مسيرة يوم الأرض قراءات واستنتاجات

mainThumb

31-03-2018 01:25 PM

يثبت الشعب الفلسطيني يوما بعد يوم بالرغم من كل الممارسات اللاأخلاقية الصهيونية تشبثه بأرضه، قولا وفعلا، ولما يزل يقدم الشهداء تلو الشهداء الذين ترتقي أرواحهم إلى بارئها عنوانا لإيمانهم بأرضهم ووجودهم وأن فلسطين لا بد أن تعود لأصحابها الذين هجروا منها قسرا وظلما منذ عشرات السنين، نتيجة احتلال صهيوني غاصب تسانده القوى التي تأبى أن يجتمع شمل خير أمة أخرجت للناس من محيطها إلى خليجها، فعملت على زرع الكيان الصهيوني الغاصب في قلب الأمة العربية في همزة الوصل العربية الأسيوية الإفريقية فلسطين، وتبنته، ورفدته بأسباب القوة والمنعة سياسيا وعسكريا واقتصاديا لمعرفتها بأن وجود هذه الأمة في وحدتها لا في فرقتها وفي اجتماع كلمتها لا في تشرذمها.
 
لقد عبر الشعب الفلسطيني في غزة في مسيرة يوم الأرض ورغم الآلة الإعلامية الضخمة التي تمتلكها الدولة الصهيونية وصورت الفلسطينيين في غزة وغزة نفسها، بأنهم شعب إرهابي، وأرض بواطنها لا تضم إلا الأسلحة والمتفجرات والأنفاق العسكرية قدرته على التوحد بمختلف فصائله والتظاهر سلميا متشبثين بحقهم في العودة إلى وطنهم الذين انتزع منهم غصبا وعنوة.
 
والحقيقة الأبرز التي لا بد من التركيز عليها الرعب الذي يسري في الدولة المغتصبة على المستويين الرسمي والشعبي من أن تعلق الشعب الفلسطيني بأرضه وتجديده لعهده بالعودة إلى أرضه السليبة في كل فرصة سانحة له ثابتان لا يتزعزعان بالرغم من كل الممارسات الصهيونية وتوجيه سلاح الغدر والجبن والخوف والرعب نحو العزل الذين أرادوا التعبير بصبرهم وعنفوانهم ومسيرتهم عن حق حفظته لهم كل الأعراف والقوانين الدولية.
 
ولا يظن من تبنى هذه الدولة الغاصبة وساندها ودافع عنها ووفر لها أسباب المنعة والقوةأن الشعب الفلسطيني سينسى وطنه ويستسلم لواقع أمره وسيتخلى عن أرضه وحقوقه فيها، بل إنه سيبقى يقاوم حتى إقامة دولته هناك لينعم كغيره من باقي شعوب الأرض بالسلام ورغد العيش على أرض الوطن، وهي حقائق لا بد أن يفهمها ويدركها أصحاب النفوذ في هذا العالم، الذين يحاولون بكل السبل والوسائل قتل القضية الفلسطينية وتصفيتها، بدعمهم اللامحدود للغاصب الذي جاءت عناصره شرذمة قليلون من كافة بقاع الأرض، ليقيموا في أرض فلسطين المباركة على حساب شعبها الذي يتعرض لأقسى أنواع الممارسات الصهيونية، في الشارع وفي السجن وفي المدرسة وفي السوق وفي المزارع والجبال والسهول، لا بل حتى في مسيرة سلمية لم تتجاوز أن يعبر فيها عن حبه لوطنه وأرضه، والأخير منها، إطلاق النار في مسيرة العودة على المشاركين في المسيرة الذي عبروا بتظاهرهم السلمي عن حقهم في أرضهم وحنينهم إليها ما ارتقى بالعديد من أرواح الشهداء إلى السماء، ومئات الجرحى من العزل الذين سطروا أروع مشاعر الحب لوطنهم وأرضهم، بسلاح غادر مجرد من كل القيم الإنسانية، مما يثبت مرة أخرى همجية القوة المحتلة وتصرفاتها اللاأخلاقية التي يتعين على المجتمع الدولي وضع حد لها وتمكين الشعب الفلسطيني من تأسيس دولته المستقلة على أرضه طال الزمان أم قصر. إذن هي رسالة واضحة معالمها وغاياتها للمجتمع الدولي بأنه هذا الشعب باق في أرضه رغم كل الأعمال العدوانية السافرة التي تعمل على تهجيره منها، وزيادة الاستيطان فيها.
 
مرة أخرى، ومن بين مرات كثيرة لا تحصى، ورغم كل الصعاب، والأزمات، والنكسات، يبرهن الشعب الفلسطيني على قدرته على التحدي والصمود على ما تبقى من أرضه بغية تحقيق حلمه الذي يصبو إليه، وتحريك ضمير المجتمع الدولي نحو مأساة إنسانية قل نظيرها، لشعب يستمد صبره من عزيمته لتحقيق رؤيته، ويبحث عن فرص خلاقة دائما للتعبير عن حبه لأرضه في كل الأوقات والأزمات.  وما الاضراب العام والحداد في الضفة الغربية تضامنا مع غزة ومسيرة العودة إلا خير دليل أن هذا الشعب برغم الفرقة السياسية بين البعض من أركانه يمتلك القدرة على التوحد العفوي والتلقائي حين يتعرض بعضه لأية هجمة صهيونية صغيرة أو كبيرة في غزة وفي المدن الفلسطينية الأخرى، والله غالب على أمره.
 
كاتب ومحلل سياسي مستقل
 
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد