ما الذي ستفعله القمة الرباعية في تركيا - ماجد كيالي

mainThumb

22-10-2018 03:48 PM

 يبدو أن القمة الرباعية التي تضم رؤساء كل من روسيا وألمانيا وفرنسا وتركيا، والتي تكرر الحديث عنها منذ شهرين، والمخصّصة لبحث الوضع في سوريا وإيجاد حل للصراع الحاصل فيها منذ ثمانية أعوام، ستعقد أخيرا في تركيا أواخر هذا الشهر.

 
في الملاحظات يبدو أن ثمة أطرافا أساسية منخرطة في الصراع السوري لن تشارك في هذا المحفل الدولي، في مقدمتها الولايات المتحدة، التي صرح مندوبها إلى سوريا جيمس جيفري، بأن بلاده (مع تركيا) تسيطر على 40 بالمئة من الأراضي السورية، بيد أن هذا التصريح لا يمكن فهمه باعتباره اعتراضا على القمة، إذ أن الولايات المتحدة ستتواجد في هذا الاجتماع عمليا من خلال كل الأطراف المشاركة فيه، لسبب بسيط مفاده أن كل طرف من الحاضرين في القمة يدرك أنه لا يمكن فعل شيء دون الولايات المتحدة، وثمة سبب ثان يدخل ضمن إدراكات العقل السياسي الأميركي ويفيد بأن عدم الحضور هو نوع من الضغط على الأطراف المعنية بالصراع السوري. الغائب الأكبر عن هذا المحفل هو إيران التي تتعرّض لعقوبات وضغوط أميركية، وتاليا إلى نبذ دولي واسع، علما أن ذلك الاستبعاد كان حصل في قمة سوتشي الثنائية بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان (17 أكتوبر).
 
هذا الاجتماع ربما يحدد العديد من التحولات أو قد تنجم عنه العديد من المعطيات، أولها يتعلق بكيفية التعاطي مع الوجود الإيراني في سوريا. وثانيها حسم مسألة الحلف أو التوافق الثلاثي الإيراني الروسي التركي، وضمن ذلك مسار أستانة. وثالثها إطلاق جولات جديدة من مسار جنيف وفق معطيات جديدة، لا سيما بعد تغيير المبعوث الدولي. ورابعها دراسة المواءمة بين المعايير الأميركية المنصوص عليها في اللاورقة التي طرحتها الولايات المتحدة مع ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والسعودية والأردن مطلع هذا العام، وتم تجديدها في الشهر الماضي مع انضمام مصر من جهة، والمطالبات الروسية في شكل حل الصراع السوري من جهة أخرى. وخامسها أن هذا الاجتماع سيحدد حجم النفوذ الروسي في سوريا وشكل الحل بالنسبة لسوريا المستقبل.
 
ثمة مشكلات كثيرة تعتري هذا الاجتماع ضمنها أولا؛ كيفية تعاطي إيران مع المحاولات الأميركية والدولية الرامية إلى تحجيم نفوذها في المنطقة وموقف روسيا من ذلك. ثانيا مدى التفاهمات التركية الأميركية، إذ أن الخلافات بين هذين الطرفين أثرت سلبا على السوريين وعلى المعارضة السورية، لذا فإن التوصل إلى تفاهمات مشتركة قد يسهل الحل السوري، ويشكل عامل ضغط على كل من روسيا وإيران، وقد شهدنا أن ذلك حصل في فرض الهدنة أو الحل المؤقت في إدلب الذي تم التوصل إليه في قمة سوتشي.
 
ثالثا يتوقف الأمر على الموقف الروسي وما إذا اقتنع الرئيس الروسي بأن قدرة روسيا على فرض حل معين وفق التصورات والمصالح الروسية استنفدت، وأن القمة الرباعية المقبلة يمكن أن تشكل السلم الذي يمكّن روسيا من النزول عليه، مع إدراكها أنها باتت في موضع استنزاف، وأنها غير قادرة على حل مشكلة اللاجئين ولا إعادة الإعمار ولا على فرض حل سياسي حسب معاييرها ومصالحها.
 
روسيا تدرك أن مصلحتها تكمن في الموازنة بين الحفاظ على مستوى معين من النفوذ في سوريا، برضى إقليمي ودولي، أو مزيد من الغرق والتورط في الصراع السوري دون الوصول إلى نتيجة معينة، بل ومع خسارة ما حققته. لذا فإن القمة الرباعية هي بمثابة مخلص لها وفقا لهذا الاعتبار.
 
رابعا للأسباب التي ذكرناها جميعا فإن الولايات المتحدة هي صاحبة قرار حسم الصراع السوري، فهي وحدها التي تمتلك القوة لفرض ذلك وهي وحدها المؤثرة على مختلف الأطراف، وهي وحدها التي تمتلك الإمكانيات لحل مشكلة اللاجئين ولإعادة إعمار البلد. لذا فالسؤال هنا هل بات صانع القرار الأميركي مقتنعا بأن هذا الصراع استنفد أغراضه، وأنه آن الأوان لفرض حل معين له؟ أو هل باتت الولايات المتحدة معنية بإيجاد توافقات مع مختلف الأطراف، لا سيما تركيا وروسيا، لحل الصراع السوري.
 
خامسا كل الاعتبارات المذكورة لا تخفي وجود تجاذبات بين الأطراف المشاركة في القمة حول المصالح وأولويات الحل، بين روسيا التي تركز على إعادة اللاجئين دون توفير البيئات المناسبة، وإعادة الإعمار دون توفر الإمكانيات اللازمة، وبين الأطراف الأخرى وكلها تعطي الأولوية لإخراج إيران من سوريا وتحقيق الانتقال السياسي، ولو كان ذلك من مدخل اللجنة الدستورية.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد