدث في أم الجامعات الأردنية التي شهدت نهضة كبيرة خلال الأربعة أعوام الماضية مستندة على ما تم بناؤه بشكل تراكمي في هذا الصرح الوطني الشامخ الذي يرأسه الأستاذ الدكتور نذير عبيدات الأكاديمي المتميز والإداري الناجح ومعه فريق أكاديمي وإداري مخلص يعمل بضمير مؤسسي عال، ما حدث أمر يثير الدهشة حيث ما زال هناك نفر يمتلك أفقا ضيقا، بل وإنحرافا سلوكيا وقيميا سمته التعصب الأعمى والسلوك المنحدر تربويا ودينيا وأخلاقيا ووطنيا ... هذا النفر الذي أساء بتصرفاته الرعناء إلى صرح علمي هو ملك لأردننا من أقصاه إلى إقصاه، مما يشي بتجدّد إسطوانة العنف الجامعي والمسلسل التراجيدي المؤلم، وما يحمله من محتوى أسود حالك الظلام ينتهجه البعض غير آبه بانعكاساته وإفرازاته الخطيرة التي تأتي على كل ما تم بناؤه وإنجازه ... فكم هو مؤلم أن يتكرّر العزف على هذه السيمفونية الممجوجة، والذي يرتبط بعدم الوعي والإنغلاق والتعصب الأعمى الذي يقود المشهد.
إن المشكلة التي حصلت بين مجموعات من الطلبة مستهترة بأعرافنا الأكاديمية وتقاليد العشيرة النبيلة التي تدعو للإخاء والتسامح لتقلب الموازين رأسا على عقب، فأصبحت تأخذ طابع العصبية العمياء البغيض، والجاهلية الجهلاء وتركت الساحة للبلهاء والمتهورين والموتورين ليقودنا جنونهم الى نفق مظلم لانعرف له حدا أو مدى لا سمح الله.
ولنعترف أن هذه الظاهرة التي غزت معظم جامعاتنا بشكل ضروس خلال السنوات الماضية هي امتداد لعقلية مجتمعية تتصف بضيق الافق وبثقافة نمطية بالية. ماالذي جرى ونحن نرى ابناءنا ينزلقون نحو الهاوية ويجرون معهم مؤسسات تم بناؤها بجهد أبناء الوطن كافة؟ ألم يساهم المجتمع في ذلك وهو يجد لهم المبررات في ضرورة احتواء الموقف عن طريق التوسط في عدم تطبيق الأنظمة والتعليمات وإلحاق العقوبات بهؤلاء الموتورين الذين أسأوا لأنفسهم ولوطنهم وطعنوا مؤسساتنا العلمية في طيشهم وجهلهم وسفاهتهم؟!
أي احتواء يكون ونحن ندافع عن فئة لاتعرف مصلحتها ولا جامعتها ولا وطنها فاستباحت كل شيء في طريقها؟!... وهل هذه المعالجة أعطت نتيجة بل زادت من إتساع دائرة العنف يوما بعد يوم وسنة بعد سنة وإنطلق عقال الأمر حيث أصبح ذلك خطرا داهما يهدد منظومة التربية والتعليم؟!. أليس من الحكمة التوقف في مراجعة مناهجنا في المدرسة والجامعة التي تتعلق بالسلوك والتربية؟!
إن حماية منظومتنا التعليمية والقيمية في الجامعات من العنف الذي قد ينحى لا سمح الله منحى مدمرا لبنية أساسية من أساسات بناء المجتمع وهي التعليم الذي أصبح مجروحا في كبده وأصبح ينزف دما من شرايينه الرئيسة، ممّا يستدعي وضع حد لهذا النزف المعنوي والمادي لمؤسساتنا التعليمية حيث أصبحنا نسهم عن قصد أو تناكص أو عدم إكتراث أو إستسلام للواقع المؤلم الذي نشاهده من إنحدار قيمي كبير غزا أفكار أبنائنا وبناتنا الطلبة، وضرب القيم والأعراف الجامعية بعرض الحائط. فماذا جرى لبعض العقول التي ضلت الطريق. وماذا أصاب سلوكياتنا التي أصبحت تتصرف بنزق ودون وعي جعلتنا سكارى وما نحن بسكارى دون أن نضع حلولا جذرية حيث أن أسباب العنف أصبحت لا تخفى على أحد؟!.
الحل في رأيي المتواضع، هو أن نلغي كلمتي "العنف" و "سوف" من قاموسنا اللغوي والفكري، وأن الطريق إلى ذلك ليس صعبا أو مستحيلا حيث أن تشخيص أسباب العنف ليست بحاجة إلى ذكاء زائد فهي معروفة للقاصي والداني حيث أصبح تشخيص المرض واضحا، فالفجوة تكمن في كلمة "سوف" المسكينة التي حمّلناها أكثر مما تتحمّل أوتطيق، سوف نعمل....سوف نتأخذ إجراءات.....سوف نضع حدا...سوف نحقق...سوف نشكل لجنة تقصي... وفي واقع الحال لم نستطع لغاية الآن من إجتثاث هذه الظاهرة الخطيرة، وأن نضع حلولا عملية لها سوى بعض الحلول الجزئية الآنية وبطريقة الفزعة -إن جاز التعبير- وقت حدوث المشكلة أحيانا والتسويف والتأجيل وترحيل المشكلة أحيانا أخرى.
واجب الإدارات الجامعية أن تفعّل القوانين والأنظمة تعاقب المسيء والمستهتر كائنا من كان حفاظا على هيبتها ورمزيتها وأهدافها وفلسفتها، وفي الوقت نفسه تكافيء المجتهد والملتزم بالقوانين والأنظمة من أبنائنا الطلبة. وواجبنا كأساتذة جامعات يتعدى حدود إعطاء المحاضرة المتخصصة في التاريخ والإقتصاد والطب والرياضيات والكيمياء والذكاء الإصطناعي... مهمتنا أكبر من ذلك بكثير ونحن نستمع إلى إسطوانة العنف ونرى ما تتركه من مشهد لا يرضى به عاقل... واجبنا أن نحافظ على المنجزات التي بنيت وشيدّت ... واجبنا أن تكون قلوبنا وعقولنا مع هذه المؤسسات لانسمح بالأخطاء التي ترتكب هنا وهناك دون متابعة ومساءلة ... واجبنا أن لا ندافع عن الخطأ أيا كان مصدره، وأن نسعى لتصويبه قبل أن يتفاقم تأثيره ... واجبنا أن ننكر ذواتنا ما أمكن، لا أن نسعى وراء كل هم شخصي فقط، ونترك هذه المؤسسات يعبث بها الدهماء والضالة والجهلاء بسبب ضيق أفقهم وتعصبهم دون محاسبة، وتمر الأمور بسهولة مما يشجّع أصحاب النفوس غير السويّة للتمادي والإساءة الى مؤسساتنا التعليمية والتربوية.
فهل نحن قادرون على خلع كلمة عنف جامعي من قاموسنا الأكاديمي والتربوي؟! وهل نحن قادرون على إلغاء كلمة "سوف" التي تجر وراءها التسويف والتأجيل غير المرتبط بالفعل المؤثر لوضع حد لمشكلة العنف المجتمعي والجامعي معا؟!. أعتقد أن شطب كلمتين من قاموس لغتنا العربية لا يضير هذه اللغة الجميلة الواسعة التي وسعت كتاب الله لفظا وغاية في شيء حفظا لكرامة وأمن مجتمعنا وأمننا التربوي والتعليمي وصونا لحرم جامعاتنا المقدّس.
دولة الرئيس المحترم، لقد ذهبنا يا سيدي بمؤسساتنا التعليمية إلى منعطف خطير وأصبح الأمن التربوي والتعليمي في خطر، فهل نحن قادرون على إعادة الهيبة لأمننا التربوي والتعليمي الذي هو جزء لا يتجزأ من منظومة أمننا الشامل؟ نعم يا دولة الرئيس إنني أطالب كأكاديمي كما يطالب الكثيرون من العاملين في العمل الأكاديمي والجامعات أن نعيد لمؤسساتنا هيبتها بفرض سلطة القانون وإحترام سيادة الدولة الاردنية، لأن الحلول الجزئية وعمليات الترقيع لم تعد تجدي نفعا فلا جاهات تفيد وتحل المشكلة من جذورها، لأن ترك الأمر في الشارع للزعران دون أن نجد من يردعهم عن زعرنتهم. وترك الأمور في الجامعات لمجموعات من بعض الطلبة الذين دخلوا الجامعات وآخر شيء يفكرون به هو تلقي المعرفة والعلم، وهم يستعرضون ممراتها بعضلاتهم المفتولة وإنحدارهم القيمي والسلوكي وإنغلاقهم الفكري بإسم الحرية الشخصية التي هي الفوضى والعبثية والإستهتار بعينها .
نعم يا دولة الرئيس لقد فقد المعلم في مدارسنا هيبته ولا يوجد له سند يحميه. ولقد أصبح الأستاذ الجامعي يتعرض لمواقف غير مقبولة من اعتداء عليه في داخل الحرم الجامعي، والكل سمع ماحدث من مواقف حصلت من قبل بعض الطلبة وصلت إلى التهديد الجسدي واللفظي، وهذا مؤشر خطر يجب التوقف عنده لأنه يمس هيبة الجسم الأكاديمي برمته .
يا دولة الرئيس وأنتم الحريصون والمسؤولون عن ذلك أعيدوا لمؤسساتنا هيبتها بسلطة القانون وأعيدوا لمنظومتنا التعليمية والتربوية هيبتها ونضارتها، والحلول كثيرة ضمن استراتيجية عمل وبناء تراكمي مستمر بدءا من الروضة وإنتهاء بالتعليم الجامعي وتحت إشراف مجلس كفؤ يضم خيرة الخيرة من أبناء هذا الوطن الذين يراقبون المشهد بألم ويخافون على مستقبل هذا البلد لوضع حلول عملية بعيدا عن التنظير والتسويف وبإشراف مباشر من دولتكم... مجلس يضم متخصصين وبيوت خبرة لم تلوثهم الحياة وكانوا من القابضين على جمر حب هذا الوطن قولا وعملا ... يضم متخصصين في مختلف المجالات والتخصصات (علم الاجتماع، التربية والتعليم، القانون، الأمن، السياسة، الاقتصاد، الدين) .
نعم أيها السادة، لا نريد لجامعاتنا أن تكون ساحات داحس والغبراء وتهدّد أمننا التربوي والتعليمي، وتهدّد بسقوط ذريع لمنظومتنا التريوية والتعليمية والقيمية لا قدر الله. ويحضرني هنا قول ذلك الفيلسوف الذي رأى الفوضى تنهش في جسد وطنه فخرج من شباك شرفته مخاطبا الناس في جملة واحدة ومختصرة قائلا: أيها الناس (إذا سقط العالِم "بكسر اللام".... سقط العالَم "بفتح اللام").
نعم أيها السادة، إن الحلول كثيرة وفي متناول اليد، إذا وجدت الإرادة الصادقة والعزيمة القوية في تطبيق التعليمات الخاصة بذلك، وإعتبار كل من يتدخل في الدفاع عن المتورطين في تدمير هذه المؤسسات الوطنية والإساءة إليها هو شريك بالجريمة.
نعم أيها السادة، لإستراتيجية تحدث تغييرا إيجابيا وفاعلا يعيد فيه لجامعتنا ألقها يعود فيه ابناؤنا الطلبة إلى القرطاس والكتاب والبحث والتعلم متسامين فوق الجراح ومتعلمين من هذا الدرس ليتحول إلى طاقات إيجابية مبدعة ورب ضارة نافعة. ولنبدأ دون تسويف أو تأخير في وضع حلول عملية قابلة للتطبيق حسب خصوصية كل جامعة وبالتنسيق مع مجلس التعليم العالي الذي عليه مسؤولية وطنية جسيمة في وضع ذلك على قائمة الأولويات ومعالجة ما حدث وعدم تكرار هذه المشاهد التي تسيء إلى سمعة التعليم في بلدنا ناهيك عن تلك الإفرازات وإرهاصاتها السلبية على تركيبة مجتمعنا الاردني وفي مختلف المسارات والميادين. وللحديث بقية.
وفاة حدث في المفرق والأمن يحقق بسبب الوفاة
إحالة ملفّ الطلبة المتورطين بأحداث الجامعةُ الأردنيّة الأخيرة للمجلس التأديبي
العنف الجامعي في الميزان .. ومن المسؤول
صدور رواية اللوكو للكاتب والإعلامي موهوب رفيق
الأميرة بسمة ترعى فعاليات البازار الخيري للسلك الدبلوماسي بعمان
وزارة الثقافة تحتفل بخريجي معهد تدريب الفنون الجميلة
منتخب الطائرة للشابات يلاقي هونغ كونغ الأحد
الاحتلال يربط انتهاء حرب غزة بنزع سلاح حماس
اتحاد السلة يُعاقب الوحدات والفيصلي
اختتام فعاليات منتدى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأردني البريطاني
أورنج الأردن وشركة جت توقعان شراكة استراتيجية
العقبة .. بدء دورة إدارة السباقات الدولية للقوارب الشراعية
منخفضان جويان يجلبان الأمطار الغزيرة لدول عربية
تفسير حلم الامتحان للعزباء في المنام
عائلة الدميسي تستنكر تداول فيديو الجريمة المؤسفة
قرار حكومي مهم بشأن الحجز على أموال المدين
وظائف شاغرة ومدعوون للمقابلات الشخصية .. أسماء
دلالة رؤية ورق العنب للعزباء في المنام
النقل البري تتعامل مع 17 ألف راكب يومياً في معان
41 دار نشر أردنية تشارك في معرض النيابة العامة الدولي للكتاب في ليبيا
وزارة الأوقاف تغلق مركز الإمام الألباني للدراسات والأبحاث
إغلاق طريق كتم وتحويل السير إلى الطريق الرئيسي (إربد – عمّان)
مأساة قناة الملك عبدالله: صرخة تتكرر بحثاً عن حل جذري
وظائف ومدعوون للتعيين .. التفاصيل