الجامعة الهاشمية

mainThumb

10-12-2011 11:46 AM

على قدر أهل العزم وبعزم لا يلين له هدير، ارتفعت شواهد المجد الى العلياء في شموخ باسق الأطواد، هيكل الشمس مبتغاها وجبهة المجد مناها، فأصبحت في الدياجير كوكبا دريا، لها مقام سرمدي باذخ، اكتسى بحلة بيضاء من جبهة القمر فغنت عروس الصحراء وزها بها نسيم الصبا وفي واحاتها البلابل فوق الشجر تشدوا: هاشمية.

والصرح واحة العلوم والأدب، روضا للاماني كالحق لا يتجزأ، ينشر النور على أديم الصحراء فترتفع راياته كوميض نجم يلوح للساري ويرقب الخطى ويرنو تعجبا، فيخشع الخارجون عن الحقيقة لها هيبة وإجلالا. وكلما عاندت رياح الكثبان رزانة واحتدم الصراع زبدا أرمدا، رأيت العزم في صدور الرجال يحيله جفاء، فيتلقفه المصلحون فيصبح صلبا كالمروان طيبا، وترى الصبر أبقى واعندا، صبرا على وقع الشدائد مهما احتدا وترى القباب معلقة كأجراس الندى والدار تغدو فردوسا مؤنسا ترقب خطها عيون الكمال وتحدق هانية تعجبا، تمارس طقوس العبادة فرحا بأسطورة أكسير الحياة السرمدا، فلقد أتى الفرح السعيد وزغردت على شفاه الشيح غناءا مخلدا:

زهرة الصحـراء تنمـو في روابيهــا
تهـدي شعاعـا على الهامـات تعليهـا
فمنـها الفجــر يسطــع فـي ذرهـــــا
وبحــر العـلــم مختـــالا يحـاكيـهــــا
بهـا العـلمـــاء قـد أضحــوا منـــارا
بهــم يسمــوا عــلوّا صــرح بـانيها

وفي باحات العلم نخبة طيبة، حاكت روح الحكمة وجعلت حسن الإدارة في ألازمات منهجا، من التراحم بين هيئتها والمودة بين أبناءها مشعلا. فارتفعت شواهد التراحم وصارت معلما. والملأ المكلف بالإدارة العليا لهم منهج الحكمة والحنكة موئلا. فهم في ساعة الكرب واحتدام الصراع تجدهم ضيغما. لا تخف لهم قناة مهما دنى الخطب أو أقتضى. لتبقى هامات الرجال تفخر بشماغ المجد وعقال التاريخ والرجولة عاليا. في جباههم ثبات العزم، تلمع فيه قبس المواقع والحواجز والجهات الأربعة، خضرة في الأديم ونضرة في الأعالي وسنابل الخير أينعت في أطرافها علماء وجيلا هماما واحدا، له في علياء الديار لألأة وفي المقام والأفق الرفيع السمع والأدب. حسبهم الوطن الذين يشيدونه بيد ثابتة، في كفها السيف وبين أناملها القلم، وفي شرايينها دم ارجواني حار فيه مزجه فريدة نادرة بين ذكاء وقاد وقدرة وضاءة تطاول النجم وتناله وتجعله حليه الفخر والقدر. في محياهم ثبات العزم ما دامت الجذوة إلى ضرام، منه الفخر والشجاعة ومنه كبر الصبر كي يعلم الصبر أننا في القفار نبني وإمام الشدائد نرتفع عليها ونبتسم في ملاقاتها بعد ان خبرناها وهزمناها. وكنا في كل الأمور صلابة في الزند وجسارة في القلب واقتدار في النزال نأتيه مواجهة لا مواربة ونجبهه قوة وعنوه لا مراوغة وخداع.

وفي قاعات الدرس صفوة من صفوة، كرم الصرح بهم نهجا ومقصدا ومذهبا، عقدوا العزم أن تعلوا منارته، لهم في الأرض الطهور منبرا، فما غاب عنهم نور العلم وما خبا، يشقون أستار الدياجي بجحفل، فصار الشوك يجالس الورد الندي، فترتعش القراطيس من وقع النقع وتهتز من شوق وتستبشر الروابي بالخلود بضمير كالمسك طيبا، فيسطر القلم بحروف مباركة "سنقرئك فلا تنسى" فتلهج الألسنة الصادقة مرددة "وانك لعلى خلق عظيم".

والجهل كالحجارة أعمى يظن من حسن التظاهر مبصرا. ولكنه كالسيف الذي يغفو في الإغماد فيصدأ. واستسلم وقد تساقطت أوراقه أشلاء صرعى طعينها لا يبرأ، وغدا بصحراء العلوم شردا غبرا فلا روحا ولا متفيأ ولا مرقدا. كالشوك على لفح اللظى يتوكأ وجراحه موصولة لا تنكا فتراه وقد حط من عل يطلب النجاة. فتبوح شجيرات الرتام والشيح والطيون بسر البقاء:

يــا واردون منـابعـــا فيـهـــا انهــلــوا
حتــى نـرتــوي شهــدا مـن مخلصيها
فيــا طــلابهــا للصــرح صـــونــــــوا
وكــونـــوا قــــدوة نـعـتــز فيـهــــــا
ويــا وطــن النجــوم حمــــاك ربـــي
وكــل الأمـــن يسمـــوا فــي روابيهـا

فطوبى لـك الأمجاد يا أردننا يا موطن يجمع بالتوحيد شعبا تميزا، وفي موصول الجوى بترابك سنبلتين وزيتونه لا شرقية ولا غربية. طيور جنوبها تشدوا شمالا، فأصبح مفاتن دوحة أمنت بها نخبة الأخيار. يعد فضالا حسبنا من سراه وصفوه، فما عثر الخطو الدؤوب وما كبا. لـه الأمجاد فأهــلا ومرحبا. فخرنا منها أن نبينا "أحمدا" نزل عليه الرب من مشرقة الضاد "فرقانا" فكان للرحمن أدنى واقربا. تشم عبير المجد من نسماته كالمسك طيبا:

فلك العز يا جامعة موطني ... تكتب للهاشمية تاريخيا ونهجا مميزا


* مدير مركز الدراسات البيئية-الجامعة الهاشمية


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد