ماذا نريد من عادل عبد المهدي؟ - إبراهيم الزبيدي

mainThumb

06-10-2018 10:32 AM

 ليس لدى أحد من العراقيين المُبرئين من المصلحة الشخصية أو الحزبية أو الطائفية أو العنصرية مصلحةٌ في فشل عادل عبدالمهدي، أو إفشاله، بعبارة أصح. فالرجل مثقف وعاقل ومتوازن وغير دموي أوعدواني كنوري المالكي، ولا ضعيفا خائفا مترددا كسلفه حيدر العبادي. وهو بهذه الشخصية لا بد أن يكون قد فهم تفاصيل المعركة الساخنة التي أقحم نفسه فيها، وأدرك، سلفا، أن مصيره الاستقالة أو الإقالة المبكرة إن لم يحسن الاختيار، ويجيد الأداء.

 
وإذا كان الشعب العراقي المتأزم والمتوتر والصابر قد تحمل حيدر العبادي أربع سنوات من الوعود والتصريحات والقرارات الفاضية من أي روح إلى أن فار تنور البصرة في وجهه وأنزله عن عرشه، فإن هذه الروح الطويلة لدى العراقيين قد تبخرت ثلاثة أرباعها، ولم يعد لديه من صبره الطويل السابق إلا القليل.
 
ومع دخول الرئيس برهم صالح إلى القصر الجمهوري يكون الوضع السياسي الجديد قد شهد، ولأول مرة بعد عذاب سنين، نقلة نوعية واعدة بمجيء ثنائي منسجم في الطبيعة الشخصية والثقافية إلى أبعد الحدود، ومصمم على العمل المختلف رغم كل المعوقات.
 
فعادل عبدالمهدي، بمجيء برهم صالح رئيسا، يكون قد ربح داعما قويا لأية خطوات وقرارات جريئة قد يتخذها، لأن ما بينهما صداقة وانسجام ومودة قديمة ثابتة يعرفها كثيرون من المقربين لأحدهما أو لكليهما. من هنا يصبح بإمكاننا أن نرى تقدما نحو خير، إن لم يكن عميما وشاملا، فأول غيثه الوعد لتدور عجلة الإعمار والبناء المحررة من سطوة الذين تمرسوا بفرض الأتاوات والرشاوى على المستثمرين المحليين والضيوف.
 
وعندما تدور عجلة الاقتصاد، في أي من درجاتها البطيئة على الطريق الصحيح فإنها، في كل الأحوال، ستحقق المزيد من الاستقرار والأمن وفرص العمل تمهيدا لإغراء المئات وربما الآلاف من الشباب العاطل عن العمل بالخروج من العصابات والميليشيات والعودة إلى شاطئ الأمان، بعد خمسة عشر عاما من الفساد والاحتراب.
 
وأهم ما علينا فعله هو أن ننتظر للتعرف على أهم أمرين، الأول طريقة تعامله مع إرادة إيران وقراراتها ومصالحها على حساب مصالح العراق والعراقيين، والثاني استمرار تحكم الأحزاب والميليشيات والاعتبارات المصالحية الأخرى في الهيمنة عليه وعلى خططه، وخاصة فيما يتعلق باختياره لمن سيشغل الوزارات السيادية الأربع، الخارجية والداخلية والدفاع والنفط.
 
ومما لا يستطيع أحد إنكاره هو أن الوجود الإيراني الفاعل في العراق اليوم أمر حقيقي وأقوى من أية قوة أخرى، وأن للولايات المتحدة وجودا آخر لا بد أن يتجنب الاصطدام معه إن أراد الاستمرار والنجاح.
 
وستكون العقبة الأولى والأخطر على بقائه في السلطة هي موقفه الواضح والصريح والعلني من العقوبات الأميركية التي ستفرض على إيران أول الشهر القادم، فإن اتخذ موقفا مائعا ومشوشا كما فعل سلفه العبادي في هذه المسألة، فإن العراق سيعود إلى مربعه الأول دون ريب. وهل يستطيع أن يتخذ موقفا حازما من هذا النوع الذي يقرر اصطفافه مع شعبه ومصالحه العليا أم مع المصالح الإيرانية؟ نعم يستطيع. رغم أنه في هذه أيضا، حامل صليبه وسائر في حقل من الأشواك والعواسج والأفاعي والغيلان.
 
بعبارة أخرى، إن أغلب الظن أنه سيكون قادرا على المزاوجة بين المطرقة والسندان، ويستطيع إقناع الطرفين الإيراني والأميركي بأن الوقوف الوطني العراقي على التل في هذه المسألة أسلم لهما معا، في هذه المرحلة الدقيقة، وأن عليهما أن يتنازلا لرئيس الوزراء القادم باسم الإصلاح والبناء عن بعض حريته في التعامل مع ملفات أساسية من هذا النوع، خصوصا وأن شعبه ينتظر منه الكثير.
 
وإلى أن يتضح خط سيره الصعب بين إيران والولايات المتحدة، ومدى إصراره على النأي بحكومته عن الصراع الدائر بينهما، سوف تتضح توجهاته الأخرى الخاصة بفك العقد الداخلية المهمة الأخرى العالقة، ومنها، وأولها وأهمها، قطع الطريق على السياسيين الذين اعتادوا التدخل والتلاعب بشؤون الحكومة وقراراتها وسياساتها بما يضمن لهم دوام الهيمنة والسطوة والجبروت.
 
وقد يكون قرارٌ واحد جريء يتخذه عبدالمهدي بفتح واحد فقط من ملفات فساد أي من رفاقه القدامى في حزب الدعوة أو المجلس الأعلى أو غيرهما من الأحزاب وميليشياتها، كفيلا بإشعال الضوء الأخضر لشعبه العراقي لكي يدخل معه حلبة الصراع، ويكون له الظهير الحقيقي الذي يحميه ويمنع عنه شرور الكارهين والطامعين والفاشلين. تفاءلوا بالخير تجدوه.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد