قراءة في كتاب ملك وشعب (25)

mainThumb

19-11-2025 12:11 AM

يعد كتاب "ملك وشعب" الذي أصدره الديوان الملكي الهاشمي العامر منجزا وطنيا هاما يوثّق المبادرات الملكية السامية الزاخرة بالخير والعطاء والإنسانية ضمن رحلة خيّرة لا ينضب عطاؤها بين ملك إنسان وأبناء شعبه. إن هذا الملف الإنساني والتنموي الذي يوليه جلالة سيدنا كل إهتمام حيث أسند أمر متابعته وتنفيذه إلى لجنة برئاسة معالي الأستاذ يوسف حسن العيسوي رئيس الديوان الملكي الهاشمي ضمن فريق عمل مخلص وجاد ليعكس صورة إرتباط ملك رحيم تجلّت صفات الإنسانية بأجل صورها مع أبناء شعبه الأردني بروح تنم عن إنتماء ومحبة قائد لوطنه ولشعبه، وولاء ومبايعة شعب لقائده بصدق وإخلاص. وسأتناول هنا في المقال الخامس والعشرين (25)ضمن سلسلة مقالات قراءة كتاب ملك وشعب "المبادرات الملكية السامية في تعزيز النزاهة الوطنية ومكافحة الفساد وترسيخ سيادة القانون".

لقد وجه جلالة سيدنا في 26 حزيران 2005 حكومة دولة الأستاذ الدكتورعدنان بدران للبدء في إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد وإعداد قانون لها، ويأتي هذا التوجيه الملكي تعبيراً عن إرادة سياسية جادة لمكافحة الفساد، وإستنهاضاً لهمم أجهزة الدولة لتجفبف منابعه والوقاية منه بشكل مؤسسي، وممّا جاء في توجيه جلالة سيدنا للحكومة آنذاك " وتعزيزا لرؤيتنا وتطلعاتنا في بناء الأردن النموذج الذي يشارك جميع أبنائه وبناته في صناعة مستقبله، وإنسجاما مع طموحاتنا في تعزيز ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة لترقى إلى ثقة شعوب العالم المتقدمة بمؤسساتهم فإننا نعهد اليكم بإنشاء هيئة مستقلة تضطلع بالتنسيق مع الجهات المعنية بوضع وتنفيذ استراتيجية عامة لمكافحة الفساد والوقاية منه بشكل مؤسسي، وبما يكفل الكشف عن مواطن الفساد والتحري عن جميع القضايا المرتبط به، بما فيها الفساد المالي والإداري والعمل على مباشرة التحقيقات اللازمة بخصوصه، وجمع الأدلة والمعلومات المرتبطة به".

وفي عام 2006 صدر قانون هيئة مكافحة الفساد رقم (62) لعام 2006 الذي حدد أهداف الهيئة ومهامها وبيّن الأفعال التي تعد فساداً، وتم إجراء تعديل عليه عام 2012 وتعديل آخر عام 2014، ومع تعاظم الاهتمام الوطني بدفع مسيرة الإصلاح وترسيخ قيم النزاهة والإلتزام بمبدأ سيادة القانون تم في الثامن من كانون الأول عام 2012 تشكيل لجنة ملكية لوضع ميثاق وطني للنزاهة لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية تستهدف إرساء مباديء العدالة والمساواة وسيادة القانون، إلى جانب مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة التي تعد ركائز أساسية للحوكمة الرشيدة في الأردن، والقاعدة الأساسية والمنطلق الثابت للمسيرة الإصلاحية من خلال شراكة حقيقية ومتوازنة وفاعلة بين جميع مؤسسات منظومة النزاهة.

ونظرا لإهتمام جلالة سيدنا في إيلاء موضوع النزاهة ومكافحة الفساد ففي الثامن عشر من شهر آب عام 2013 رعى جلالته حفل تسلم ميثاق منظومة النزاهة الوطنية وخطته التنفيذية، وفي ذلك يقول جلالة سيدنا " نتطلع إلى أن يكون ميثاق النزاهة الوطنية خارطة طريق لتفعيل وتنظيم عمل الجهات الرقابية، بما يعزّز ثقة المواطنين في جميع مؤسسات الدولة وأدائها". وجاء التوجيه الملكي بأهمية تطوير وتحديث منظومة متكاملة وفاعلة للنزاهة الوطنية، تتوافق عليها جميع أطياف المجتمع، لتكون ركنا أساسيا في نجاح مسيرة الأردن الإصلاحية الشاملة.

وإستنادا إلى "قانون النزاهة ومكافحة الفساد رقم 13 لسنة 2016 " فقد تمّ دمج هيئة مكافحة الفساد وديوان المظالم في هيئة واحدة هي "هيئة النزاهة ومكافحة الفساد" للعمل على خلق بيئة وطنية مناهضة للفساد، ومكافحته بأشكاله كافة وتطويقه وعزله والحؤول دون انتشاره حفاظا على موارد الوطن، وذلك من خلال العمل على ترسيخ قيم النزاهة ومعايير السلوك الفردي والمؤسسي وتأهيل قيم الحوكمة الرشيدة وتعزيز سيادة القانون وإعمال مبدأ المساءلة والمحاسبة وتحقيق مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.

ووفقاا لمعطيات إستجدت لتفعيل عمل هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وتكرييس إستقلاليتها، وتلافي بعض الثغرات تمّ إجراء تعديلات على هذا القانون بموجب "القانون رقم 25 لسنة 2019" كان من أبرزها التأكيد على إستقلالية الهيئة، وتوسيع صلاحياتها وتحصين مجلسها ومنحها حق مراقبة نمو الثروة لدى المسؤولين المشمولين في قانون الكسب غير المشروع، إضافة إلى منحها صلاحية المساهمة في إسترداد الأموال المتحصلة من أفعال الفساد، وكذلك شمول موظفي المؤسسات الدولية بأحكام القانون.

ويؤكد جلالة سيدنا على أهمية تكريس مبدأ المساءلة وسيادة القانون وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص وتعزيز منظومة مكافحة الفساد التي تعتبر ركائز جوهرية للحوكمة الرشيدة، والقاعدة الأساسية والمنطلق الثابت للمسيرة الإصلاحية في بلدنا، من خلال شراكة حقيقية ومتوازنة وفاعلة لترسيخ منظومة النزاهة الوطنية وتطوير الأداء العام لمؤسسات الدولة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، وتحسين عمل الجهاز الإداري الحكومي وتعزيز ثقة المواطنين في الدولة ومؤسساتها التي تعتبر من المرتكزات الرئيسية لعملية التحّول الديمقراطي، كما هو مؤشر على جدية وواقعية عملية الاصلاح لتطوير العمل المؤسسي والحفاظ على المال العام، ومكافحة الفساد بكل أشكاله ومحاربته قبل وقوعه، والبناء على ما تراكم من إنجازات لما فيه تحقيق مستقبل أفضل لأبناء الوطن.

وهنا، فإن تعزيز دور الجهات الرقابية ومراجعة البنية التشريعية وتطوير معايير تقديم الخدمات الحكومية ومراجعة وتنظيم الأنظمة المالية وتطوير الإدارة العامة، وتنظيم العلاقة التشاركية بين القطاعين العام والخاص، وإرساء وتعزيز اللامركزية والحكم المحلي وإصلاح وتطوير منظومة التعليم، وتعزيز ثقافة النزاهة، وسيادة القانون التي تعتير كلها روافع نوعية لنهضة أردننا الغالي الذي هو أكبر منا جميعا، حيث أن واجب أمانة المسؤولية يقتضي أن يتحلى بها المسؤول والمواطن على حد سواء، وأن يتم تطبيقها بالممارسة الحقيقية والقدوة من أجل تحقيق التنمية الشاملة، وتحسين مستوى حياة المواطنين لتترسّخ ثقة المواطنين بأجهزة الدولة ومؤسساتها تحت مظلة الدستور الذي ينص على أن جميع المواطنين متساوون بالحقوق والواجبات الأمر الذي يرسّخ الانتماء الحقيقي ويعزّز روح المشاركة الفاعلة.

نعم، إنه الدعم الملكي الهاشمي لتعزيز وإدامة منظومة النزاهة الوطنية ومكافحة الفساد لتكون على قائمة الأولويات لمعالجة هذا التحدي الذي يشغل بال الأردنيين، وليتم متابعة ذلك ضمن منظومة عمل جادة تعمل بضمير مؤسسي مسؤول ضمن جهود وطنية من جميع مؤسسات منظومة النزاهة، ويتابع ذلك الديوان الملكي الهاشمي العامر بيت جلالة سيدنا وبيت الأردنيين جميعا بإخلاص وتفان في العمل في ظل مجتمع متكافل واحد موحّد ومتماسك يزرع بذور الخير والعطاء والإنسانية، برعاية وإهتمام جلالة سيدنا الملك الإنسان عبد الله الثاني بن الحسين أعز الله ملكه القدوة لنا جميعا في الإنجاز والعمل وللحديث بقية.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد