الثلاثينيات

الثلاثينيات

03-12-2025 11:40 PM

عندما دخلتُ الثلاثينيات، اكتشفت أنّ هذا العمر يشبه الباب الدوّار: تدخلينه بثقة، ثم تلتفتين لتجدي نفسك في عالم مختلف تمامًا. عالم فيه نضج، ومسؤوليات، وقرارات مفصلية… وفي نفس الوقت كمية كوميديا لا يمكن تجاهلها.
في البداية حاولت أبدو مرتّبة وهادئة، كأني فاهمة الخريطة كاملة.
لكن الحقيقة؟ كنت أسأل نفسي:
“طيب… شو المطلوب بالضبط؟ وليش أحسّ إنه في امتحان وما حدا أعطاني الورقة؟”
ومع الوقت بدأت أكتشف جانبًا جديدًا في داخلي… جانب يحبّ يبتكر، يجرب، ويتخيل مشاريع ما كانت تخطر على بالي أصلًا.
صرت ألاقي أفكار بكل مكان:
وأنا بعمل سندويشتي.
وأنا بقص نبتة.
وأنا براقب تفاصيل بسيطة حوالي
وكأن الثلاثينيات بتجي معاها "وضع الإبداع الفوري".
وفي وسط هذه الرحلة، اقتبس لي أحدهم جملة لفريدريك نيتشه:
"الأمل في الحقيقة هو أسوأ الشرور، لأنه يطيل عذاب البشر."
ضحكت وقتها… مش لأنني مؤمنة بالكلام، بل لأنه ذكرني بفكرة مهمة:
الأمل بدون حركة فعليًا مؤلم،أما الأمل اللي بيخلّيني أتحرك، وأتطور، وأعيد تشكيل نفسي… فهذا مش شرّ، هذا نعمة.
ولأن الحياة مش بس أفكار ومواقف، كان لازم أكون صادقة مع حقيقتي الحالية:
أنا اليوم في مرحلة إعادة قيادة ذاتي… إعادة تموضع، وإعادة بناء، وإعادة ترتيب الطريق اللي جاي.
مرحلة أعرف فيها تمامًا أنني أنتظر منصبًا قياديًا أو حقيبة دبلوماسية،
وأعرف بنفس الوقت أني جاهزة لهما،لأني بنيت خبرتي، صقلت شخصيتي، ومرّيت بتجارب.
الثلاثينيات علمتني أن الإيجابية مش "كله تمام"،
بل:
"يمكن مش تمام… بس أنا تمام.
وأقدر، ورح أوصل."
ضحكت على كثير مواقف خلال هالسنوات،
تعلمت من مواقف أصعب،ولقيت نفسي أقوى بعد كل خطوة.
واليوم، لما أنظر لبداية الثلاثينيات، بشوفها مرحلة إعادة تشكيل حقيقية.
مرحلة نضج فيها فكري، اشتعل فيها إبداعي، وزادت فيها ثقتي.
والأهم… فهمت أن كل خطوة بتقربني من الطريق اللي أصلاً كان مستنّيني:طريق القيادة والمسؤولية والمناصب اللي تناسب حجم رؤيتي.
الثلاثينيات مش سهلة…
لكنها أجمل هدية لمن يعرف كيف يحوّلها لبداية جديدة.
وأنا؟ ماشية فيها بخفّة، وفكاهة، وبقناعة إن القادم أعظم… لأني ببساطة أستحقّه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد