رفع العقوبات عن سوريا مكسب إستراتيجي للأردن

mainThumb

08-11-2025 11:30 PM

يُشكل قرار مجلس الأمن برفع العقوبات المفروضة على سوريا نقطة تحوّل في المشهد الإقليمي، يحمل في طياته فرصًا اقتصادية وسياسية غير مسبوقة للأردن ،فبعد أكثر من عقد من العزلة والاضطرابات التي عطّلت مسارات التجارة الإقليمية يجد الأردن نفسه اليوم أمام مرحلة جديدة يمكن أن تُعيد له دوره الطبيعي كمحور عبور وتكامل اقتصادي في قلب المشرق العربي.
أولى الانعكاسات الإيجابية ستظهر في قطاع التجارة والنقل البري، ففتح الحدود السورية بشكل كامل وإزالة القيود المالية سيعيد الحياة إلى معبر جابر الذي يُعدّ شريانًا حيويًا للتبادل التجاري بين الأردن ولبنان وتركيا وأوروبا. هذا التطور سيؤدي إلى زيادة الصادرات الأردنية وتحفيز شركات النقل والخدمات اللوجستية، وتعزيز إيرادات الدولة من الرسوم الجمركية والضرائب، ما ينعكس مباشرة على ميزان المدفوعات ونمو الناتج المحلي.
كما أن القطاع الصناعي والزراعي سيشهد دفعة قوية إذ سيُتاح للمنتجات الأردنية الوصول إلى السوق السورية التي تمتاز بطلب مرتفع وأسعار تنافسية ، فعودة النشاط الصناعي والتجاري المشترك سيفتح المجال أمام شراكات إنتاجية جديدة خصوصًا في الصناعات الغذائية والدوائية ومواد البناء. في المقابل سيستفيد الأردن من السلع والمواد الخام السورية منخفضة الكلفة ما يسهم في تخفيض أسعار الإنتاج وتحسين تنافسية الصادرات الأردنية إقليميًا.
وعلى صعيد الطاقة والبنية التحتية فإن رفع العقوبات سيسمح بإحياء مشاريع الربط الكهربائي وخط الغاز العربي ما يعزز أمن الطاقة في الأردن ويفتح آفاقًا للتعاون في مجالات النقل والاتصالات ،كما أن عودة الاستقرار إلى سوريا ستعيد النشاط إلى طرق الترانزيت التاريخية التي كانت تربط الموانئ الأردنية بالأسواق الإقليمية، الأمر الذي سيدعم موقع العقبة كمركز لوجستي محوري.

أما من الناحية الاجتماعية، فإن تحسن الوضع الاقتصادي في سوريا سيُخفف الضغط عن الأردن في ملف اللاجئين ويتيح للحكومة إعادة توجيه مواردها نحو التنمية المحلية وخلق فرص عمل جديدة.
إن دور الحكومة الأردنية في هذه المرحلة سيكون حاسمًا ، إذ عليها أن تبادر بتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية مع دمشق، وتحديث الاتفاقيات التجارية، وتسهيل حركة المستثمرين ورجال الأعمال. كما يُفترض أن تعمل على إعداد رؤية وطنية لاستثمار الانفتاح السوري بما يضمن مصلحة الاقتصاد الأردني ويحافظ في الوقت ذاته على التوازن السياسي مع الشركاء الدوليين.
في المحصلة، يمثل رفع العقوبات عن سوريا فرصة استراتيجية للأردن لإعادة بناء دوره الاقتصادي الإقليمي، وتحويل موقعه الجغرافي إلى رافعة للنمو، شرط أن يتحرك بمرونة وحكمة لاستثمار هذا التحول التاريخي بما يخدم أمنه واستقراره وتنميته المستدامة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد