صراع الأخوة الأيتام - عماد يوسف

mainThumb

24-06-2017 04:21 PM

على الأيتام أن يتضامنوا لا أن يتقاتلوا، ويشب بينهم الخلاف والصراع على ما لم يحصدوه ؛ فلا أحد يحنوا عليهم سوى راعيهم الطبيعي ولا دور للوكلاء على تركتهم سوى تفكيكها وتقسيمها وأخذ النصيب الأكبر منها .
وإن لم نكن نعتبر من أحداث التاريخ فعالم الحيوان والطيور يمنحنا كل يوم أمثلة حية على التعرف إلى نواميس الحياة الطبيعية التي أودعها الله في الكون .
 
ومثالنا اليوم دجاجتنا الحاضنة لعشرٍ من صيصانها، والتي ربتهم بكد وتعب إلى أن جاءها الأجل المبين ، هكذا دون سابقة إنذار، ماتت وتركت أيتامها في عرض حياةٍ مضطربة ؛ السيء في الأمر أن الخلاف شب بين صوصتين منذ أول يوم وتقاتلتا قتالاً عنيفًا، وكأنهما لم يفقسا من بيضتين متجاورتين ولم يتم بينهم تآلف وجري ومشاركة لأيام كانت لهم آصرة أخوة تليدة، إلى أن شابا ونما عودهما.
 
يخال للرائي أن صراعهما صراع أعداء، وقتال خصوم أشداء، وكره أزلي، ومنازعات   على الحدود البربة والبحرية ونزال في الجو وعلى الجزر والتجارة والنفط ؛ غاب عنه بأنهما أيتام لا يعرفان مصيرهما وما رسم لهم المستقبل المجهول، لقد أغلقا آذانهما عن أي باردة، وأوصدا كل سبيل يفضي بهم إلى الصلح ؛ رغم تدخلنا نحن أفراد العائله المالكة، حقاً لم نألوا جهداً إلا وقمنا به، لإيقاف هذا العراك إنما عبث!
 
راحت جهودنا سدىً دون أن نقدر على تأمين منطقة آمنة، أو أي شيء يبعد عنهما هذا الخلاف العتيد المتجذر..
 
أتذكر قبل أيام حين ماتت إحدى الفراخ الشقيقات وأنا أسمع بحة أمها وهرع الصيصان حولها وصياحها وكأنها أدركت أن حدثاً عظيمًا حدث لهم وأنهم فقدوا عزيزاً عليهم ؛ لقد وجدت في تكاتفهم وتراحمهم بوجود أمهم عالماً بشرياً إنسانياً وكأني بدموعهم جميعاً تنزف على هذا الفقد ؛ فما بالكم بهذا اليوم وقد فقدوا الأم الحاضنة ـ وعليه يستوجب أن يكونوا أكثر تعاضداً، وأجل التفافاً، لا أن يدب بينهم التناوش، ويحل الخلاف!!
 
ما أشبه حال هذه الفراخ بحالنا نحن الكرد من حيث اليتم والصراع المستديمين , ما أشبه حال هذه الصيصان بنا نحن الكورد للمرة الثانية , والعداء أزلي لا مجال لبادرة صلح، أو بصيص تكاتف , فمن بعد سنوات تشاركنا فيه خبز البؤس والظلم من قبل الدول الغاصبة لكردستان وخيراتها , ها هم يتحكمون في مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية لضربهم ببعضهم وبث روح الخلافات بينهم , ومع أول بقعة أمل للخلاص من قبضة المحتل وممارساته حتى رأيناه يضرم نار الحقد والخلاف بيننا ,بل كثيراً ما تجاوزت ممارساتنا التعسفية على بعضنا ما كان يفعله العدو نفسه من قتل ونفي واعتقال وتهجير وتجنيد وتفقير .
 
 
إلى متى سنظل نتعارك، ودوننا عدو يتربص بل يسعد بما يتم بيننا من حروب؟
هل من سبيل وهذا النزاع أخذ منا كل مأخذ؟
هل من التفاتة إلى الوراء وما تم فيه من ويلاتٍ مازلنا نستبقيها ؟
هل من أوبة إلى جادة الصواب ونترك الشقاق، ونفكر بدرب يوصلنا إلى درب الخلاص؟!
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد