شبابنا المُختطف - عالية شعيب

mainThumb

28-08-2016 09:29 AM

تفاعل الكثيرون مع محتوى مقالي السابق وكيفية تأثير النت السلبي على صغار السن، سواء أطفال أو شباب. كتبت لي احدى الأمهات تخبرني كيف أن ابنها رسب هذا العام بسبب هوسه الشديد بالنت والتصاقه بجهاز الكمبيوتر أو الموبايل ليلا ونهارا. والسهر حتى ساعات الفجر الأولى ثم الذهاب للامتحان من دون استعداد أو دراسة. وحين قررت فعل شيء ايجابي واتخاذ قرار حاسم في شأن ذلك، أخذت منه الأجهزة، فترك البيت ولم يعد يتصل بها ولا تعرف عنه شيئا، ما يعني أن تدخل أولياء الأمور المتأخر لإيقاف التعلق الشديد بالنت لا يؤتي ثماره بل يأتي بخيبة مضاعفة، لأن الفأس وقعت بالرأس كما يقال.
 
 
 
وأصبح من المستحيل منع الشاب من التواصل مع رفاقه أو ارسال صور وشات بالمواقع وغيرها. لقد أصبحت روحه هناك. جسده في البيت فقط، لكن عقله وقلبه وروحه هناك... بالنت، معلقة برفاقه الوهميين الذين لم يلتقِهم قط، وربما لن يعرفهم. لكنهم عالمه وغده الذي ينتظره. انهم من ينعشون فيه الأمل بغد جميل ومن يبثون فيه الايجابية وإن كانت وهمية.
 
 
 
هل صحيح اذا أن نقول إن شبابنا مختطف بواسطة أوهام صداقات ومعارف النت ووسائل التواصل. شبابهم، أحلامهم، قيمة وأهداف حياتهم. بكل الزيف الذي تنطوي عليه هذه المواقع من انتحال شخصيات، من سرقات واقتباسات من تقليد أعمى وتبني سلوكيات. وفي ظل غياب سلطة ورقابة الأهل، نجد أن وسائل التواصل هي المربي لهم والملقّن والمعلم السيئ المضلل. ولذلك خرج علينا جيل الكسالى المترفين المدللين سيئي اللسان والسلوك، الاتكاليين غير المدبرين لحياتهم، فارغي العقل والثقافة. في ظل غياب الأهل وترهل النظام التعليمي، أصبح النت هو المعلم، ومواقع التواصل هي المدرسة، فعلى شبابنا السلام، على أخلاقياتهم وعقولهم وابداعهم السلام.
 
 
 
وأخيرا، وثق أحد الشباب تجربته الشيقة بالعيش أسبوعا كاملا من دون موبايل ونت وأي مشاركة في مواقع تواصل، وكيف عانى فراق اصحابه في المرحلة الأولى وشعر بوحدة شديدة، ثم استبدلهم بعائلته الحقيقية وأصحابه الفعليين الذين ملأ فراغ عاطفته ووحشة أيامه بهم في المرحلة الثانية، ثم ذهب لزيارة أعمامه وجدته وغيرهم. ومارس هواياته وكل الأمور التي كان يحبها وهجرها بسبب النت. عاد انساناً طبيعياً. وبعد مرور أسبوع لم يعد بحاجة اليهم، لكنه عاد للمواقع، بحدود وشروط جديدة تحقق له توازن أوهام النت وحقيقة الواقع.
 
 
 
* نقلا عن "الراي"
 
 
 
** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد