تفاح الجزائر يشعل الجدل

mainThumb

12-11-2025 09:59 AM

ماذا لو ربطت الفضاءات الرقمية الوطنية بعملات على الطريقة التي اقترحها أقوى رجل في العالم، أي بوطن عوض شخص ذائع الصيت؟ المؤكد أن مداخيل بعض البلدان ستنتعش.
منذ أسبوعين لا تفعل الجدالات في الجزائر سوى خنق بعضها، أو على الأقل ذلك ما يخيل للمتابع، جدل يغرق آخر، «تريند» يجهز على آخر، وبين التريند والتريند «سوق انتباه» ينعش الأطماع، مع تصدر المشهد السياسي لاهتمامات «مجتمع التعاليق»، يصعب تحديد المفتعل منها من الحقيقي، خصوصا مع اقتراب انتخابات نيابية يتبارى فيها المتبارون، وقد «آمنوا» بجدوى السوشيل ميديا، وسوقها في البلد، في المقابل تبدو استراتيجيات البعض في التعاطي مع هذه الفضاءات عرجاء.
لا شك أن «كلام الاقتصاد» قد عوض سيرة السياسة في البلد التي لا يقسم مسيروها سوى بالكفاءات والتكنوقراط، ثم الأرقام والاحصائيات خلال السنوات الأخيرة، جعل السردية الاقتصادية المستجدة مادة حتمية للتوظيف السياسي، لكن لأي جمهور وبأي طريقة. تلك التساؤلات بدا ضروريا لو تفكر فيها رئيس أحد أهم الأحزاب السياسية في البلد، «منذر بودن» عن «التجمع الوطني الديمقراطي» قبل أن يخاطب قاعدته الشعبية في منطقة الأوراس (باتنة تحديدا، شرق العاصمة). الرجل اختار أن يغازل أهل المنطقة ذات التركيبة الأنثروبولوجية المميزة والتي لا تزال للعرش من جهة، وكذا الخصوصية التاريخية باعتبارها مهد ثورة التحرير الوطنية أثرها، بمادة التفاح التي تميزت بإنتاجه بعض بقاع الهضاب الشرقية للبلاد خلال السنوات الأخيرة، و»أعادت كرامة الجزائري».
فقرة الإحماء للحملة المقبلة، والتي يكون قد دشنها الرجل بكلامه هذا، ما كانت لتأخذ كل هذا «الاهتمام» لو لم تعرف طريقا لمواقع التواصل الاجتماعي التي تحول فيها لمادة لجدل واسع، كان للسخرية فيها حظ كبير. «شكرا لكم، ستفتتحون متجر آبل هنا»، «إنها التفاحة يا سادة الشاهدة على تحولات البشرية»، «لكل تفاحته»، «يبدو أن مداخيل زراعتنا ستتفوق على مداخيل أعتى شركات التكنولوجيا في العالم».
مريدو الرجل شددوا على صواب كلامه: «لقد عرف انتاج المادة نقلة نوعية فعلا، وجعل منطقة الأوراس مثالا للريادة الاقتصادية»، البعض ذهب حد ربط إنتاج المادة بـ»السيادة الوطنية»، التي ساعد غلق الأسواق في وجه استيراد «تفاح الألب» الفرنسي – حسبهم – من كسر شوكة اليمين الفرنسي.
بين الإثنين يقف من يحاول قراءة المشهد من بعيد أمام هلامية الحدود بين الفضاءات العامة التقليدية والرقمية، والخصوصية الجزائرية في التعاطي معها والتأثر بها، خصوصا وأن المرحلة تعرف عودة السياسي للواجهة في اهتمامات المواطن من تصريحات وزراء بدا بعضها غير محسوب، آخر لا يعرف إجماعا، فضائح هنا، قناعة ربما بحتمية «التريند» ولو كان سلبيا، مع «رشات» بهار مصطنع و»عمل لجان» مدفوعة هناك.

مواجهات ليبية بين معمر وصدام!

على مواقع التواصل الليبية تستعر مواجهات صامتة، مواجهات رمزية، بين الصور وعلى الصور، معارك شرعية سياسية، تناحر على خلافة بعيدة ومستجدة، وحول الاثنين تصوغ الجيواستراتيجيا حاضر ومستقبل ليبيا.
شكل الاجتماع الذي جمع ممثلي دول الجوار خلال الأيام الماضية لحظة للتأمل، خصوصا في التقارب بين موقفين ظلا متباعدين حتى وقت قريب، خاصة بين مصر والجزائر التي احتضت اللقاء. مخرجات الاجتماع وإن لم تخرج عن مطالب متكررة في ضرورة دعم الليبيين على ضمان سيادتهم، وحرية اختيار قيادتهم، شددت على ضرورة تحييد كل القوى غير الليبية من مرتزقة وغيرهم، في بلد تتعمق أزماته خصوصا مع كل إشارات الخطر من منطقة الساحل، والتي جاء الرئيس الأمريكي ليعمق جراحها ملوحا باستباحة وشيكة لنيجيريا. أما الداخل الليبي فبدا خلال الأيام الأخيرة أكثر تأثرا بالصور: صور سباق سيارات، وصور ابن العقيد.
تناقلت الصفحات والمواقع الليبية والمغاربية صورا مبهرة لسباق السيارات «رالي تي تي» في طبعته الحادية عشرة في قلب صحراء ودان جنوب غرب البلاد، بل أن كثرا ذهبوا للثناء على حسن التنظيم والظروف الأمنية المميزة التي مكنت من تسيير حدث بهذه الأهمية جمع – حسبهم – ليبيين وأجانب في منطقة مقفرة. لكن الثناء «الواضح – الخفي» (على وزن المفاجئ – المتوقع) هو الثناء على المشير «حفتر» الذي يشتد طموحه الرئاسي وهو يحشد المزيد من الإجماع الدولي حول شخصه، وذراعه الأيمن وربما خليفته المحتمل ابنه «صدام» (الذي يحمل السباق اسمه «رالي صدام» بين الليبيين).
تنوعت التعليقات حول السباق، البعض وجد فيه «وجه ليبيا الآمنة»، «دحرا لكل الروايات التي تقدم البلد على أنه وجهة مخيفة»، البعض هلل لابن المشير «كله بفضل حكمة صدام وأبيه». علق كثر على أسماء تكرار الوجوه الفائزة، البعض توقف عند التعتيم على مخرجات السباق.
الحدث، وإن لم يعرف «انزلاقات» كبيرة إلا أن صورتين استوقفتا الليببين: تكسير صور ابن المشير، والهتاف للعقيد. تناول بعض مريدي ابن رجل ليبيا القوي آسفين التكسير الذي طال صور «صدام». جزع البعض قابله اتهام بالتزلف من تيار آخر. في حين شكل مقطع مصور لهتاف جماعي «الله ومعمر وليبيا وبس» تريندا لوحده معيدا إلى الأذهان لحظات انقلاب الشارع الأولى ضد العقيد. هتافات من قلب السباق ربما لم تكن لتعرف اهتماما لو لم تتزامن مع الإفراج الوشيك عن «هانيبال القذافي» من السجون اللبنانية، لتفتح بابا للنقاش حول مآلات هذا الخروج، عودة محتملة لليبيا وأي دور سيشغله وأخوته في مستقبل البلد. الهتاف وإن عرف ردود فعل متذبذبة على الـ»سوشيال ميديا»، بين من استذكر «معمر» بخير، وربطه بهناء ليبيا الذي تبخر، وآخر طالب بضرورة انصاف غيره من السجناء من طرف حكومة الوحدة الوطنية، إلا أن ما جمع الليبيين هو صور قيل إنها الأحدث لـ»هانيبال». وجد البعض في الأمر مناورة لبنانية، وأنها صور ذكاء اصطناعي للثأر مما فعله الرئيس الأسبق الذي بث صور مفبركة لـ»موسى الصدر» قبل عقود تبرئة لذمته وتحايلا. على النقيض أكد كثر صحة الصور التي، حسبهم تبدو معقولة لرجل قضى قرابة أكثر من عقد في السجن. بين الطرحين يقف الليبيون منتظرين مآل رجل لا يتفقون حوله، هو الذي تزامن إعلان موعد خروجه مع خروج مفاجئ لمهندس سقوط أبيه وبلده الرئيس الفرنسي الأسبق «ساركوزي»، الذي يكون قد تزامن موعد دخوله القصير إلى السجن مع أول إعلان عن الإفراج عن «هانيبال». صدفة؟ ربما!

كاتبة من الجزائر



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد