التيارات الدينية : مشروع أخلاقي ام مشروع سياسي
تتجذر التيارات الدينية في العالم التي تمزج بين المعتقد والقصد السياسي في حياة الجماهير لأنها تتعامل مع الإنسان ليس فقط كفرد بل كجزء من مجموعة تبحث عن معنى وحماية وانتماء. التأثير هنا لا ينتج من النصوص ذاتها، بل من الطريقة التي تُقدَّم فيها للجمهور، ومن الإحساس الذي تمنحه للأفراد بأنهم يتحركون ضمن فكرة كبيرة تستحق الدفاع عنها أو التضحية من أجلها أو الالتفاف حولها.
لا تعمل هذه التيارات بأسلوب سياسي تقليدي يعتمد فقط على البرامج أو الوعود بل تستند إلى مشاعر أعمق منها الإحساس بالصواب والخطأ والواجب الأخلاقي والانتصار المشترك و قوتها تظهر حين يصبح الفرد مقتنعاً بأن تنفيذ ما يُطرح ليس مجرد قرار سياسي بل خيار صحيح اجتماعياً ومحمي معنوياً داخل الجماعة.
وقال الفيلسوف أرسطو: "إلإنسان كائن اجتماعي يتحرك ضمن ما يمنحه القبول بين أقرانه " وهو ذات المنطق الذي تلتقطه هذه الحركات حين تجعل الفكرة معياراً اجتماعياً، لا مجرد رأي قابل للتبديل ، وبالتالي فإن التغيير لا يحدث بفكرة صاخبة بل عبر تأثير تدريجي يزرع القناعات داخل البيئة الشعبية دون أن يشعر الناس أنهم خضعوا لتوجيه مباشر.
نتيجة ذلك يتغير الإطار الذي يرى من خلاله الجمهور الأشياء ،فالمفاهيم مثل العدل أو النجاح أو الأخلاق أو الولاء تُعاد صياغتها لتتناسب مع الرواية التي تحملها الحركة وليس مع المعنى المجرد لهذه القيم. وهنا تبدأ القناعة تتحول إلى عدسة تفسير ثم إلى طريقة استقبال للأحداث لا إلى محتوى ديني.
وإذا انتقلنا إلى المستوى النفسي نرى أن الجماهير لا تستجيب دوماً للمنطق التفصيلي لكنها تتبنّى ما يمنحها الشعور بالتماسك. وقد شرح الفيلسوف نيتشه هذه الفكرة بعبارته الشهيرة: "الناس لا تتبع الحجة الأقوى، بل القائد الذي يمنحهم الاعتقاد الأقوى بأنهم على حق".
لكن الأثر لا يقف عند التفكير بل يسير نحو السلوك، فعندما تصبح الفكرة مرتبطة بالهوية وبما يظن الفرد أنه واجب معنوي يبدأ الالتزام يتحوّل من قناعة داخلية إلى ممارسة يومية ويصبح السلوك متوقعاً ومتجانساً . في هذه المرحلة.لا يوجد ضغط علني مباشر لكن يوجد رقابة اجتماعية ذاتية بين الأفراد، فالجمهور لا ينضبط بالقانون بل بالإحساس بأنه يُمثل المجموعة.
هذا النمط من التأثير يحدث في كل مكان يعلو فيه صوت اليقين الجمعي على التفكير الفردي ، فالجمهور يبدأ بالتماهي مع الخطاب المطروح لأنه يعتقد أنه يحمي استقرار الجماعة ويضمن سلامتها ويعطيها هيبة أمام الآخرين حتى لو لم تكن السياسة جزءاً من حياته المباشرة،وهنا تتحرك الجماهير وفق نموذج واحد، ليس لأنهم متفقون تحليلاً بل لأنهم متفقون شعوراً .
وتزداد الخطورة حين يُختصر الفضاء الجمعي بفكرة واحدة تُقصي البدائل الأخرى من التفكير فيصبح التنوع غير مقبول نفسياً لا منطقياً.
من هنا نستنتج أن تأثير هذه التيارات لا يمكن قياسه فقط بما يقوله الجمهور بل بما تغيّر داخل الجمهور دون أن يُعلنوه: من طريقة الحكم على الأمور، نوع المشاعر تجاه الأحداث، ردود الفعل الجماعية، وأنماط السلوك المتجانس التي تنتج نتيجة الاعتقاد بأن هناك مشروعاً أخلاقياً جمعياً يحكم الفعل، ولو لم يُكتب ذلك في برنامج أو قانون.
إنها عملية تأثير تبدأ هادئة ثم تصبح أعمق تنتقل من زرع القناعة إلى تشكيل الشعور ثم توجيه الفعل، دون حاجة لمسميات دينية أو لاهوتية، لأن الجمهور يتفاعل معها بما تمثّله اجتماعيًا، لا بما تحمله عقائديًا.
هل اصبحت الواردات في الميزان التجاري ضيفًا ثقيلاً
ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة
المالية النيابية تناقش موازنات الاقتصاد الرقمي والبريد الاردني
قانونية النواب تقر التنفيذ الشرعي
إجلاء الدفعة 18 من أطفال غزة المرضى للعلاج بالأردن
حسّان يلتقي ممثّلين عن مجموعة ماج القابضة
التيارات الدينية : مشروع أخلاقي ام مشروع سياسي
شراكة استراتيجية تجمع زين كاش وبترا رايد
تمرين إخلاء وهمي في هيئة الطاقة والمعادن
تعليمات جديدة لتنظيم نقل الركاب بالتطبيقات الذكية
مدعوون لاستكمال إجراءات التعيين .. أسماء
الحكومة تدعو مئات المرشحين لحضور الامتحان التنافسي .. أسماء
الأردن يستورد زيت زيتون لسد النقص المحلي
شغل الأردنيين .. معلومات عن الروبوت الذي شارك بمداهمات الرمثا
رقابة إلكترونية على إنتاج وتوزيع الدخان
ألفابت تنافس إنفيديا وأبل ومايكروسوفت في سباق القيم السوقية العملاقة
ترامب يطلق مبادرة جينيسيس ميشن لتسريع الأبحاث بالذكاء الاصطناعي
بيان تفصيلي حول عملية المداهمة في الرمثا .. قتلى واصابات
زين تتفوق في تبني قيمة البيانات المؤسسية
تواصل الهطولات المطرية خلال الساعات القادمة بهذه المناطق
العقبة للتكنولوجيا تستضيف وفد هيئة الاعتماد وضمان الجودة خلال زيارة ميدانية
الجزائر .. 122 فناناً يشاركون بالمهرجان الدولي للفن التشكيلي
البلقاء التطبيقية تبحث التعاون الأكاديمي والتقني مع بيرسون العالمية



