لماذا لن تشن كورياالشمالية الحرب ؟

mainThumb

10-04-2013 10:31 PM

  مهما تعددت وتباينت الاراء حول الأزمة في شبه الجزيرة الكورية، فان المحللين  يجمعون على ان النظام الحاكم في كوريا الشمالية ، بقيادة كيم جونغ اون ، يناور ويخوض حربا اعلامية كلامية، يستهدف بها تحقيق مكتسبات سياسية  واقتصادية ،  قد تطيل بعمره، خاصة وان  الشعوب ترفض انظمة الحكم الشمولية الديكتاتورية ، مثل النظام الحاكم في كوريا الشماليه الذي تحتكره"عائلة كيم "منذ تأسيس الدولة حتى اليوم، ويتوارث  الحكم فيها الابناء والاحفاد عن الأباء والاجداد ، دون اعتبارلارادة  الشعب الكوري الشمالي. في الوقت الذي يختار شقيقه الشعب في كورياالجنوبية حكومته دوريا،  عبرانتخابات حرة نزيهة، جعلت البلاد واحدة من ارقى الدول الديمقراطية، واكثرها تقدما،  وحضارة  في العالم، لأن الديمقراطية قوة دفع ايجابيه ،بعكس الديكتاتورية، وحكم الفرد  . .

 
لماذا لن تشن كوريا الشماليه الحرب ؟ 
 
يبدو ان كوريا الشماليه تعي جيدا ، انها لن تكسب اي حرب يمكن ان تشعلها في المنطقة ، لاعتبارات سياسيه وعسكريه وجيوسياسيه ، فوجدت في الحرب النفسيه الاعلامية ، حلا يعوضها  عن شن حرب حقيقية، لاتقوى عليها اصلا . 
 
اذ تدرك كوريا الشمالية  جيدا انها ستكون الضحية رقم واحد في اية حرب قادمة ، وان قيادتها وجيشها وشعبها، بل ووجودها كدولة مستقلة ، سيكون ثمن مغامرتها الحربية ، ممايجعلها لاتفكر ابدا بشن حرب ،لأنها  تحكم على نفسها بالاعدام نظاما ودولة وشعبا . 
 
  كما لايمكن  للزعيم الكوري شن حرب  جديدة  دون  دعم سياسي وعسكري  من حليفيه  الصين وروسيا ، الذين  اعلنوا  بطريقة او باخرى ، انهم لن يدعموه ،  بل انهم شاركوا في اتخاذ قرارات دولية  لمحاصرته . وتؤكد تصريحات قادة الصين وروسيا ، ان الدولتين مع الحوار،وضد الحرب التي تهدد امن واستقرارالعالم .. 
 
فقد اكد الرئيس الصيني "شي جين بينج" إنه من غير المسموح لأي دولة أن تثير الفوضى في العالم، بينما حذر وزير الخارجية "وانج يي" بأن بكين لن تسمح بالتصرفات المؤذية في تخومها. – في اشارة  الى  كوريا الشماليه  حسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، التي قالت ان هذه التصريحات تعتبر الاقوى  ضدكوريا الشماليه التي تصدر عن بكين
 
ويرى  قادة  الجيش الكوري الشمالي  وضباطه  وجنوده،  ان موقف حلفاء بيونغ  يانغ يجعل الحرب عملية  انتحار ليس  لقادة  كوريا الشماليه فحسب بل لجيشها ايضا، خاصة وان  القدرة العسكرية لقواتهم  متخلفة، ومعنويات  الجنود  الشماليين منهارة، فهم يشعرون  بأن بلادهم تعيش في عزلة فرضها النظام بسياساته  المتهورة، كما انهم محرومون من جميع وسائل الحياة الكريمه التي يتمتع بها  اشقاؤهم في كوريا الجنوبية .  
 
ومما  يضاعف من يأس الجيش الكوري الشمالي وايمانه  اليقيني بالهزيمة في أية معركة  يخوضها عسكريا،  هوتنامي قدرات القوات الكورية الجنوبية التقليدية  والتقنية والاستراتيجية ، وتحالفها  مع  الجيش الامريكي بقدراته الهائله، مما جعل مواجهتها امرا شبه مستحيل .    
 
 
اهداف الحرب النفسيه الكوريه الشمالية
 
 ان كوريا الشماليه واثقة بانها  لن تنتصر، في اية حرب حقيقية مع كوريا الجنوبية ، مماجعلها  تناور، لتخوض حربا نفسيه  واعلامية وكلامية  بديلة ،علها تحقق بعض اهدافها ، التي دفعت قيادتها الى توتير اجواء المنظقة . 
وتسعى  كوريا الشماليه  - حسب محللين  -  من  تهديداتها لكوريا الجنوبية  وامريكا ،وتوتير الاجواء في شبه الجزيرة الكورية، الى ابتزاز المجتمع الدولي  لالغاء الحظر الأممي  المفروض عليها ، مقابل تراجعها عن استفزازاتها ، وبالتالي الحصول على  مساعدات اقتصاديه  عاجلة  من كورياالجنوبية،  لانقاذ الشعب الكوري الشمالي من  مجاعات محتملة ، تعيد  للاذهان  مجاعات سابقة ، اودت  بحياة  مئات الالاف من ابناء كوريا الشماليه ، جراء سياسات  اسرة كيم  الحاكمه ومغامراتها العسكرية  .
وتسعى كوريا الشماليه ايضا من هذه الحرب النفسيه ، التي  يقودها كيم الحفيد ،الى تعزيز موقعه ، كزعيم  جديد شاب ، يسعى الى  جمع الشعب والجيش ، حول شخصه، خاصة  بعد تراجع كبيروعلني في شعبيته،  دفعت  حتى بعض كبار المسؤوليين لأعلان امتعاضهم منه، ورفضهم  لقرارته ، فاقصى  بعضهم  عن  منصبه، واختفى  اخرون في ظروف غامضة  ، واعدم اخرون سرا  ، حتى انه حكم على وزير دفاعه  بالاعدام بقذيفة مدفع  شريطة ان لاتتبقى قطعة واحدة من  جسده بعد تنفيذ  حكم الاعدام ، وهي عملية لم ولن يشهد  العالم لها مثيلا في فضاعتها . 
 
 
موديز : تهديدات الشماليه لم تقوض الاساسات الائتمانية لكوريا الجنوبية 
 
 لذا فان قادة  كوريا  الجنوبية  لم يكترثوا كثيرا بالتصريحات الاستفزازية  الكورية الشماليه والتهديدات  النووية ، رغم انهم اتخذواالاحتياطات اللازمة ، ووضعوا خططاعسكرية لمواجهة  اي استفزازات عسكرية شمالية  متوقعة، ذلك ان الحياة اليوميه سارت على  طبيعتها ، فالسلع متوفرة  والاسعار لم تشهد اي ارتفاع ، وازدادت الاستثمارات ، وتواصل تدفق  المستثمرين الاجانب على البلاد ، مما يؤكد ثقة العالم بكوريا الجنوبية ، وبانها ستنتصرسلما اوحربا، كما يؤكد تاريخ علاقاتها مع  بيونغ يانغ.  وقد اكدت  وكالة التصنيف الائتماني الدولية – موديز – ذلك في اخرتقرير اصدرته في  الثاني من الشهر الحالي – نيسان – جاء فيه بالحرف :"ان لهجة القتال الصادرة عن بيونغيانغ تسلط الضوء على المخاطر الجيوسياسية ، ولكنها لا تقوض الأساسات الإئتمانية لكوريا الجنوبية.
 
 
تهديدات الرئيس مسرحية    
 
 
 ترافقت تهديدات  الرئيس الطفل المستبد كيم جونغ اون-كما وصفته مجلة فورين افيرزالامريكيه -   مع جملة من الاجراءات التي امر بها  شخصيا  لايهام  العالم بانه جاد في  مسرحيته. 
 
فقد هدد العالم باعادة تشغيل مجمع يونغبيون النووي بما في ذلك محطة لتخصيب اليورانيوم، ومفاعل مهدأ بالجرافيت ، يعمل بقدرة خمسة ميجاوات ،كان قد "اوقف تشغيله وتم تعطيله" منذ  تشر ين  اول  2007 ، بموجب اتفاق تم التوصل إليه في المحادثات السداسية.
 
كما  هدد باجراء تجربة صاروخية جديدة  قبل 15 أبريل الجاري، وهو التاريخ الذي تحتفل فيه بيونغيانغ بذكرى ميلاد كيم إيل - سونغ مؤسس كوريا الديمقراطية والجد الراحل لكيم جون - أون.
 
 كما طلب من الدبلوماسيين في بلاده  مغادرتها خوفا على ارواحهم ، وغير ذلك من الاعمال المسرحية .
 
 
ممارسات مضحكه  
 
 
مما يؤكد ان كيم الحفيد لايختلف عن كيم الاب والجد في سياساته  وممارساته ، انه قام قبل يومين بجولة عسكرية على قواته في الجبهة، ممتطيا صهوة حصان ،ويرتدي ملابس مدنية ، وقد ارتسمت على  وجهه مأساة كوريا الشماليه كلها،  كما قالت وكالة الصحافة الفرنسية .  
 كما اوعز  الزعيم الشاب للاعلام الكوري الشمالي بانتاج فيلم  فيديو مفبرك  خيالي  ، يشبه  افلام العاب  الاطفال ، تضمن عمليات انزال لقوات كورية شماليه على سيئول  تم  خلالها احتجاز  150 الف  جندي امريكي كرهائن  - حسب الفيلم  الخيالي -.  
 
 سياسات  جديده قديمه  
ممايؤكد ان تهديدات الرئيس الكوري الشمالي هي مجرد مسرحية ، ان مايقوم  به  من تهديدات
 
 ليست جديده على سلالة كيم فقد رفضت كوريا الشماليه  قيام كوريا الجنوبية  وفشلت  ،  ثم  اعلنت عدم اعترافها بالحدود  البحرية مع كوريا الجنوبية  فرفض العالم  حججها ، وفشلت  قيادتها في بناء دولة حديثه تحترم حقوق الانسان  فاصبحت كوريا الشماليه  الاولى في العالم في انتهاك حقوق الانسان  ،وفي التخلف الاقتصادي ، وفي قدرة النظام على اذلال شعبه وتجويعه وحرمانه حتى من ابسط حقوقه الانسانيه وهو حقه في التعبير السلمي،  وفضلت سلالة كيم تطوير الاسلحة على تطويرالا قتصاد فدفع الشعب الشمالي ثمن هذه السياسات القديمة الجديدة .  
 
 كما اعتادت سلالة كيم على اطلاق التهديدات مع بدء كل مناوره عسكرية  كورية جنوبية  روتينية  تقام سنويا .
 
وتمادى  كيم  الاخير في  اجراءته لتوتيرالاجواء فعلقت بيونغ يانغ اتفاقية وقف اطلاق النار مع جارتها الجنوبية  للمرة السادسة  منذ عام 1994   دون ان تقابل كوريا الجنوبية الاجراء الشمالي بردة فعل مماثلة  ،ل اعلنت حرصها على الحوار  السلمي كطريق وحيد لحل اية مشكلة  تواجة  الجانبين .
 
واعلنت كوريا الشماليه انها  في حالة حرب مع  كوريا الجنوبية ،لم تعلن الجنوبية  انها في حالة حرب مع الشماليه ،لثقتها بنفسها اولا ، ولقناعتها  بان  الطريق  للحصول على مكاسب سياسية،  اومنافع اقتصاديه ، او الخروج من العزله السياسيه لكوريا الشماليه ،  هو وقف المغامرات السياسيه والعسكريه والتلاعب بامن واستقرار المنظقة   
 
  ومما يؤكد ان النظام الشمالي اسس على افتعال المشكلات  واثارتها حتى امام  حلفائه قيام  كيم سونغ الاول ، بالتدخل بسياسات  الصين  الداخليه،  التي لم يتدخل احد في العالم بها ،  حين هاجم بعنف  الثورة الثقافية في الصين ، التي اعلنها الحزب الشيوعي لتطوير كوادره وتطهيرها  من الديناصورات ،التي تحول  دون التقدم  والرقي، والتي  كانت بدء انطلاقة الصين كقوةعظمى سياسيه واقتصاديه يحترمها العالم. 
 
كما هاجمت القوات الشماليه اكثر من مرة اهدافا محدده في كوريا الجنوبية  بالمدفعية ولم تجرؤ على احتلال شبر واحد  من كوريا الجنوبية 
 
 واطلقت كوريا الشماليه عشرات التهديدات لمحو دول  بعينها عن الارض بما فيها امريكا  وكوريا الجنوبية , وكان اقصى  ماقامت  به اطلاق بضع قذائف مدفعيه على جزيرة نائيه او اغراق سفينه ، ولم  تفعل شيئا يذكر  بل محت  شعبها الذي يموت تدريجيا جراء سياساتها  .
 
 
انتصرت الديمقراطيه وهزمت الديكتاتورية  
 
 
ان ممارسات الحفيد  كيم (جونغ اون)  اليوم  ، هي ترجمة عملية لممارسات الجد الاول لهذه الاسرة مؤسس كوريا  الشمالية قبل نحو اكثر من ستين عاما ، حين  رفض كيم ايل سونغ الاحتكام  الى حق  الشعب الكوري في  الشمال والجنوب باختيار مستقبله بطريقه ديمقراطية، حين دعت الامم المتحدة  ، الى استفتاء شعبي ليقرر كل الكوريين في الشمال والجنوب مستقبلهم،  .فما كان منه الا ان  امر قواته بالهجوم  على كوريا الجنوبية لاحتلالها وضمها الى كوريا  الشماليه ، كرد على الاقتراح الاممي ، معتقدا ان  القوة العسكرية  هي البديل للديمقراطية ،  ساعيا  الى فرض سلطته على كل شبة الجزيره الكورية ، الا انه مني بفشل ذريع،  وعاد يجر اذيال الهزيمة ، بعد ان قتل واصاب وشرد الملايين  ، ثمنا لمغامرة  عسكرية فاشلة استهدفت استبدال  صناديق الانتخاب والديمقراطية بالقوة والديكتاتورية  وحكم الفرد.   
 
الا ان العكس كان صحيحا فانتصرت الديمقراطية  على الديكتاتورية، وكان  من سؤ حظ  الشعب الكوري الشمالي ان يدفع الثمن غاليا، وان تتحكم عائلة كيم  بحياته منذ ذلك الوقت وحتى اليوم. في حين قامت في جنوب شبه الجزيرة  الكورية دولة  ديمقراطية،   يختار فيها الشعب قيادته كل 4 سنوات،  ويعزلها متى اراد، اذا لم تنفذ مايريد، حتى اصبحت اليوم  من اقوى  دول العالم سياسيا وديمقراطيا  واقتصاديا،  تعتبر بكل المقاييس العالميه قمة في الديمقراطية،  وحق الشعب في ان يحكم نفسه ويختار قيادته . وهكذا  اصبحت الديمقراطية في  كوريا الجنوبية  حافزا ودافعا للبناء  والرقي ، لأن حكم الشعب للشعب وبواسطة الشعب ،هو الطريق الوحيد  للتقدم  والحضاره . فاصبحت كوريا الجنوبية  ثالث قوة اقتصاديه في شرق اسيا ، والثانية عشره عالميا، وارتفع متوسط الدخل لمواطنيها  ليصبح  من  اعلى الدخول في العالم بعد ان كان في ادناها   ، لان للديمقراطية قوة دفع  ايجابيه تفوق جميع اسلحة الدمار الشامل .
 
وبالمقابل  اصبح  غياب  الديمقراطية في نظام  الحكم في كوريا الشماليه  سببا في تخلفها  وفقرها وبؤس شعبها  وفرض  العزلة  الامميه عليها .لذا فشل قادتها  في بناء دولة حديثة  . 
 
 وتؤشر سياسات الرئيس كيم جونغ اون الحالية ، وتهديداته بحرب نووية ، انه يسيرعلى نهج " كيم الاول " التدميري، فهو يعتقد انه قادر على  ان يلوي ذراع العالم ، ورفع سقف المطالب، عله ينال اقلها،  مما يقي شعبه  من الفناء ، وخزانته الماليه من الافلاس ...جراء مغامرات عائلة كيم  العسكرية .
 
 
 وبعد 
 
 
 ان اسرة كيم  المالكه التي  تقود كوريا الشماليه منذ اكثرمن 11 عقدا من الزمن ، اصبحت  عبئا  ليس على شبه الحزيرة  الكورية ،بل العالم ،لانها  تسعى الى نشر الرعب ، والدمار، والفوضى، وحكم الفرد ،والتخلف ،والاضطهاد، وانتهاك حقوق الانسان ، ومصادرة حق الشعوب في حكم نفسها بنفسها، وتعمل على دعم الحركات الارهابية  في العالم، وتطوير اسلحة الدمار الشامل ونشرها  ، ورفض  التعاون  السلمي  معتقدة ان ذلك هو الحل ، رغم انه الطريق الوحيد  لنهايتها ونهاية ماساة الشعب الكوري الشمالي والتوتر في شبه الجزيرة الكورية . فهل يواصل العالم صمته امام  دولة  كهذه تعمل على نشر ثقافة  الحقد والقتال والارهاب والتخلف في العالم  .؟؟؟ 
 
 
 * باحث وصحفي   


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد