خطوةٌ صحيحةٌ تكتملُ بحلِّ الميليشيّات - عدنان حسين

mainThumb

28-07-2016 09:31 AM

"الحشد الشعبي" يتحوّل إلى "تشكيل عسكريّ مستقل" مرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة على غرار جهاز مكافحة الإرهاب. هل هذا أمر حَسَن؟.. بالتأكيد نعم، فمن أسوأ الأمور أن تكون هناك قوى مسلحة خارج سلطة الدولة، تعمل لحساب قادتها أو أحزابها، وحتى لجهات توجد خارج الحدود.
 
 
 
للتو كُشِفَ عن أمر ديوانيّ لرئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة صادر قبل خمسة أشهر يقضي بجعل الحشد "تشكيلاً عسكرياً مستقلاً وجزءاً من القوات المسلحة العراقية ويرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة"، ويعمل بنموذج يضاهي جهاز مكافحة الإرهاب الحالي من حيث التنظيم والارتباط، ويخضع ومنتسبوه للقوانين العسكرية النافذة من جميع النواحي.
 
 
 
لكنَّ السؤال المهم هو: ماذا عن علاقة الجسم الأساس من هذا الحشد بالميليشيات والأحزاب السياسية التي لها أذرع عسكرية مجهّزة بأحسن التجهيزات الحربية وممولة من مصادر غير مفصوح عنها، على نحو يضاهي تمويل القوات المسلحة الحكومية؟ الأمر الديواني يقول " يتم فكّ ارتباط منتسبي هيئة الحشد الشعبي الذين ينضمّون لهذا التشكيل عن الأطر السياسية والحزبية والاجتماعية كافة ولا يُسمح بالعمل السياسي في صفوفه".
 
 
 
هذا جيّد، لكن كيف يتمّ هذا؟ وكيف يُضمَنُ تحقيقه؟
معلوم أن الذين التحقوا بالحشد الشعبي صنفان: الصنف الأول هم المتطوعون الذين استجابوا لفتوى المرجعية الدينية العليا في النجف بـ "الجهاد الكفائي"، بعدما احتلّ داعش ثلث مساحة البلاد في حزيران 2014، نتيجة لتقصير الحكومة السابقة وانتهاجها سياسات خاطئة في المجالات كافة. والتحق بهؤلاء في ما بعد الكثير من الشباب العاطلين عن العمل الذين وجدوا في تبنّي الدولة للحشد الشعبي وصرف رواتب لعناصره فرصة للعمل بعد طول تعطّل. أما الصنف الثاني فهم عناصر الميليشيات التي كانت قائمة وتزايدَ عددها في عهد الحكومة السابقة بتشجيع منها، وهي في الغالب ميليشيات شيعية، فيما تشكّل البعض الآخر بعد فترة من احتلال داعش، وهذه في معظمها ميليشيات سنيّة. وهذه الميليشيات كلها تقريباً جرى تمويلها وتسليحها في عمليات من وراء ظهر الدولة، بل إنّ معظم الأسلحة والأموال جاء من دول مجاورة.
 
 
 
ما لم يكن الهدف منها إضفاء الشرعية على الميليشيات، فإن الخطوة الحكومية الأخيرة ضرورية للغاية، فقد تسبّب تعدّد مراكز القرار في تشكيلات الحشد الشعبي في مشاكل كبيرة مع سكان المناطق المحرّرة ومع القوات العسكرية النظامية. وعلى الدوام كان ثمة خوف من أنّ بقاء الجسم الأساس للحشد الشعبي على علاقة بالميليشيات والأحزاب سيؤدي، بعد دحر داعش وتحرير المناطق المحتلة، إلى نشوب نزاعات مسلّحة في ما بين هذه الميليشيات والأحزاب على خلفيّة الدور السياسي الذي تطمع فيه قياداتها.
 
 
 
ضمّ الحشد الشعبي، شيعياً كان أم سنيّاً، إلى مؤسسة الدولة العسكرية ينزع فتيل حرب أهليّة مدمّرة مُحتملة، لكن يتعيّن أن تتخذ الدولة كلّ الإجراءات اللازمة لقطع علاقة عناصر الحشد بالميليشيات والأحزاب التي جاءت منها، وللالتزام بقواعد وضوابط العمل الخاصة بمؤسسة الدولة العسكريّة.
 
 
 
ومن اللازم أيضاً أن تكتمل هذه الخطوة بخطوة مهمّة تالية، هي حلّ الميليشيات وتحريم عملها على وفق ما قضت به أحكام الدستور الدائم.
 
 
 
 
نقلاً عن المدى


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد