بوح الحنين

mainThumb

17-11-2016 08:19 AM

 في غَمراتِ الحَنينِ  نحتاجُ فقط الى لقاءً ، لقاءٌ من نوعٍ آخر  ، لقاءُ الأمسِ ليُصافحَ الحاضَرَ ، نحتاجُ الى جلسةِ مصارحةٍ هادئةٍ ليتحاورَ الذاتِ مع الذاتِ ،  ونحاولُ انْ نتجنبَ المُجاملاتِ وكبرياءِ الصمت ُ.

 
فَالنتخيلْ سوياً أنْ اللقاءَ تمْ وجلسنا معاً وَتجَاهَلْنَا مآ فاتنا من أوقاتٍ مرتْ بسرعةٍ ونَحنُ لا ندري كَيفَ مرتْ ، واقتربتْ من ألمِنا المسافاتُ ، نُعاتبُ بعضُنا بلطف وَكُلنا حرصْ نُريدُ انْ يَكونَ لِقائُنا هذا  هو الأحلى هو الأجملُ من كُلِ اللقاءات  ، لِقاءُ المعُاتبِ لِمُعاتبهِ ومِن فِراقهِ يخُشى ،  نقترب نحوَ بعضُنا ، لِيبداَ السّلام وأخيراً وَجدنَا في أفواهِنا الكلامَ يُفضْفضُ لِوحده ، نَلتمسُ مِنْ وِجودِنا نَحنُ الاثنين مَشاعرَ الحنين المُتبادلِ على ضِفافِ ما تَبقى لنا مِنَ العُمرِ والامنياتِ.
 
أهلاً بالسنين الشباب أهلاً يا أجملَ ايامِ  وسنينَ عُمري وَقدْ رَحَلتي مني وَأخذْتي مَعكِ شَقَاوتي وَقُوتي ، فأينَ انتِ مني الآن ؟؟ 
وَكانتْ هَذهِ البِداية ،، بِدايةَ الحِوار يُخاطِبُ الحَاضِرَ ماضيهِ  ،يَآ ماضيَ الحَبيب كُنْ لي قَريبِ، ولا تَكُن في نَظَراتي غَريبَ، رُبَمَا الظرُوفُ قَدْ قَست ْ وَكُلِ طُموحَنا قَدْ خَيبتها كُلُ شَيءٍ عَجيبً ، هَذا مَا بَقيَ مِنْ أُمنياتٍ وَأنا أرتَجفُ قُوايَ الآن ، وَقَدْ أمتَلئَ رَأسي بالشّيبِ وَظهرتْ فيهِ عَلاماتُ الشّقاءِ ، فَأصْبحَتُ صَاحبِ المَلامحِ المُتغيرةِ و وجهي المُتَجعِدِ ، وَفي قَلبي حُزنا يُخْفيهِ.
 
وَفي المُقابل يُحادثني إنسانْ بَالغُ الجمالِ المُبْتَسِم المُرهُف وَالواثِق والعاشِق والمُتابع تَفاصيلَ أيِامهِ بِكُلِ إهتِمام ، المُنطَلِقُ والمُغامِر الذي لا يَهدأ بالأفكار و المُتكبِر الذي كَمْ وعَدَ نَفسهِ مِراراً بأن يَتغّيرَ وبِصفاتهِ السّيئةِ أنْ يَتحَررَ وَلمْ يُصّدقَ فيِ وَعدهِ . 
 
وَيَبدأ الحَاضِرَ بِسرد مَاضيهِ مُعلِناً الأشتياق كَأنَهُ المُحب يَنتَظرَ مِنْ مَعشوقتهِ التي يُشّبهها بالسِنينِ  لِيلفُتَ إنتبُاهُها ليَنبُضَ قَلبهِ بِنَبض الأرتِياح والفرحِ ،
 ويسأل مرّة أُخرى أينَ انتَ ؟؟  يَآمَنْ عِشّتُ فيكِ أيامي ؟؟  يا أحبابي يا أصْدقائي يا طَفوَلتي يا شَقَاوتي أينَ مَدرستي أينَ مُغامَراتي أينَ جَهلي ، ابحَثُ عَنكِ في نَفسي و وَجدتُها فيكِ ، في عَيني رَأيتَهم حَقيقة لكنْ على ما يَبدو كأن الحقيقةَ هي السّرابُ ، أمْ العَتبْ على النَظر قَد خَانني
 
ويَضحكَ ذاكَ المُشاكس ، وفي ضَحكتهِ أكبرَ إستفزاز لِكُلِ شُعورً في دَاخلي ، وفي ضَحكَتهِ غُرور مِنْ وَرائِها ماضي يَخجلْ بِكلماتهِ كُلِ تَبرير ،وقال لي أيُها المُسن ُكُنا سَوّيا في الأمس فَكبِرنا معاً  فأنا أنتَ وأنتَ انا والماضي لا بُدَ أنْ يهجُرَ الحَاضر وبَعضَ الهَجرِ لا يعود ، وانا المَاضي هَجرتُك وللأسف لنْ أعود ، حتى البومَ الصّور والأشياء القديمه التي تَحتفظُ بِها هيَ عِبارة عَنْ حَديثي لكَ في اوقاتك التي لا تجعُلكَ تتكلّمْ ، وقَدْ تَرى صِفاتي بأبنائِك أنا شَبابُك ، إنتبه زَمنْهَم ليسَ زَمَنُكَ و يا مَنْ زَرعّتَ في حَقُلكَ الورود ، اقطفُها الآن فذكرياتُ الجميلةُ حَياة ، وبعضُ الذِكرياتِ خانتَها ذاكرتي 
أيُها الحَاضرُ هَذهِ حَياتُك لا تَنْدهشّ مِنْ ماضيك فَكلهُ صُنعَ يَديك ، الغُرور يَذهب والجمالُ يَذهب والضّحكةُ تَذهب والعافيةُ ايضاً تَذهب ، و الورد لا يَدوم فهُناكَ خَريف وخَريفَ العُمرِ لابدَ أنْ يأتي . 
 
 أُيها الشّاب إبني صَرحاً مِنْ ذكرياتُكَ الجميلة وانحت مِنْ أفعالكَ لوحة تَليقُ في زمن الكِبر ، وأجعل صفحات كتابك ماضي مُشّرف ليُحدّثَ عَنّهُ أحفادُكَ ، العُمرَ شّمعة في جَمْالِها تُضيءُ في شَبابُكَ ويَخفُ نُورَها في آخرِ العُمرِ  لأنْ ظَلامُ الليَالي كَثيرة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد