كتاب ( غبطة الناظر ) والمطبوع بكلكته وبيان بطلان نسبته للحافظ ابن حجر العسقلاني

mainThumb

29-05-2015 06:09 PM

 إن من العجب أن تقرأ لمن حَشر أنفه في علم الأنساب دون أن يتمكن من أصوله وقواعده  وتجده ينسب بعض الأقوال لعلماء كبار في مسائل نسبية بجهل وبدون  التحقيق العلمي والذي سار عليه سلفنا من أهل النسبِ والحديث ..

 
وهذا صدقاً مما أساء للأنساب وكذلك أساء للعلماء في تقويلهم ما لم يقولوا ( ! ) .. 
 
أنتشر كتاب اسمه ( غبطة الناظر في ترجمة الشيخ عبد القادر ) منسوب  للحافظ ابن حجر العسقلاني .. يستشهد به بعض القماشين على شرف نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني وأنه من سلالة الحسن بن علي ـ رضي الله عنه ـ ونسبوا هذا القول للحافظ ابن حجر العسقلاني ( !! ) وطار به بعض من لا يملك أجنحة في علم النسبِ دون أن يسلكوا دروب العلم والتحقيق .
 
وقد جعلت رسالتي هذه كما يلي :
 
1ـ  كتاب ( غبطة الناظر ) وابن حجر العسقلاني .
 
2ـ الاعتماد على  شرف نسب عبد القادر الجيلاني من خلال هذا الكتاب جهل وقصور .
 
 
ونشرع في لُب الرسالة :
 
 
1ـ ( كتاب  غبطة الناظر  وابن حجر العسقلاني ).
 
راسلت كبار أهل التحقيق ممن لهم العناية في الكتب ـ المخطوط منها والمطبوع ـ فمنهم من استنكر هذا الكتاب أن يكون لابن حجر العسقلاني لما فيه من العجائب والغرائب ، ومنهم من بين أن هذا الكتاب ليس للحافظ ابن حجر العسقلاني وإنما اختصره ، فلا الكلام كلامه ولا الرأي رأيه إنما اختصر كتابا صُنف في الشيخ عبد القادر الجيلاني ـ رحمه الله ـ .
 
قال أحمد أبو بكرة الترباني :  والصحيح أن هذا الكتاب  غبطة الناظر في ترجمة الشيخ عبد القادر   والمطبوع بكلكته سنة 1903 ليس للحافظ ابن حجر العسقلاني ، وأن الحافظ قد هذَّبَ ولخص كتاب ( البهجة ) للشطنوفي ولكنه ليس هو المنتشر بين أيدي الناس اليوم وسنبين هذا : 
 
1ـ أن النَّفَس في هذا الكتاب ليس بنَّفَس الحافظ العسقلاني في كثير من كتبه ، ومن طالع كتب هذا الإمام الفحل المعروفة والمشهورة وطالع هذا الكتاب ( غبطة الناظر ) عرف أن هذا الكتاب ليس من تلخيصه وتهذيبه .
 
2ـ  أن الحافظ ابن الحجر العسقلاني سئل عن كتاب ( البهجة ) للشطنوفي كما في ( الجواهر والدرر ) ( 943 ) فقال : ( ولا شك أنه من ليست له بصيرة بنقد الرواة ثم قصد الإكثار ، فإنه يصير حاطب ليلٍ يجمع الغث والسمين وهو لا يدري وهذا حال جامع  البهجة  .. ) ..
 
وقد لخص ابن حجر العسقلاني كتاب ( البهجة ) وكذا ابن الملقن كما قال السخاوي في ( الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر ) (1270 ) ( جمعها أبو حفص بن الملقن من  البهجة  وكذا صاحب الترجمة  ـ أي الحافظ ابن حجر العسقلاني ـ ... ) .
 
قال أحمد أبو بكرة الترباني : وهذا يبين لنا مسألة هامة تتعلق بهذه الرسالة المنشورة اليوم ( غبطة الناظر ) المطبوعة بـ ( كلكته سنة 1903 ) أنها ليست من تلخيص الحافظ ابن حجر العسقلاني لأن الحافظ نقد جامع كتاب ( البهجة ) ووصفه بـ ( حاطب ليل ) .. والحافظ العسقلاني ناقد فإن هذَّبَ ولخص يكون تلخيصه وتهذيبه يشتمل على نقد بعض الأمور الواقعة في هذا الكتاب ( البهجة ) لأنه كما بينا آنفا أن الحافظ العسقلاني لم يقبل نقد ابن رجب على إطلاقه  كما في ( الجواهر والدرر ) ( 941 ) : (فما رأيت الأمر كما ذكره الحافظ ابن رجب على إطلاقه  ) مع موافقته وإقراره أن جامع كتاب ( البهجة ) وهو الشطنوفي  ( حاطب ليل ) .. 
 
فهل يُعقل أن يُهذب الحافظ ابن حجر العسقلاني هذا الكتاب ( البهجة ) ويُبقيه على عِلاته ؟!! ..
 
ولهذا ذهب سركيس في ( مجمعه ) ( 1/ 80 ) على أن كتاب ( غبطة الناظر في ترجمة الشيخ عبد القادر الجيلاني ) والمطبوع في ( كلكته ) منسوب وهما للحافظ ابن حجر ... قال سركيس : ( تنبيه : إن هذا الكتاب منسوب وهما إلى ابن حجر ، كلكته سنة 1903 ) .
 
وهذا هو الصواب بعينه ، ومن طالع هذا الكتاب المنشور والمطبوع سنة 1903 بكلكته يؤمن بما ذكرناه ...
 
وقد ورد اسم كتاب ابن حجر الذي لخصه بـ ( معهد المخطوطات العربية ) باسم ( مختصر غبطة الناظر في مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني ) اختصره ( الحافظ العسقلاني ) وهو مكتوب بخط مغربي رقم ( 2547 ) .
 
وهذا الكتاب ( البهجة ) للشطنوفي فيه الغرائب والعجائب وكذلك الكتاب المنشور اليوم ( غبطة الناظر ) وقد أنتقده غير واحد من أهل العلم .
 
قال ابن رجب  في ( ذيل طبقات الحنابلة ) ( 2/194 ) : ( قد جمع المقرئ أبو الحسن الشطنوفي المصري ، في أخبار الشيخ عبد القادر ومناقبه ثلاث مجلدات ، وكتب فيها الطَّم والرَّم ، وكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ، وقد رأيت بعض هذا الكتاب ولا يطيب على قلبي أن أعتمد على شيء مما فيه ، فأنقل منه إلا ما كان مشهورا معروفا من غير هذا الكتاب ... ) ..
 
 
وقد نقل اللكنوي في ( الآثار المرفوعة ) ( 1/66 ) نقد ابن الوردي وكذا الحافظ ابن حجر العسقلاني لكتاب ( البهجة ) قال اللكنوي : ( ذكر ابن الوردي في تاريخه إن في البهجة أمورا لا تصح ومبالغات في شأن الشيخ عبد القادر لا تليق إلا بالربوبية ، انتهى ـ أي كلام ابن الوردي ـ وبمثله نقل عن الشهاب ابن حجر العسقلاني ) . 
 
فكما ترى أخي القارئ أن الحافظ ابن حجر العسقلاني له نقد وكلام على كتاب ( البهجة ) ..
 
ففي هذا الكتاب ( البهجة )  أمور لا تقبلها الفطرة السليمة من المبالغات والغرائب  ..
 
 
 
2 ـ (الاعتماد على  شرف نسب عبد القادر الجيلاني من خلال هذا الكتاب جهل وقصور ) .
 
 
اعتمد بعض القماشين هذا الكتاب  غبطة الناظر  والمنسوب وهما للحافظ ابن حجر العسقلاني على شرف نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني وأن الحافظ العسقلاني قال بذلك ( ؟! ) وهذا صدقاً جهل وقصور ..
 
وسوف نناقش هؤلاء والذين قَّولوا الحافظ العسقلاني ما لم يقل ، ونتنازل جدلا أن هذا الكتاب المنتشر بين أيدي الناس أنه للحافظ ونقول :
 
1ـ أن سرد نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني إلى الحسن بن علي ـ رضي الله عنه ـ جاء نقلاً عن ( الشطنوفي ) في هذا الكتاب وليس من كلام الحافظ ابن حجر العسقلاني  ، والشطنوفي ( حاطب ليل ) كما قال ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني نفسه ..
 
2ـ أن هذا السرد ـ نسب الجيلاني ـ إلى الحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ لا يجوز نسبته للحافظ ابن حجر العسقلاني وإلا وقع في ( الكذب ) فهؤلاء القماشين يزعمون بجهلهم أن الحافظ ابن حجر العسقلاني نسبه للحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ وهذا جهل وتقويل الحافظ العسقلاني ما لم يقل ، فالكلام هو كلام الشطنوفي وهو ( حاطب ليل )  .
 
3ـ جاء في هذا الكتاب المنشور ( غبطة الناظر ) روايات لبعض الشيوخ ينسبون فيه الشيخ عبد القادر الجيلاني لـ ( العجم ) فقد جاء في ( غبطة الناظر ) ( ص 23 ) : ( ومن طريق النجيب السهروردي قال : كنت مع الشيخ حماد الدباس فسمعته يقول : لهذا العجمي ـ أي الشيخ عبد القادر الجيلاني ـ قدم يعلو في وقته على رقاب كل ولي لله تعالى ، ثم يزيد عن أربعين شيخا أنهم قالوا مثل ذلك ...) .
 
ففي نفس هذا الكتاب روايات لبعض الشيوخ على أنه ( عجمي ) وهو المشهور عند كبار أهل النسب ، فالشيخ عبد القادر الجيلاني ( كردي الأصل ) ليس بعربي ، وأما من نسبه للحسن بن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ فليسوا من أهل النسب المحققين ولا يؤخذ بكلامهم طالما أن أرباب النسبِ  بينوا أنه من العجم صليبة .. 
 
ثم لقد سمعت من بعض لقطاء علم النسبِ أنهم قَّعدوا قواعد لم يسمع بها علماء النسب ، كقولهم : ( أن علماء النسب من الروافض ، نأخذ بما أثبتوه ولا ننفي ما نفوه ) ( ؟!! ) وهذه قاعدة صدقاً يشيب لها الغراب من غرابتها وجهل قائليها ..
 
فكيف يأخذوا بما أثبتوه طالما لا يأخذوا بما نفوه ؟!! هذا تناقض فاحش .. ثم أن أهل النسب من الروافض والذين عُرفوا بالتمكن والدراية في علم الأنساب يؤخذ منهم ما نفوه وما أثبتوه ..
 
فعلم النسب يؤخذ من ( الكافر و المبتدع ) إذا كان صاحب دراية وتمكن ، فهذا ( ابن الكلبي ) وهو رافضي ومن أئمة علماء الأنساب قد أخذ بكلامه في الأنساب  علماء الحديث .. 
 
فلم نسمع أحد قال : ( نأخذ من ابن الكلبي ما يثبته ولا ننفي ما نفاه ) ( ؟؟! ) هذا تعطيل واسع لعلم الأنساب ..
 
 
فعلم الأنساب يؤخذ من ( الكافر والمبتدع ) بشرط أن يكون عالماً في الأنساب صاحب دراية وتمكن ..
 
والذين اختلقوا هذه القاعدة الغريبة والتي لم يسمع بها الأولين ؛ اختلقوها لما رأوا بعض كبار علماء النسب من الروافض ومن أهل الدراية في الأنساب نفوا نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني إلى آل البيت ... ولا يعلم هؤلاء القماشين أن هناك من كبار علماء الأنساب من أهل السنة أبطلوا نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني وبينوا أنه من ( العجم ) صليبة .. 
 
وأيضا قد قَّوَل هؤلاء القماشين الحافظ الذهبي وزعموا أنه نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني للحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ كما قَّوَلوا الحافظ العسقلاني ما لم يقل ، وسنبين زعارتهم وجهلهم في رسالة سنخرجها قريبا في بيان نسب الشيخ الإمام عبد القادر الجيلاني وأنه من العجم ولا يمت بصلة للعرب ناهيك أن يكون من سلالة الحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ . 
 
وكتبه :
أحمد بن سليمان بن صباح أبو بكرة الترباني 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد