رسالة إلى كل حر غيور وإلى كل حاقد عقور

mainThumb

27-10-2025 10:07 AM

قد نختلف مع البعض كيف تكون السياسة والبناء، ولكن يجب أن نلتقي و لا نختلف على أساسات البناء، والأساسيات لبقاء ذلك البناء.

في ثلاثتنا الأردنية المقدسة، الله، الوطن، الملك، تلك المفردات والمسميات البسيطة ، قد تكون في نظر البعض، بضعة حروف تشكل تلك الكلمات، التي لا يلقي لها البعض بالاً، ولا يُعيرها انتباهاً.
ولكنها في حقيقتها تعني اساس الحياة، وعماد البقاء وهي العنوان والهوية.

الله جل في علاه، يعني شرعه ودينه الذي انزله بكتابه على رسوله، وارتضاه للناس جميعا لصلاح أحوالهم وسعادتهم.
والتأكيد على ضرورة الاستمساك بهذا الدين ، دون تحريف أو تأويل خاطئ، وعلى منهج الإتباع الواضح دون الغلو والإبتداع، أو الإفراط والتفريط.
أما الوطن، فهو المكان، بكل ما يعني ، الأرض والمكان والإنسان ، ومن رمزيته وقدسيته، ذلك التراب الذي منه خُلقنا، وعليه دبت أقدامنا في الطفولة والصبا،وبه نتيمم وعليه نسجد،وفي جنباته ندفن، وهو عنوان هويتنا، وبوصلة انتماءنا.

الوطن هو ذلك الكيان الذي يعني العنوان والهوية، وهو البوصلة التي يجب أن تكون للجميع، ومنهم الشارد أو من تاه في زحام المغريات.
فمن لم يجعل الوطن هو بوصلته التي منها ينطلق في كل شانه، واليه يعود، فلا خير فيه لا لنفسه ولا لغيره، ولو حاز الدنيا بحذافيرها.

أما ثالث الثلاثة، الملك، قد يظن البعض ان المقصود بالملك، هو شخص جلالة الملك فقط! نعم ذلك منه وعنوانه، ولكن المراد منه هو أعمق واشمل؛
هو النظام والقانون، الذي يجب ثم يجب أن نحترمه في كل سلوكياتنا، ونحتكم إليه في كل شأننا وخلافنا أو اختلافنا.

حظ هذا الوطن بكل ما يعني، أن يولد من رحم المحن، وأن يتكون وينمو في حضن القوارع والصراعات ، ولكنه بحمد الله، ثبت واشتد عوده، فغرس واطعم وأجاد وابلغ ، وتعلم وعلم، وكان الحضن الدافئ لكل من جارت عليهم اوطانهم، دون منّْة أو جميل.

فكان رد الجميل له من البعض منهم، بعد أن شبعوا بعد الجوع وأمنوا بعد الخوف، أن قلبوا له ظهر المجن، فتنكرَا له وطعنوه ، وهمزوه ولمزوه وعيروه بما لم يكن فيه.

وبالأمس القريب، ومنذ ان بدأ جلالة الملك في خطاب العرش السامي، والذي تظمن إشارات لما تم إنجازه وما سيكون، وبيان مسؤولية كل فرد في المجتمع، كما هي مسؤولية من تقع عليهم المسؤولية أولاً.
والتأكيد على اننا لا نملك الترف في إضاعة الوقت ، فكل لحظة َ منه تمضي أو تمر دون تحقيق إنجاز، هي خسارة للجميع بلا شك.

ومنذ أن بدأ إلى أن انتهى جلالة الملك من الخطاب الملكي، وتناقلت ذلك وكالات الأنباء ومواقع الاخبار، حتى شن بعض سفهاء الأحلام ومأجوري الأقلام، هجماتهم تندراً وطعناً وهمزاً ولمزاً، كم من التعليقات والآراء تزكم النفوس، لا أرى لها سبباً إلا الجهل البليغ والحسد الشنيع.

أنجزنا وبنينا بأيدينا، واختلط دمنا مع حبات العرق، تضحيات يدركها من سهر الليالي خلف السواتر وعلى الطرقات.

حتى أصبحنا كالشامة بين الأمم ، وغرسنا بأيدينا واكلنا مما زرعنا، وحملنا هم الوطن فسيجناه باهداب العيون، فبقي مستقراً آمناً، ينعم اهله وكل من لجأ إليه بدفء الأمن وخير أرضه، وهو ما عجز عن فعله الآخرون، بسبب كثرة المغامرات والمقامرات على موائد اللئام .

وبنياننا وإنجازُنا يعجبنا جدا بكل تأكيد ، ويعجب كل من شيدوه وسهروا الليالي على حراسته، والذود عنه، وبذلوا في سبيله الدماء والأرواح، وذرفوا الدمع خوفاً عليه من العاديات، وعقوق بعض الأبناء وقطيعة بعض الأشقاء.

ولا يضيرنا ذلك التنكر والقطعة أو الخذلان ، لكن المؤلم أن تكون عطشا، وتذهب إلى بئر لتشرب منه، ثم بعد ذلك ترمي به حجراً، في محاولة لتغلق ذلك المنفذ، الذي منه شربت، كي لا يصل إليه غيرك، ثم تعود إليه مرة أخرى لتشرب!

أعجب من البعض، عندما يستدل خطأً بنصوص من الوحي، ويبلغ في ذلك ، ولكنه نسي أو تناسى، عدواً محتلاً يقتل ويجرح ويدمر ويهجر، ويفعل ما يشيب له الولدان كل يوم .

قد نخالفك فكراً وسلوكاً، لكن يجب أن لا تصل بنا وبيننا، في خلافنا إلى القطيعة، وان نعادي وطننا ونستعين بالأعداء عليه.

هات لي يدك، كي نكون في خندق الأخوة والدين ندافع ونحفظ بلدنا ونغيث إخواناً لنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، لكن الغنى، سلامة رأس المال.

وإلى بعض المتصيدين والمتسلقين ، كن صياداً نعم... إن استطعت أن تظفر بخير الصيد، تنفع به نفسك وأهلك وبلدك، وإن لم تستطع كن عوناً لصياد لعله يطعمك إن جعت، أو يحفظ لك جميل العون.

ولكن إحذر... ان تكون فريسة، يتصيدك العدو ويوظفك من حيث لا تدري.
واحذر ان تكون ككلب الصيد، فتكون معول الهدم في يده، لتقتل نفسك وتهدم وطنك.

رسالتي... إلى كل يتدثر بلبوس الدين أو الوطنية والقومية ، ويتمترس خلف شعارات صنعها ووظفها الأعداء وأذنابهم، ثم استخدمها بعض الجهلة، من حيث يدري أو لا يدري،فتراه يطعن ويلمز وطنه وقيادته، ولا يعجبه العجيب، ظناً منه انه على الحق وما سواه على الباطل.

سيبقى هذا الوطن مسيجا ً بأهداب العيون، لا ولن نغادره، وسنبقى جنده وعماله الأوفياء له، وعلى عهد من سبقوا وشيدوا وغرسوا.

ختاماً.. وطننا الأردن... يعجبنا جداً، ونفاخر به الدنيا، ومليكنا عبدالله الثاني .. "نحبه ونواليه ونشوف حالنا فيه ونعادي من يتجرأ عليه أو يعاديه " ، وإن لم يعجبك ذلك فهو شانك.
لكن لا تشرب من بئرنا، ثم ترمي به حجرا.

كاتب وباحث أردني



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد