قول خلف الشراري : ( واستغفري يا بنت يَمَّ العشاشيق )
لقد كتبنا في وقتٍ سابقٍ عن التحذير من شعر الحداثة الذي هو غُدَدٌ سرطانية في جسد العربية وفنونها ، وهؤلاء الحداثيون لهم رواجٌ ولهم أبواقٌ تنادي - ليلَ نهار – بتمويهاتهم ، وخزعبلاتهم ، والعَجبُ العُجاب أن تجدَ كثيراً من المثقفين يلهثون وراءهم !
ونحن بحمد من الله من أنصار اللغة العربية ، ومن الناشرين لها على قدر استطاعتنا ؛ لأنها لغةُ القرآن ، والسنة ، ولغةُ موروثنا العريق من شعر وأدبٍ ، وهي رمزُنا بين الأممِ ، ورايَتُنا بين التي رفرفتْ خفَّاقةً زمناً طويلاً ، حتى ابْتُلينا بهذا العَثِيْر مما يُسَمَّى بشعر الحداثيين وغيرهم ، فلا يجوز مقارنةُ شعرنا الأصيل القائم على الأوزان الشعرية بهذا العثير الهزيل ، لأننا إنْ فعلنا ذلك يطولُنا قولُ الشاعر :
أَلَمْ تَرَ أنَّ السيفَ يَنْقُصُ قَدْرُهُ
..... إذا قيل : إنَّ السيفَ أمضى من العصى !
ولكن لا يُقارعُ هُزالُ الحداثة إلا بشعر العامَّة ، ونحن نجزم أن شعر العامة لأطربُ للقلب والروح من نِتاجِهم الغث الذي مُلِئ طلاسم ، وغموض ، ودهاليز كأنها دهاليزُ القوارض من الجرذان والفئران !
وقد طاب لي دَمْغُهم بأبيات لشاعر وفارس من قبيلة ( الشرارات ) الكلبية ، اسمُهُ خلف بن دعيجة الشراري ، وهذه الأبيات لها قصةٌ يعرفها أكثرُ المهتمين بالشعر العامي ، وخلاصتُها : أن خلف الشراري وقع أسيرا في قبيلة امرأة تُحِبُّهُ ، ولا يعرفه أحدٌ إلا هيَ ، فعرضوه عليها حتى تُخبرَ قومَها به ، إلا أنه أرادتْ أن تَستُرَ عليه ، فقالت : هذا ليس بخلف بل هذا عبدٌ وخادم ! فوقعتْ هذه الكلماتُ موقعَها من شهامة ونخوة الفارس خلف الشراري ، فكشف اللثام عن شخصيته ، وأخبرهم أنه خلف ، وليس بعبدٍ كما أخبرتْهم تلك المرأة ، فأنشأ هذه القصيدة التي اخترنا منها هذه الأبيات ؛ لتكون دليلاً على تفوق شعر العامية على خزعبلات وطلاسم الحداثة ورموزها ، قال خلف الشراري :
سِنٍّ بدالي لون سكر لا ذاب
..... وسِنٍّ بدالي لون حرف الريالي
وأبدتْ عليَّ ابْرِيْطمٍ به ذَوَاوِيْق
..... وبِمَطْرَقْ القِذْلِهْ إِسْوَاة الهلالي
واسْتَغْفِري يا بِنْت يَمَّ العَشَاشِيْق
..... عن قولتِكْ : أَسْمَر من عبيد المُوالي
أنا خلف يا بِنْت لَلّناشفات الرِّيْق
...... حَمَّايهن لو طَبْ بيهن إجْفَالي .
يصفُ خلف الشراري سِنَّ محبوبتِه ( سعدى ) السرحانية ، بالسكر ، بياضاً وطعماً ، والعرب تمدح المحبوبة ببياض الأسنان ، فهو دليل على النقاء ، والصفاء ، فالقدماء يُشَبِّهون الأسنانَ ونقاءَها بالبرد عند نزوله من السماء ، وكذلك يُشَبِّهونها بالأقحوان ، والأمثلة كثيرة جداً على ذلك ، والعربُ تَذُمُّ الصُفْرَةَ في الأسنانِ وهو ( القَلَحُ ) .
ثم يُشَبِّهها – أيضا – بِطَرَفِ الرِّيال ، وهذا الرِّيال من الفضة ، ومن الملاحظ أن خلف الشراري ذكر ( طرفَ ) الريال ؛ لأنَّ الطرفَ كثيرُ الإحتكاك بالريالات الأخرى ، وهذا الإحتكاك يجعله شديد البيض واللمعان أكثر من الوسط !
ثمَّ ينتقلُ شاعرُنا البدوي إلى أوصاف أُخرى من المحبوبة ( سُعْدى ) ، فيصف مَبْسَمها ، والمَبْسَمُ تَغَنَّتْ بملاحَتِهِ العربُ ، قال : ( إِبْرِيْطمٍ ) فقام بتصغيره ، لِيُأَكِّدَ دِقَّةَ فَمْ المحبوبة ، ولكن نساء اليوم يسعين جادَّاتٍ لِنَفْخِ ( براطيمِهِنَّ ) ، لِأنَّهُنَّ يرَيْنَ ذلك من الجمال ! فَتَجِدُ إحداهنَّ قد نفختْ مَبْسَمَها ؛ فأصبحَ كَمَشْفَرِ البعير !
وهذا الابريطم ( المبسم ) به نُقوشات من الوشم ، وهذه عادة عند البدويات للزينة ، وقد حرَّمها الإسلام كما في حديث : ( لعن اللهُ الواشمة والمُسْتَوْشمة ... ) .
ويصفُ خلفُ الشراري ( تسريحةَ ) تلك المحبوبة ، فإنَّ بعض نساء القبائل لَهُنَّ صفاتٌ تُمَيِّزُهنَّ عن نساء القبائل الأخرى ، فهذه المحبوبة تجعلُ طرفَ شعرها الذي على الجبهة تحت ( الشال ) على شكل ( هلال ) ، وهذه أيضا تسريحةٌ معروفة في نساء قبيلة ( مُزينة ) جنوب سيناء ، كما أخبرني بعض من عرفهم .
ثمَّ يطلبُ الشاعر من هذه الفتاة أن تستغفرُ ربَّها من وصفِهِ أنَّه من العبيد والموالي ، فهو فارسٌ وشاعرٌ سارتْ بشهرته الركبانُ ، ووصف الفتاة بأنها موطن ( العشق ) ، وقد جمع الشاعرُ العشقَ على ( عشاشيق ) فجاء هذا الجمعُ يختال ، ويرفلُ في جمالٍ وجرسٍ فائق ، لا تكادُ تجد ذلك في ركاكة وطلاسم المُعَقَّدين الحداثيين !
ثم يواصل خلف في إظهار شخصيته ، وصفاتها ، ومنها : أنه فارسٌ وشجاعٌ في ساعة نَشَفان وَيُبْسِ الريق ، والريق لا تُصيبُه اليُبُوْسَةُ إلا في الأمور العظيمة والشدائد المُدْلَهِمَّة ، فهو فارسُها ، وبطلُها وصنديدُها ، يَحمي ما يجبُ حمايَتُهُ إن أصابها ( إجفال ) وهو الرعب والخوف ، فهذا الرعبُ والخوفُ لا يَسْتَفِزُّهُ ولا يُزْعِجُهُ .
وفي هذه الأبيات أيضا ردٌّ على بعض الحاقدين من الجهلة على قبيلة الشرارات ، التي يصفونها بالدون ! فهذا الشاعر الفارس البطل خرج من رَحِمِ هذه القبيلة الكلبية العريقة .
مقالات الذكاء الاصطناعي … ومسدس صموئيل كولت
اختتام فعاليات مؤتمر مكافحة الطائرات المسيّرة
ولي العهد يحذر من خطورة الإجراءات الإسرائيلية الأحادية في تقويض السلام
فريق الوحدات يخسر أمام المحرق البحريني بدوري أبطال آسيا2
الرئيس السوري: اتفاق أمني مع إسرائيل ضرورة
مطلع الأسبوع المقبل .. بريطانيا تستعد للاعتراف الرسمي بدولة فلسطين
فريقا عيرا وشباب الحسين يتأهلان إلى نهائي كأس الأردن للكرة الطائرة
أورنج الأردن تدعم الابتكار الرقمي للطلبة عبر رعايتها لفعالية 'ماينكرافت' التعليمية
الأردنيّة الأولى محليًّا في تصنيف QS العالمي
إرادة تصنع المجد … قصص وطنية تلهم الأجيال
بلدية إربد تبحث حلولاً لتعثر مشروع الحسبة
الأسواق الحرة الأردنية تحقق إنجازاً إقليمياً بافتتاح السوق الحرة جدة
تعديل ساعات عمل جسر الملك حسين الشهر الحالي والقادم
نصائح لقبول تأشيرة شنغن بدون عقبات
مرحلة جديدة تدشّنها إسرائيل… عنوانها العربدة
صورة من مدرسة حكومية تكشف واقعاً مؤلماً .. شاهد
العياصرة: التوسع الاستيطاني يعبر عن حالة التوحش في إسرائيل
مشتركة في الأعيان تبحث تعزيز التنمية الثقافية
اختتام جلسة حوارية بشأن قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
اليرموك تعلن الدفعة الأولى لطلبة الدراسات العليا .. رابط
رئاسة الاتحاد الرياضي الجامعي تنتقل للشرق الأوسط
تعزيز التعاون بين هيئة الإعلام ونقابة الصحفيين
الحكومة تعلن شاغر أمين عام الأشغال العامة
استحداث تخصص التكنولوجيا المالية بالجامعة الهاشمية
اختفاء مخالفات السير .. خلل تقني مؤقت يثير فرحة المواطنين