ما اسباب حالة (التشريت)التي تصيب الرجال بعد سن 55؟

mainThumb

07-03-2019 03:19 PM

 أصبت بالذهول صبيحة الخميس الماضي عندما هاتفتني احدى الصديقات ,وهي في شدة الغضب تصرخ وتقول :جوزي "شرت "..جوزي "شرت ". الحق أني دهشت جدا ,فأنا اعرف زوجها معرفة طيبة فهو رجل عاقل ومحترم,ويشغل منصب هام في احدى أكبر الشركات الوطنية ولديه عمل ناجح جدا , كما انه أب لثلاثة ابناء وبنت  بعضهم تزوج و البعض الاخر مازال على مقاعد الدراسة الجامعية !!

 

"شرت"..كلمة عامية وتستخدم عادة بدل من كلمة أصيب بالجنون او "ملوث" ..و بعد التحري و السوًال و مراجعة أكثر من مرجع طبي وتقرير صحي وسوًال الأطباءمن اصحاب الاختصاص النفسي   تبين أن ما تقوله الصديقة ليس غريبا ولا جديدا فكما تفيد الدراسات بأن ما نسبة 65بالماية من سكان العالم مصابون بالتشريت " وهو نوع من الاضطراب النفسي السلوكي. وعلى ما يبدو انه هنا عندنا في البلد موجود بنسب عالية خاصة بين الرجال من سن 55 فما فوق وطبعا الاقل سنا ليسوا بمنائ عنه .
 
حيث يربى الرجل في طفولته في  مجتمعنا الشرقي على أنه الرجل الذي من العيب و العار ان يبكي وانه الذي يتحمل كل شئ وهو حامي الاسرة وانه ممنوع من التعبير عن مشاعره او ان يظهر الخوف او حتى الحنان و العطف . ناهيك عن انه يكبر ويدرس ويعمل ,ومع الوقت يصبح كل همه أن يعرف من هو؟ وأين  هو وكم سيصبح لديه من المال و الثروة حتى يستطيع أن يجاري المجتمع الذي يعيش .
 
الرجل العربي في أغلب دولنا العربية لم يعش الطفولة,لم يحلم , لم يلعب ولم يمارس حياة الطفولة الجميلة وكل ما فيها .
 
أي انه تعرض للقمع منذ طفولته , هذه الصدمة الاولى في حياته أثرت في نفسه عميقا جدا ثم صدمة اخرى عندما يبدأ حياته الزوجية ويعمل ويكد ويجتهد ويبدأ في القلق  وينسى نفسه في العمل حتى يوفر لاسرته الحياة اللائقة.  وهنا يأتي دور الزوجة التي تربي وتقدم كل ما يلزم وتنوب عنه في كل شيء  وتسير الحياة وبعد سنوات يصبح لديه وضع ممتاز فيبدأ بالتفتيش عن نفسه ويتذكر (أنا )وأين ؟وتصيبه الصحوة ويتسأل أين ضاع شبابي فيبدأ باللف و الدوران .
 
وهناك صنف أخر من الرجال الذين يعملون ويكدحون ولكن رزقهم محدود وعليهم ضغوطات مادية هائلة وهذا الصنف ايضا يبدأ باللف و الدوران بحجة ضيق ذات اليد . 
 
وهناك من الرجل ممن لم يحب ويعشق فيبدأ باللف و الدوران بحثا عن الحب .
 
فئة اخرى حظيت بكل انواع الدلال و الرفاهية  في الصغر واستمرت في الحصول على كل ماتريد وفي حالات كثيرة اكثر مما تريد فيبدأ بالملل و الزهق حيث لم يعد هناك ما يرضيه فيدخل في حالة لف ودوران . .فتصير الزوجة"كخ"وموضة قديمة ومش عم تفهمني!تقليدية افكارها قديمة  لا تهتم بنفسها, الاولاد اهم مني .
 
فيبدأ يبجث عن الجديدة ذات المواصفات السوبر فيلقي بالماضي وراء ظهره ,وينسى حياته كلها ويبدأ من جديد وفعلا يصبح سلوكه كالملوث "المشرت "يبدأ يقارن بينها وبين نجمات السينما و التلفاز .
 
حالات عديدة بتنا نسمع بها في هذه الايام من زوج بعد 25 سنة زواج وحب وعلاقات مثالية واولاد ناجحين وحياة مليئة بالتفاوْل و التوكل على الله فجأة يتغير الرجل ويصبح قنبلة موقوتة في المنزل ويبدأ بالتعليقات النارية الغاضبة و الشتائم ثم في بعض الحالات مد اليد والاخطر ان هنالك من يبصح مع تقدمه بالمرض يوْلف على الزوجة و العائلة وهناك من ينزوي بنفسه في غرفته صامت صمت القبور .لكن لماذا كل هذا ؟انه المرض "التشريت" 
 
فتندلع الخلافات و الحرب الكلامية وهنا لابد من الاعتراف بأن المرأة العاقلة هي التي تحاول ان تحتوي هذا الجنون الطارئ فلا تصرخ و لا تستهجن بل تصبر وتتحمل وتعرف كيف تحافظ على بيتها .وان تساعده من خلا ل الاولاد و الاهل و الاصدقاء ان يعود الى رشده في حال تأكدت من انه فعلا مريض .
 
للاسف هناك حالات تقف فيها المرأة مكتوفة الايدي لانه يصبح كالحائط لا يصد ولا يرد . هناك العديد من الزوجات الصابرات ولكن مع الوقت تضعف المرأة وتصاب صحتها النفسية فتتأثر سلبا فهناك العديد من السيدات اللاتي   يتعاطين العقاقير النفسية بعد "تشريت "الازواج .
 
الجميع يعرف ان هذه الاضطرابات النفسية او التشريتات لها أسباب عديدة من مثل المشاكل الجذرية التي تقسم الظهر على سبيل المثال أكتشاف الخيانة لاحدى الزوجين أو افلاس الشركة أو خسارة المال أو موت عزيز أو اي جرح نفسي تعرض له الشخص في الطفولة كنا نعلم ايضا في الوقت نفسه انه هناك حلول لكل شي وان حالات المشاكل النفسية و الاضطرابات و التشريت لها أطباء مختصون ولها اساليب مبتكرة ولكن المهم ان يعترف الزوج أنه مريض وانه يجب ان يخضع للعلاج قبل ان يحرق الاخضر و اليابس حتى  لا يأتي بعد فوات الاوان وكما يقال بعد ما تخرب مالطا. و الحمد لله ان "حالات التشريت "هذه لم تصب الجميع فهناك العديد من الرجال الذين بلغوا الخامسة و الخمسين و الستين ولم يتغيروا ولم يتحولوا بل ازدادوا ايمانا بالاسرة و الزوجة. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد