وقفةٌ مع المثل ( إنَّ البُغاثَ بأرضنا يَسْتَنْسِرُ )
لَطَالما سمعنا وتغَنَّيْنا بالمثل السائر : ( إنَّ البُغاثَ بأرضنا يَسْتَنْسِرُ ) إنْ وُجِدَتْ الحالةُ التي تَسْتَدْعيه ، وقد جاء ذِكْرُه في كُتُبِ الأمثال ، وتناوله البعض بالشرح والتبيان .
وأرى – حسب علمي – أن هذا المثلَ لم يُصِبْ المِحَزَّ أو المفصلَ ، وقبل أن نُدَلِّلَ على ما نقوله نريد أن نشرحه أولاً ، ومن ثَمَّتْ ن...وردُ ما برهانَ ما ذهبنا له حسب علمنا – والله أعلم –
البغاث ، قال الدميري في ( حياة الحيوان الكبرى ) ( 1 / 199 ) :
( البغاث : بفتح الباء الموحدة ، وكسرها وضمها ثلاث لغات ، وبالغين المعجمة ، طائر أغبر دون الرخمة بطيء الطيران ، وهو من شرار الطير ، ومما لا يصيد منها ، وقال يونس : من جعل البغاث واحدا فجمعه بغثان ، مثل غزال ، غزلان . ومن قال للذكر والإنثى : بغاثة ، فالجمع بغاث مثل نعامة ، نعام . وبغاث الطير شرارها ، وما لا يصيد منها ) .
فخلاصة تعريف هذا الطير ، أنه من شرار الطير ، ولا يصيد بنفسه .
أما كلمة ( يَسْتَنْسِرُ ) من ( النسر ) أي : أصبح البغاث نسرا إما من جهة الشكل أو الطباع ، فهي على غرار أمثال أخرى منها :
( استنوق الجملُ ) أي اصبح الى الناقة أقرب ، وله هذا المثلُ قصة طريفة :
كان المسيب بن علس يلقي قصيدة له وعندما وصل إلى قوله:
وَقَد أَتَنَاسَى الهمَّ عِنْدَ احتِضَارِهِ......بِنَاجٍ عَليْهِ الصَّيْعَرِيَّةُ مُكْـدِمِ
قاطعه طرفة بن العبد وقال :
( اسْتَنْوَقَ الجَمَلَ )
أي جعلت بقولك هذا الجمل ناقة ، وذلك لأن الصيعرية سمة أو علامة كانت توضع في عنق الناقة وليس الجمل .
( استتيس العنزُ ) وهو على غرار المثل الذي أنشأنا المقال له أصالة ً ، اي صارت العنزُ تيسا يُضْرَبُ للذليل يتعَزَّزُ .
فالمثلان لا اشكال في معانيها ؛ لأن الجمل عدا الناقة في الخشونة والطباع وتحمُّلِ قسوة السفر والأحمال ، وكذلك التيسُ عدا العنز في الطباع والقوة و ( المرادحة ) .
ومثلُنا : ( إنَّ البغاث بأرضِنا يَسْتَنْسِرُ ) تناوله القدماء بالتفسير منهم أبو هلال العسكري في ( جمهرة الأمثال ) ( 1 / 199 ) :
( قولهم : البغاث بأرضنا يَسْتَنْسِرُ ، يُضْرَبُ مثلاً للعزيزِ يَعزُّ به الذليلُ ، والبغاث : صغار الطير ، الواحدة : بغاثة . يَسْتَنْسِرُ : أي يصير نسراً ، فلا يُقْدَرُ على صيدِهِ ) .
وكثيرٌ من أهل العلم يُوْرِدُ هذا المثل إذا رأى خُلُوَّ الجوِ للصغار في غياب الكبار ، كما نسمع :
يا لَكِ من قُبَّرَةٍ بِمَعْمَرٍ
..... خلا لَكِ الجوُّ فبيضي واصفري .
ففي تفسير العسكري أن ( البغاث ) طائر صغير ، وهذا يختلف عن تفسير الدميري ويونس السابقين ، وكذلك جعل العسكري وجه الشبه بين البغاث والنسر هو ( عدم اصطياده ) وذلك راجعٌ للحجم والشكل الذي يمتاز به النسر .
وَلنَأتِ إلى الحديث عن طباع النسر ولن نتوسع في ذلك ، بل ما يدلل على دناءة ولآمة النسر :
النسر ليس من عتاق الطيور ولا من أحرارها
قال الجاحظ في الحيوان (1/28) : ( والطير كل سبع وبهيمة وهمج ، والسباع من الطير على ضربين : فمنها العتاق والأحرار والجوارح ، ونها البغاث : وهو كل ما عظم من الطير : سبعاً كان أم بهيمة إذل لم يكن من ذوات السلاح والمخالب المعقّفة ؛ كالنسور والرّخك والغربان ، ما أشبهها من لئام السباع ) .
وقال ( 6 / 334 ) : ( والنسر ذو منير وليس بذي مخلب ، وأنما له أظفار كأظفار الدجاج ، وليس له سلاح ، وإنما بقوة بدنه وعظمه ، وهو سبع لئيم عديم السلاح ، وليس من أحرار الطبر وعتاقها ) .
وقال ( 7 / 24 ) : ( والنسور هي المنسوبة إلى قلّة المعرفة والكيس والفطنة ) .
وقال ( 2 / 331 ) : (والرّخم والنسر سباع ، وإنما قصر بها عدم الّسلاح ، أما البدن والقوة ففوق جميع الجوارح ، ولكنها في معنى الدجاج لمكان البراثن ولعدم الخالب ) .
قال محقق كتاب الحيوان عبد السلام محمد هارون _ رحمه الله _ :
( النسر من سباع الطـيور ، وليس من جوارحها ، فهو لا يصيد إلاّ في النّدرة ولا مخالب له بل أظفار ، ولا يقوى على جمع أظفاره وحمل فريسته ؛ كما تفعل العقاب بمخالبها _ انظر معجم المعلوف (260) – والرخمة تشبهه في ذلك كما يفهم من صنيع الجاحظ ... ) .
فكما رأيتَ فإن النسر بمثابة الدجاج ، وآكِلٌ للرممِ ، ولا يصيد بنفسه ، وهو ذو براثن لا مخالب كالصقور وأنواعها ، وهو ليس من الجوارح ولا عتاقها ، .
والأجواد أن يكون المثلُ في ( الصقر ) وأن يكون الفعلُ ( يَصْتَصْقِرُ ) ، لأن الصقر من أحرار الطيور ، وهو ذو مخلب ، ويصيد بنفسه .
فالمثل عُقِدَ لِرَفْعِ خسيسة البغاث ، فإذا به يوقِعُه في خسيسة النسر ، فرَفْعُها يكون بتشبيهها بالصقر أو البازي أو الشاهين .
قال الشاعر عباس بن مرداس – رضي الله عنه - :
بُغاثُ الطيرِ أَكْثَرُها فِرَاخاً
..... وأُمُّ الصقرِ مِقْلاةٌ نَزُوْرُ
ففي البيت جاء بالمقابلة الحقيقية بين البغاث والصقر ، وان كانت المقابلة في قلة النسل .
وقال الطُّغْرائي مادحاً :
يُرَبِّيْ العِدَا أَبْنَاءَهُم لِحُسامِهِ
..... وَلِلصَّقْرِ ما أَضْحَى البُغاثُ يُفَرِّخُ .
فهذا هو الوجه الصحيح في عقد المقارنة بين البغاث والصقر ، لأن البغاث والصقر يلتقيان كثيرا في صفاتِهما المشتركة .
سرعة الجيل الخامس الفائقة من زين تصل إربد
العمل في زمن المنصات: بين الضرورة والاختيار الواعي
عطاء حكومي لتحسين كفاءة الطاقة في 9 مستشفيات
نجم ريال مدريد يكشف مفتاح الفوز بالكلاسيكو
الجهاد الإسلامي: لن نسمح باغتيالات مجانية
ترامب يرقص على السجادة الحمراء في كوالالمبور
العين الذنيبات: لا حديث حاليا عن تعديل قانون الانتخاب
فصل مبرمج للتيار الكهربائي عن مناطق في المملكة الأثنين
إنستغرام يطلق ميزة سجل المشاهدة لمقاطع الريلز
قوات الدعم السريع تسيطر على مقر الجيش السوداني في الفاشر
اتحاد المزارعين يعلن الحد الأعلى لسعر تنكة الزيت
إحالة موظف في أمانة عمان للمدعي العام .. تفاصيل
انخفاض أسعار الذهب في السوق المحلية
تذبذب أسعار زيت الزيتون رغم التحديد .. تفاصيل
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي .. تفاصيل
هذا ما سيحدث بقطاع السيارات بعد 1-11-2025
مدعوون للامتحان التنافسي والمقابلات الشخصية .. أسماء
بعد وفاته المفاجئة .. من هو نصير العمري
دمج العمل والسفر: نصائح للإنتاجية والاكتشاف
الأردن .. مملكة الصمود وضمير الإغاثة
لرحلة مثالية: دليل ذهبي قبل السفر وأثناءه وبعده
مدعوون للامتحان التنافسي والمقابلات الشخصية .. أسماء
ما هي الألوان التي تناسب بشرتي


