عِنايةُ الله .. لُطفٌ لا يُدرِكُه البصر

mainThumb

27-10-2025 10:37 PM

يَرعانا المولى بِطُرُقٍ لا نَتخيَّلُها ولا نَعرِفُها، حتّى لو كانت أمامَ أعيُنِنا.
يُنزِلُ بنا البلاءَ الذي لا نُطيقُ ولا نَستوعِب، ويُثقِلُ كواهِلَنا بالتفكيرِ المستمرِّ غيرِ المُنتهي، ويَرفعُ عنّا ويُنزلُ بنا، ويُهذِّبُنا في كلِّ يومٍ وموقفٍ وحتى شخصٍ.

ليس لِيُعذِّبَ فؤادَنا، بل لِيُرتِّبَ اعوجاجَنا الذي لا نَعلَمُه، ونَظُنُّهُ صحيحًا، أو نَجهَلُهُ فينا، ونعجِزُ عن إصلاحِه لو عَلِمناهُ حتّى.
ونحنُ مشغولون البالِ، مُنشغلونَ عن الطاعةِ والعبادةِ، أو شغلتنا ملذّاتُ الدنيا.

لو عَلِمَ العبدُ كيفَ يُرتِّبُ اللهُ لهُ حياتَه، لعَجَزَ عن شُكرِه، ولذابَ قلبُهُ محبّةً في الله.

ومهما تدارَكَتْنا الاعتراضاتُ على الأقدارِ والاختيارِ والبلايا والعُكوساتِ الحياتيّةِ، والتأخيرِ في الأمورِ، والابتلاءِ في مَن تتعلّقُ بهم أرواحُنا، يَبقى قضاءُ اللهِ وقدَرُهُ النازلُ بنا – دونَ علمِنا بهِ وبالخيرِ الذي يحمله – أفضلَ بكثيرٍ ممّا تمنّت أنفسُنا، وحارَبَتْ لنَيلِه، وتاقَتْ لمعرفةِ ما لا يَستوجِبُ عليها معرفتُهُ والعِلمُ به.

الإحاطةُ التي يُحيطُنا بها اللهُ من كلِّ اتجاهٍ، تَحمينا من الداخلِ بشكلٍ لا يُمكننا تصوُّرُه، ويَصعُبُ علينا إدراكُه.
وبالرغمِ من حُزنِنا على كلِّ أمرٍ يحدُثُ لنا خارجَ رغبتِنا، أو أمرٍ قد حُرِمنا منه، أو هدفٍ سعَينا له، وطرقاتٍ شتّى مشَيناها لكن لم نَحظَ بها،
كان – وسيكون – مَنعُ اللهِ عطاءً ورحمةً، وحرمانُهُ كرمًا، ليَأتينا بالأجمل.

وتولّيهِ لنا في أصعبِ المواقفِ قد يُهوِّنُ الكثيرَ من مشقّاتِ وكَدَرِ الألمِ وحُزنِ الحياة.
إنّهُ يُحبُّ لقاءَنا، ولا يَمَلُّ، ولا يَسهو، ولا يَنسى، ويَعلَمُ ما يَخفى.

إنّهُ الواحدُ الأحد، جلَّ جلالُه، وتعاظَمَت أسماؤُه.

ومهما تاهت عنكم المساراتُ، اجعلوا القُربَ الإلهيَّ من اللهِ هو الطريقَ للوصولِ، والمفتاحَ الوحيدَ المُفرِّجَ للكُروبِ ، في كلِّ تأخيرٍ لُطف، وفي كلِّ مَنعٍ عطاء، وفي كلِّ بلاءٍ طريقٌ إلى الله.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد