العراق في سلة إيران وكلاهما في بئر العقوبات - حامد الكيلاني

mainThumb

18-08-2018 02:31 PM

 وصلت الشعوب الإيرانية بعد 40 سنة من حكم الملالي إلى نقطة الانفصال واللاعودة مع النظام.

 
فالأجواء العامة لمن عاش فترة ما قبل سقوط الشاه، ومجيء سلطة الخميني في فبراير من العام 1979، تعيد للأذهان وللمراقبين ذلك الانجذاب الجماهيري لتشكيل كتلة متراصة وقوية، مادتها المعاناة والمأساة المشتركة، تضاف إليها حاليا قراءة متوفرة عن واقعية ما لحق بالمنطقة من كوارث، كان لولاية الفقيه الدور المكشوف في تداعياتها وانهيار شعوبها.
 
انتفاضة الفقراء والمهمشين والعاطلين عن العمل، وتضافر غضب التجار معها في بازار طهران الكبير، أكدا أن الخطر يطوّق الجميع دون استثناء، بما سيؤدي حتما إلى تمسك النظام، وهو في طريقه إلى الهاوية، بالشعوب الإيرانية سعيا منه لعرقلة نهايته وإبطائها، ورهانا منه على حجم وتأثير المأزق وإيجابيات ردود الأفعال الدولية بعد تشظي صدمة الانهيار إلى الدول المجاورة.
 
النظام الإيراني القائم، في كل الأحوال، يمثل قلة من الأسر الإيرانية المتنعمة بالثروات وما تجنيه من الفساد في مؤسسات الدولة.
 
لسنا بحاجة في العراق لتعداد أوجه الخراب في القيم الاجتماعية ومظاهر التردي الملحقة على التتابع بدرجات التراجع في الاقتصاد وتدهور قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الصعبة.
 
فخلف إخفاقات السياسة وإدارة الدولة ما يجرح كرامة الأرواح التي جربت آثار الحصار ويسرت لرئيس وزراء العراق حيدر العبادي فرصة تذكير المجتمع الدولي بأن العراقيين جربوا ويلات العقوبات سابقا، في إشارة منه إلى عدم تخلي نظامه عن دعم نظام الملالي في تجزئة تطبيق العقوبات بحجة تفهم شعب العراق لفداحة آثار العقوبات على الشعوب الإيرانية، دون أن يرف له جفن لماضيه ودور حزبه مع عملاء الأحزاب الأخرى في إطالة أمد الحصار على العراقيين.
 
لم يعد هناك ما يستتر به النظام الإيراني وتابعه في العراق، حتى في انكشاف نيات ما يعتمل في عقليتيهما الظلاميتين من تدابير لتمرير مشروعيهما، أو إطالة عمريهما في السلطة.
 
امتد الغضب الشعبي في إيران إلى ملاعب كرة القدم في قلب العاصمة طهران ومدن أخرى، ولم تتمكن كل أجهزة الأمن، بعناوينها المتعددة في الحرس الثوري، من تشويه الهتافات والاحتجاجات إلا باللجوء كالمعتاد إلى العنف والهراوات والاستعانة براكبي الدراجات النارية.
 
الملاعب الرياضية ومعظم التجمعات أصبحت تقلق النظام الإيراني، لأنها بدأت بتغيير حركة الاحتجاجات والمظاهرات والهتافات والإضرابات الشعبية والمسيرات السلمية، إلى التصدي للقمع والمعاملة بالمثل.
 
السائد اليوم هو تزامن الاعتقالات في إيران، مع اعتقالات للمتظاهرين في العراق، مع ظهور للطائرات السمتية في سماء الاحتجاجات في البصرة مع الغازات المسيلة للدموع وإطلاق للرصاص الحي بكثافة على المتظاهرين، مما أدى إلى استشهاد الشاب حارث برصاصة غادرة مجهولة التوقيت والهوية أثناء التظاهرة أمام حقل غرب القرنة 2.
 
وهو اغتيال بأصداء فضيحة طالت قوى مكافحة “الشعب” حيث تختلط الإرادات القمعية.
 
عائلة الشهيد حارث أكدت ومن شهود عيان أن حارث تم اعتقاله ليوم واحد ولم يقتل في التظاهرة، ثم أطلق سراحه في صباح اليوم التالي جثة إلى أهله نتيجة لتهشم الجمجمة.
 
من أطلق الرصاصة ومتى أطلقت عليه؟ وماذا يجري في المعتقلات؟ ولماذا تقف العشائر على غير عاداتها من مصائب أبنائها رغم أنها في مثل هذه القضايا لا تسكت على دم.
 
العبادي يتصرف وكأن أجهزته الأمنية والميليشيات، الخاضعة كما يؤكد دائما للقانون ولأوامره فقط، تتصرف وفق دوافعها الآنية الشخصية في أداء واجباتها لردع المتظاهرين، بل إنه كقائد عام للقوات المسلحة يطالب بإجراء التحقيقات لمحاسبة من يصفهم بالمخالفين أو المتجاوزين، بما يعطي الانطباع عن مدى هشاشة القيادات وأيضا عدم مسؤولية الدولة تجاه ما يصدر عنها بحق المواطنين إن كانوا من الشعب أو من المنتسبين مهما تعددت تشكيلاتهم أو فصائلهم.
 
الإيرانيون في مواجهتهم لعنف إرهاب نظام الملالي، وبتصعيدهم سقف مطالب الشعارات حد إسقاط النظام، إنما يريدون أن يمتلكوا ما يقررون به مصيرهم، قبل أن يقعوا في مصيدة تجربة ذروة الانتهاكات والتخريب في المنطقة.
 
إعلام الحرس الثوري يعترف بارتفاع نسبة من هم تحت خط الفقر إلى 80 بالمئة خلال سنة 2018 بما يعادل 50 مليون مواطن، كما أن انخفاض العملة تسبب بانخفاض راتب الوظائف قياسا إلى مؤشرات رواتب خط الفقر سابقا في إيران إلى أقل من الثلث منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي.
 
برزت إلى السطح في إيران، بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، مثالب الخلافات داخل المؤسسات الحاكمة المشهود لها بالصرامة والولاء المطلق، وذلك بارتفاع النقد حول الإخفاقات دون خوف مع كثرة اللوم بين الأجهزة الأمنية، أما المراتب الصغيرة في الحرس فهي من عامة الناس الذين سقطوا في فخ الفقر والإفلاس، وهم أيضاً على خطى التذمر.
 
ومن مؤشرات واقع التردي في النظام الإيراني تصريحاته تجاه العراق وهستيريا ميليشياته وتدخله الفاضح في العمل السياسي لحسم العراق كملاذ تجاري آمن ومفتوح من خلال إطلاق تلميحات متسرعة عن زيادة التبادل التجاري، أو بتوريط عملائهم في العراق لإعلاء أصواتهم مع زعماء الميليشيات ضد العقوبات الأميركية، أو بفرض إرادة بنادقهم على الشارع بالاغتيالات أو السرقات، أو ما هو أخطر بكثير في واجبات التهيئة لإطلاق الإرهاب وفسح المجال لكوارث جديدة تخلط الأوراق في العراق والمنطقة بإبعاد بعض القطعات المهنية عن واجباتها بقوة، لإيصال رسائل تحمل فحوى عواقب تطال من يخالف زعماء الميليشيات من السياسيين، حيث بات دور النظام الإيراني مكشوفا بما جرى ويجري في العراق.
 
مازالت الولايات المتحدة الأميركية تتحدث عن حكومة معتدلة في العراق، وسفيرها يبرئ النظام السياسي من تهمة خرق العقوبات.
 
إلى أين والحقائق في إيران تتجه إلى إعادة النظر بوحدة شعب العراق وأرضه وبمعالجات وخطط إنقاذ للنظام الإيراني ينبغي الانتباه إليها من قبل حركة الاحتجاجات لتجنب مصيدة إثارة النزعات المذهبية، وهي ورقته المفضلة في مثل هذه الأزمات لإخماد كل صحوة مواطنة لدى أبناء العراق.
 
بعد سفك الدماء ووصول الشعوب الإيرانية إلى نقطة اللاعودة مع نظام ولاية الفقيه؛ ماذا تبقى لدى العراقيين من بدائل غير توجه العشائر لمركز شرطة لتقديم بلاغ لمحاسبة منتسب يؤدي واجبه الرسمي المكلف به في قمع أو قتل المتظاهرين لحماية لنظام سياسي “مطلوب دم” لكل العراقيين.
 
نظام يحتمي بنظام سياسي “مطلوب دم” لكل شعوب المنطقة وشعوب العالم.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد