ما حجة المتعاطفين مع داعش؟ - زينب غاصب

mainThumb

01-08-2015 09:09 PM

عندما قال الكاتب قينان الغامدي في إحدى تغريداته: «في بيت كل منا داعشي»، وهو كان يقصد المتعاطفين مع هذا التنظيم، قامت الدنيا عليه ولم تقعد، ولم يسلم من الهجوم عليه، شتماً، وقذفاً، وتحريضاً.
 
وجاءت حلقة مسلسل سيلفي التي جسد فيها ناصر القصبي الأب الذي قتله ابنه الداعشي لتثير المتعاطفين من جديد في ثورتهم على الحلقة، واتهامهم للمسلسل بالتضخيم والكذب، حتى جاءت الحقيقة على يد الفتى الذي قتل والده في خميس مشيط، واتضح أنه يعمل لتنظيم داعش، ثم الفتى الذي قتل خاله في الرياض بفكر «داعش»، وتحريضه، في حادثتين متقاربتين زمنياً، مع مطلع هذا الشهر فما حجة المتعاطفين المدافعين عن «داعش»؟
 
لم تعد القضية مسألة وهمية، أو اتهامية، بقدر ما هي مسألة واقعية خطيرة، بدأت تتغلغل في عقول الشباب؛ بسبب عوامل تربوية، وسلوكية، وإهمال في تنقية الفكر، وتوعيته منذ الصغر، ولا ننكر أن الكثير من العوامل كانت ظاهرة لدينا، سواء في المخيمات الصيفية، أم التجمعات الوعظية، والعبارات التحريضية الواضحة أمام الأعين بأصحابها الذين يجاهرون بها ليلاً نهاراً، وما من رادع لهم، حتى تمادوا في كثرتها؛ لأنهم لم يجدوا ذلك العقاب الذي يُلجم أفواههم الملغومة بسمّ التحريض، فلا عجب إذاً أن تعلن وزارة الداخلية بعد هاتين الحادثتين عن الإطاحة بخلايا داعشية بلغ عدد أفرادها 431 إرهابياً، كانت تخطط لتفجير منشآت، ومساجد، وسفارات، واغتيال شخصيات من رجال الأمن، وهي المسؤولة عن تفجير الدالوة في منطقة الأحساء، ومسجد القديح بالدمام في حادثتين سابقتين، هزت السعوديين ضد الإرهاب سنّة وشيعة، ومعظم أفراد الخلية من السعوديين وتدار من «داعش» في الخارج، ولولا يقظة الأمن السعودي واستباقه في الكشف عنها، فالله وحده العالم كم كانت ستكون الخسائر في الأرواح والمنشآت، وكيف ستكون حالنا بعدها بعد أن تراق كل هذه الدماء؟ لم يأت «داعش»، من فراغ فهي وليدة الأحزاب الدموية، ووليدة الأفكار المتطرفة، ووليدة الحلم الأممي في الخلافة والسلطة، والحكم، وكأن الخلافة الإسلامية خرجت من رحم الدماء، ولم تخرج من رحم الشورى في زمن اختلفت ظروفه عن ذلك الزمن الذي يحتاج إليه وجودها، ولن يألوَ الحالمون في الركض خلف هذا الحلم البائد حتى يجتث فكرهم من على سطح الأرض التي خُلقت للحياة، وسيبقى هذا الفكر مادام المروجون له ينعقون بعباراتهم التحريضية كالغربان، خصوصاً بعد كشف وزارة الداخلية عن آلاف الحسابات التي تدار من داخل المملكة وخارجها؛ للتحريض والفتنة، وتصيُّد الشباب والجهلاء، مع المتمشيخين الذين دأبوا على الترويج لبضاعتهم السياسية بأثواب الدين، وتلميعه بالزيف، لخدمة أهدافهم المشبوهة.
 
لم يعد في الأمر متسع، لتهدر الأرواح، وإذا كانت الجهود الأمنية سباقة في مطاردة الإرهاب، وخلاياه، وأعوانه، فنحن بحاجة إلى حملات دائمة في محاربة الفكر، عن طريق إبعاد كل من يثبت تعاطفه معه، وليكن عن طريق تبليغ التلاميذ بعد توعيتهم عن هؤلاء في المدارس، والجامعات، ولنفتح المنابر للثقافة التي تحترم الحياة والحب، ونشره بين أفراد المجتمع على اختلاف مذاهبهم، ولنمنع فتاوى التحريم في كل أمر مباح مختلف عليه، ولنستغل الإعلام المفتوح للشباب عن طريق تنويرهم بعدم الانجرار خلف كل واعظ ومفتٍ، رصيده الاستهتار بشرع الله الواضح وتغييره، وتشويهه لمصلحته الشخصية، فإذا قيل لك جاهد قل اذهب أنت وأولادك، واترك قصورك، ورفاهيتك، ومنابرك، فأنت الأولى بتطبيق دعوتك، ودعني أجاهد بتعمير وطني، فالعمل عبادة ومجاهدة النفس في ردع الشرّ الذي تدعونني إليه جهاد.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد