كوكي  وداعش - أمينة خيري

mainThumb

23-08-2016 09:33 AM

 الدراسات تجمع على أن تعرض الصغار لمشاهد العنف التي يبثها التلفزيون تؤهلهم لأن يكونوا بالغين عدوانيين وأكثر استساغة وتقبلاً للعنف الجسدي. معظم هذه الدراسات تجرى في دول غربية، حيث ضبط وربط بنوع وحجم المشاهد التي يجري عرضها على الشاشات في الأوقات المعروفة بنسب المشاهدة المرتفعة بين الصغار، وحيث تخضع الأفلام والبرامج لتصنيف عمري للمشاهدة، وحيث يخضع غالبية الصغار لما يعرف بـ «ساعات النوم والاستيقاظ».

 

 

 

هذه الدراسات تشير في معظمها إلى مشاهد العنف الدرامي، حيث أفلام الحركة والإثارة، أو الأفلام الوثائقية التي تتناول الحروب أو حرب العصابات أو مواجهات المجرمين مع الشرطة.
 
 
 
دراسات لم تدمج العنصر الداعشي الفعال في تغذية مشاهد العنف على الشاشات، وهي المشاهد التي تفوقت على فان دام، وسحقت سيلفستر ستالون، وأنهت أسطورة شوارزينغر. فهي لم تدرس آثار هذا النوع الجديد الفريد الغريب من العنف على الصغار بعد. ربما لأن مقاطع الذبح والقتل والسحل والسبي لا تعرض كاملة على الشاشات هناك اتباعاً لقواعد العمل الإعلامي، وربما أيضاً بحكم عدم انغماس هذه المجتمعات كلياً في الفكر الداعشي. ويبقى أبناء المنطقة العربية المحتضنة لداعش وأخواته ممن يملأون الأثير بأخبارهم وتحركاتهم ونشاطاتهم اليومية، وكذلك سبل مواجهتهم عبر حشود شعبية أو جيوش وطنية أو مجموعات قتالية، ما يجعل المحصلة النهائية على الشاشات العربية بالغة الدموية.
 
 
 
هذه الدموية الملطخة للنسبة الأكبر من الشاشات التي إن خلت من عرض مقصود لمقطع فيديو صادر عن الذراع الإعلامية لداعش، فهي لا تخلو من نشرة إخبارية تعرض الحصيلة اليومية لأفعالهم وردود فعلهم. وإن خلت من هذا وذاك، فلن تخلو من فقرة حوار تناقش مصيرهم ومصير الأمة العربية على خلفية مشاهد مصورة معبأة بالدماء والعنف البادي على الوجوه المكشوفة أو المستتر خلف الأقنعة السوداء أو المرفوع بالأسلحة الآلية.
 
 
 
مشهد «المقاتل» المشهر سلاحه الفتاك الخفيف باتت الصورة الذهنية الحاضرة في أذهان الجميع، كباراً وصغاراً من سكان المنطقة العربية.
 
 
 
والنتيجة أن هذا الكم الهائل من الدماء والعنف اللذين كانا يجدان حتى الأمس القريب من يشجب بثهما، أو يقترح تأجيل مناقشتهما إلى وقت متأخر من الليل لعل الأطفال يكونون قد آووا إلى فراشهم، باتا اليوم شيئاً عادياً. فلا الدماء أصبحت ترسم نظرة الهلع على وجه نسائي هنا، ولا التفجير بات يستدعي تغيير القناة، ولا وثائقي تدريب أطفال الدواعش على الذبح يهز شعرة في المشاهد. حتى الصغار توقفوا عن أسئلتهم الطفولية البريئة. فلا «كوكي» يسأل لماذا يكره هذا ذاك. ولا «توتي» تستفسر عن أسباب سبي هؤلاء لأولئك.
 
 
 
علاقة الصغار بالشاشات لم تعد تحتاج دراسة أو مسحاً. هي في حاجة إلى علاج وتأهيل.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد