كلمة "We" أولى مِن "نحن" في وزارة أردنية سيادية .. !

mainThumb

13-11-2025 12:54 AM

في مشهد يعكس ازدواجية المعايير، نجد أنفسنا أمام حقيقة مُرة: إعلان توظيف صادر عن وزارة التربية والتعليم - إحدى أهم الوزارات السيادية - مكتوب بالإنجليزية بالكامل، من عنوانه "We are hiring!" إلى تفاصيل الوظائف وشروط التقديم.


هذا ليس مجرد خطأ إداري عابر، بل هو مخالفة صريحة لقانون حماية اللغة العربية رقم (35) لسنة 2015 الذي لا يزال ساري المفعول, فكيف لحكومة تفتخر بأنها حكومة إصلاح وتحديث أن تكون أول مَن يكسر القانون؟!

الواقع يؤكد أننا أمام مخالفة لا لبس فيها إذ ينص القانون في مادته الثانية على أن "تكون اللغة العربية هي اللغة الرسمية في جميع الوزارات والدوائر الحكومية"، وأن "تكون جميع المراسلات والوثائق والمعاملات باللغة العربية", كما تحظر المادة الرابعة استخدام "الخليط بين العربية واللغات الأجنبية في الوثائق الرسمية والإعلانات التجارية إلا للضرورة". والإعلان الذي نشرته الوزارة ليس "خليطاً" بل هو إعلان كامل بالإنجليزية، دون أي وجود للغة العربية سوى في شعار الوزارة!

قد تدفع الوزارة بدعاوى واهية مثل توجيه الإعلان "لكفاءات دولية" أو أن "الوظائف تتطلب إتقان الإنجليزية" أو أن "المنصة عالمية (لينكدإن)"، لكن هذه الدفوع تتهاوى أمام النص القانوني الواضح.

فلو كان الإعلان موجهاً لكفاءات من المريخ، يبقى القانون الأردني ملزماً لوزارة أردنية , والحل ببساطة: نشر الإعلان بالعربية أولاً وبشكل بارز، ثم الترجمة الإنجليزية إن لزم الأمر .

وهنا تثور هنا أسئلة محيرة: كيف نطالب مؤسسات القطاع الخاص باحترام القانون بينما الوزارات تتجاوزه؟! أين لجنة متابعة تنفيذ القانون التي نص عليها القانون نفسه؟! هل يعقل أن تكون رسالة الحكومة الأولى للباحثين عن عمل بلغة أجنبية؟! وهل أصبحت الإنجليزية شرطاً للوظيفة أم شرطاً لقراءة الإعلان؟!

الحلول موجودة لو وجدت الإرادة: سحب الإعلان المخالف فوراً، وإصدار إعلان جديد باللغة العربية مع ترجمة إنجليزية، وتوجيه تعميم لجميع المؤسسات بالالتزام بالقانون، وتفعيل الغرامات على المخالفين, و لكن يبدو أن الإرادة هي الغائب الأكبر في هذه المعادلة.

القانون ملك للجميع، واحترامه من الحكومة ليس منةً منها، بل هو واجب دستوري و السؤال الذي يفرض نفسه: هل نحن جادون في حماية هويتنا ولغتنا، أم أن القوانين مجرد حبر على ورق؟!

اللغة ليست مجرد وسيلة اتصال، بل هي وعاء الهوية والكرامة, وإذا كانت "الحكومة الإلكترونية" تعني التخلي عن لغتنا، فالأولى أن نعود للألواح الطينية.

هذه ليست قضية إعلان توظيف، بل هي قضية سيادة القانون وهيبة الدولة , فإما أن نكون جادين في الحفاظ على هويتنا، وإما أن نعلنها صراحة: لقد تنازلنا عن كرامتنا في سوق العولمة الواسع.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد